يا أسرتي.. رمضان يطرق بابنا.. فلنخطّط لاستقباله

بقلم: أسماء صقر  

«من لم يخطط فقد خطط للفشل».. حكمة ليست لأصحاب الأعمال والأموال فقط، وإنما هي بالأساس لأصحاب الغايات ومستهدفي القمم والنجاحات، وإنه وقد بقي من الزمن أيام معدودة فلا بدَّ لنا من خطة في بيوتنا, ليكون هذا الـ (رمضان) مختلفاً هذا العام، وهو بالفعل كذلك.
السؤال الصحيح
ولنصل إلى الخطة الصحيحة علينا أن نطرح السؤال الصحيح، والسؤال الصحيح ليس: كيف أستعد لرمضان؟ أو كيف أستشعر رمضان؟ بل هو.. «ما الذي نريده من رمضان لنا ولأسرتنا؟».
إن إجابة هذا السؤال كثيراً ما سنجد أنها تنحصر في أرقام.. ما بين عدد ختمات القرآن، وساعات القيام وركعاته، والافطارات وغيرها كثير، بينما نحن في أمسِّ الحاجة إلى أن تتوسع إجاباتنا لتشمل أهدافاً أشمل وأعمق, ولذا علينا تحديد المحاور التي نريد لرمضان أن يعيد صياغتها في خطتنا، وهي محاور خمس:
المحور الأول: «الشخصي»، وهو الارتقاء القلبي والإيماني والخلقي والتحصيل الشرعي، وخاصة في علوم القرآن والعبادات واستبدال العادات وغيرها.
المحور الثاني: «الزوجي»، وهو ما نرغب في استدراكه من الالتقاء على الطاعات وإيجاد مساحات أكبر من الاهتمامات، من خلال الفرص الرمضانية الاجتماعية والخيرية والأسرية.
المحور الثالث: «الأسري»، ويتضمن التقارب وتنمية الحس الإيماني والاجتماعي والتعبدي والخلقي، وكذلك تعديل سلوكيات الأبناء معاً، وبشكلٍ متتابع.
المحور الرابع: «البيت»، من ترتيبات وتجهيز ونظام ونظافة وطعام لا يكلف وقتاً، واستعداداتٍ رمضانية أخرى.
المحور الخامس: «المجتمعي الدعوي»، وفيه من أعمال الخير والبر والمشاركة في الدعوة إلى الخير.
أمثلة للأهداف والوسائل
- معايشة القرآن وتدبره.. وسائله: (حفظ ثلاث آيات + قراءة صفحة واحدة من التفسير + قراءة حزب بِتَأنٍ شديد) يوميّاً.
- التقارب مع الزوج من خلال الالتقاء على طاعات متعددة.. صلاة ركعتين من القيام يوميّاً معاً+ قراءة ربع من القرآن يوميّاً.
والمشاركة معاً في عملٍ من أعمال البر، كإعداد «شنطة» رمضان ولو بسيطة، أو دعوة العائلة على مائدة الإفطار، وإعداد برنامج إيماني لهم وتنفيذه معاً.
- تعميق روح التواصل الأسري.. بالمشاركة من كل فرد في إعداد مائدة الطعام، وزيارة معاً لملجأ أيتام، وأذكار الصباح معاً بعد الفجر، ولعبة مثل عروستي عن أحد الشخصيات الإسلامية يوميّاً مثلاً.
- إعداد البيت لأفضل استقبال لرمضان.. بترتيب الملابس، وإخراج ما لا يُستخدم بشكلٍ أساسي في أكياس للتصدق بها.. تنظيم الأركان المنسية في البيت قبل رمضان.. إعداد ما يُسهِّل الطبخ للزوجة مثل اللحم المفروم والبصل المفروم والصلصة، وبعض الخضروات الجاهزة والعصائر المركزة.
واجها نقاط الضعف
ما الذي أضاع منا رمضان الفائت؟.. وما الذي أردنا أن ننجزه ولم نفعل؟ ولماذا؟.. لنواجه الثغرات التي نُؤتى منها ونسدها قبل رمضان.. فلنجلس مع أنفسنا جلسةً صادقةً ومتعمقةً، ولنخرج منها بنتائج مكتوبة، على سبيل المثال:
- أقضي وقتاً طويلاً في المطبخ.
- أضيع وقتاً طويلاً مع أصدقائي بعد التراويح.
- متابعة البرامج في التلفاز تشتتني وتستهلك كثيراً من وقتي.
- أكون مرهقة دائماً.
- العمل يستنفد نهاري تماماً، وبالتالي أُراكم كل ما أريد في الليل.
- لا أجد وقتاً للأبناء في رمضان إلا لماماً.
- العزومات تُضيع أوقاتاً وحسنات أحياناً!!.
وسائل أسرية جدّاً
- زينة رمضان.. نعلقها مع الأبناء في البيت والعمارة بمشاركة الجيران، وفي الشارع أو المسجد.
- مسابقة على مائدة الطعام.. لنجهز من الآن أسئلة متعلقة بما نريد توصيله لأبنائنا من قيم ومفاهيم ومعلومات، نسألها لهم على شكل مسابقة كل يوم على مائدة الإفطار أو السحور.
- شعارات على أبواب الغرف.. يمكننا تعليق جزء من لوحة (استيكر شفافة) على باب غرفة أو عدة غرف، وكتابة تذكرة يومية عليها مثل «خذ أجرك ممن أحببت أن يراك» أو «المسلم لا يقول إلا خيراً» أو «ليرينَّ الله ما أصنع».
- مسؤول الدعاء.. يدعو كل يوم جهراً فردٌ مختلف من العائلة حتى ولو كان لا يزال يتعتع، فيكفيه أن يعرف أن يقول: «يا رب»، ونطلب من الأبناء الدعاء بما يرونه مناسباً مع حثهم بطلب الدعاء منهم: «لا تنس أن تدعو لأبيك أن يعينه الله في عمله، وأن يرزق أمك البركة وجدّتك العافية، وأن ندخل جميعاً الجنة بغير حساب ولا عذاب.. اللهم استجب»، ولنعلمهم أثناء ذلك آداب الدعاء بشكل تلقائي.. «لنتجه جميعاً إلى القبلة... و...».
- رسائل.. يمكننا كتابة بعض أسماء الله الحسنى ونصائح قصيرة مستهدفة وغيرها على ورقٍٍ صغير جدّاً، ثم طَيِّه وجعله في علبة صغيرة، ثم ليأخذ كل فرد واحدة يوميّاً, فيطبق ما فيها، أو ليعلم حظ العبد من اسم ربه الذي تعلمه.
شواحن رمضانية
علاج الفتور الرمضاني الذي غالباً ما نجده في نقاط ضعفنا جميعاً بعد مرور عشرة أيام من الشهر لن يتم إلا بتجديدات، وإن كانت بسيطة مثل:
- التفكر في آيات الله المنظورة من مشاهد طبيعية وبدائع خلقه عزَّ وجلَّ بزيارةٍ لحديقة على سبيل المثال:
- الاعتكاف ولو لساعة بشكل منفرد.
- الإفطار مع الأسرة في مسجد أو مكان يدعو للتفكر بدلاً من البيت.
- شريط قديم لدرس مؤثر.
- تغيير مكان الصلاة من المسجد المعتاد الى مسجد جديد ولو ليوم واحد.
- مشاهدة فيديو للإعجاز العلمي أو قراءة مقال.
- مراجعة عقد الأسرة كل بضعة أيام لإثارة العزم، كما يمكننا تجديده بناءً على المستجدات.
ولا ننسى أن تكون خطتنا متدرجةً، فلا نبدأها حيث نريد أن ننتهي، ولكن لنبدأ باليسير ثم لنتدرج حتى نصل لغايتنا، خاصةً في القيم التربوية التي نريد توصيلها لأبنائنا، تماماً كما نعلم أبناءنا الصيام فيصومون ساعةً أو ساعتين ثم ثلاث ثم إلى الظهر.. وهكذا.. فلنتدرج معهم ولنتدرج كذلك مع أنفسنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين