وقفات على طريق النّصر




إخواني وأخواتي على أرض بلاد الشّام، المجاهدين الصّابرين على درب الكرامة والحرّيّة،

في خضمّ التّطوّرات المتسارعة على ساحة الصّراع المصيري بين قوى الشّرّ قاطبةً وشعب عانى الويلات وذاق الأمرّين من نظام إرهابيّ إجراميّ دمويّ على مدى ? عقود على أرض بلاد الشّام المباركة، لا بدّ من وقفات في السّياق المطروح حتّى لا تضيع البوصلة ومعها تضحيات وآلام وعذابات الملايين من القتلى والجرحى والمعتقلين والمشرّدين والمهجّرين من الشّعب السّوري..

كلمات موجزة أوجّهها أوّلاً إلى الإخوة الثّوّار والمجاهدين الأشاوس الّذين يجودون بأرواحهم في سبيل الذّود عن دينهم وأعراضهم وحرّيّاتهم وحقوقهم المشروعة، ثمّ إلى جميع الأحرار الّذين جاهدوا هم أيضاً بأموالهم السّخيّة أو بأقلامهم النّقيّة تصحيحاً وتصويباً لمفاهيم عَمِل هذا النّظام الموغل في إجرامه ووحشيّته وساديّته على طمسها أو تحريفها أو تزويرها بالحديد والنّار على مدى ? عقود..
كلمات إلى من يتقدّم عن جدارة لقطف ثمار ثورة العصر بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى..

?) حذار حذار أن تغترّوا بانتصاراتٍ منّها الله وحده عليكم، وتحسبوه من عند أنفسكم وعرض زنودكم أو طول لِحاكُم، أو لشدّة بأسكم وشكيمتكم في ساحات الوغى، فإنّها عندئذ تكون المهلكة لكم وللثّورة الّتي انضويتم تحت عباءتها..وتذّكروا دوماً وأبداً ما حييتم أنّكم إنّما نُصِرتم بشعار "يا الله ما لنا غيرك يا الله"، فاحفظوه في قلوبكم قبل عقولكم، وتوحّدوا تحت رايته، فبه وبه وحده تفلحوا وتنتصروا.. 

?) إيّاكم وإغفال مقاصد الدّين والقفز فوق كلّيّاته، فدون فقه بعض مقاصد الدّين وكلّيّاته مهالك وفتن ونزاعات..

?) إيّاكم والغلوّ في الدّين والتّشدّد في غير محلّه، ولتكن منهجيّة فهمه والعمل به قائمة على قاعدة الوسطيّة والتّيسير والرّفق دون إفراط ولا تفريط..

?) وكّلوا صياغة دولتكم المنشودة ودستورها ومكوّنات نهضتها على مختلف الأصعدة لنخب من العلماء العاملين والأخصّائيّين المجرّبين ممّن تقدّم بهم العمر وخاضوا غمار الحياة..

?) إيّاكم والفرديّة أو حتّى المجموع في تطبيق القصاص بعد تكوين دولتكم المنشودة، فتفتحوا على أنفسكم أبواباً من الثارات والكراهية ودوّامة من الإنتقامات لا تنتهي..
ومن أولى أولويّات الكيان الجديد تكوين هيكليّة لقضاء مستقلّ ونزيه، ومحاكمات قانونيّة عادلة...

?) توقّعوا أنّ ثورتكم وجهادكم قد يطول بعد سقوط الطّاغية السّفّاح وزبانيته من حوله، فوطّنوا أنفسكم لفتن كقطع اللّيل المظلم، فأعداء أمّتنا كُثُر ومن كلّ جنس ولون، وهم لنا بالمرصاد..

?) تذكّروا أنّ ثورة بلاد الشّام ليست لأرض أو لبعض المكاسب المادّيّة ولو كبُرت، إنّما لإحقاق الحقّ والحقوق بما يُرضى ربّنا الخالق العظيم الجليل..
إنّه بالمسمّى الدّارج صراع حضارات، حضارتنا ذات المرجعيّة الرّبّانيّة، وحضارة "الآخرين" ذات المرجعيّة المادّيّة الشّهوانيّة النّفعيّة على قاعدة "الغاية تبرّر الوسيلة"...
وشتّان ما بين هذه الحضارة وتلك!

وللموضوع شؤون وشجون أخرى لا بدّ لأهل العلم والإختصاص من الوقوف عندها تفصيلاً وتبياناً..

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين