يا ثوار سوريا هنيئا لكم .. لقد انتصرتم

عبد العظيم عرنوس

 
الجزم بانتصار الثورة السورية ليس من قبيل الأمنيات الحالمة والتكهنات ، أو الخيالات الطائرة ، بل هو الحق الذي وقع على الباطل فأجهز عليه وأزهق روحه النتنة .
ونحن نقرر بيقين بأن الثورة قد انتصرت ، وأول بشائر النصر الماثلة أمامنا النصر على الخوف ، فما عاد للخوف من طغيان الأسد وزبانيته وإرهابه مكان في القلوب والنفوس ، وزالت عقدة الخوف عندما توغلت الشجاعة في القلوب ، وهذا هو أعظم غزو كما يقول الفيلسوف بلاتو: غزو الإنسان لنفسه هو أعظم غزو يحققه الإنسان في حياته .
لقد كان شيطان الخوف يوسوس في النفوس فطردنا وسواسه بتعويذة الشجاعة، فخنس شيطان الخوف وتوارى واختفى .
ألم تر كيف أشاد الله تعالى بانتصار سحرة فرعون عندما خلعوا من قلوبهم ربقة الخوف من سطوة فرعون وزبانيته واستهانوا بوعيده : قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا.
يا ثوار سوريا لقد انتصرتم حقا عندما عقدتم العزم على التحرر من عبودية الأسد وزبانيته ، يقول ابن تيمية رحمه الله: الحرية حرية القلب، والعبودية عبودية القلب.
يا ثوار سوريا لقد انتصرتم يوم أن غردت حناجركم صادحة بالحرية، فأدبر الأسد له ضراط ؛ كما الشيطان يدبر له ضراط عندما يسمع الأذان.
يا ثوار سوريا لقد انتصرتم حقا .. فعبارات النصر تتفوه بها قلوبكم قبل أفواهكم ، لقد أبدعتم بشعاراتكم الفريدة التي لم نجد لها نظيرا في ثورات العربي ( يا ألله عجل نصرك يا ألله ) ( يا ألله ما لنا غيرك يا ألله )
في ضميري دائما صوت النبي *** آمرا: جاهد وكابد واتعب
صائحا: غالب وطالب وادأب *** صارخا: كن أبدا حرا أبي 
يا ثوار سوريا لقد انتصرتم عندما لم يستطع نظام الإرهاب والقهر أن يفل عزمكم أو أن يكسر شوكتكم ..لقد مضى على ثورتكم المباركة أكثر من سنة في وجه أشرس عصابات وشبيحة في العالم مدعومة بقوى أرضية من فارسية وروسية وقوى أخرى، فإذا بعزمكم يزداد قوة ، وأهدافكم تزداد وضوحا وتألقا ، وأيقنتم أن القوة قوة الله ، والقدرة قدرة الله ، والمشيئة مشيئة الله ، فعنها تصدر الأشياء والأحداث ، وهي القوة الفاعلة الوحيدة في الوجود .
إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون .. ولقد أراد الله نصركم عندما نصرتم الله – بعد أن أخذتم بالأسباب التي تستطيعونها ، وأعددتم العدة التي تطيقونها – وقد تخليتم عن جميع الأسناد الأرضية الواهية الزائفة.
يا ثوار سوريا لقد أبهرتم العالم بصمودكم وثباتكم وعزمكم ووضوح أهدافكم ، وأربكتم حسابات العالم كله ، فالعالم كله يقف الآن حائرا مشدوها مرتبكالا يدري كيف يتصرف حيال ثورتكم التي أصبحت قبلة الأنظار ، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم ، والله يؤيد بنصره من يشاء ، ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم.
ورحم الله الحر الأبي الشهيد سيد قطب وكأنه يتحدث عن ثورتكم ويراها رأي عين وهو يقول: إنه موقف حاسم في تاريخ البشرية . بانتصار العقيدة على الحياة . وانتصار العزيمة على الألم . وانتصار (الإنسان) على (الشيطان)!
إنه موقف حاسم في تاريخ البشرية بإعلان ميلاد الحرية الحقيقية . فما الحرية إلا الاستعلاء بالعقيدة على جبروت المتجبرين وطغيان الطغاة . والاستهانة بالقوة المادية التي تملك أن تتسلط على الأجسام والرقاب ، وتعجز عن استذلال القلوب والأرواح ، ومتى عجزت القوة المادية عن استذلال القلوب فقد ولدت الحرية الحقيقية في هذه القلوب .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين