وفاة الإمام الحُميدي حدث في السابع عشر من ذي الحجة

 
 
 
 الأستاذ : زاهد عبد الفتاح أبو غدة
 
في السابع عشر من ذي الحجة من عام 488 توفي في بغداد، عن 68 عاماً أبو عبد الله الحُميدي، محمد بن فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حمُيد بن يَصِل الأزدي الحميدي، الحافظ الكبير، المحدث المحقق، المؤرخ الأديب.
 
ولد الحميدي سنة 420 بجزيرة ميورقة Mallorca في شرقي الأندلس، وولد والده في رُصافة قرطبة، وله صلة بعلم الحديث، وحرص على أن يكون ابنه كذلك فكان يحمله وهو صغير على كتفه ليحضر مجالس التحديث، وأول سماع له كان في سنة 425 على شيخ والده أبي القاسم أصبغ بن راشد بن أصبغ اللخمي الإشبيلي، المتوفى قريباً من 440، قال الحميدي: وكنت أفهم ما يقرأ عليه.
 
وأخذ أبو عبد الله الحُميدي عن الإمام الحافظ أبي عمر بن عبد البر، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النَّمَري القرطبي، المولود سنة 368 والمتوفى سنة 463، وكان إمام الأندلس في علم الشريعة والحديث، وأحد أعلام العلماء ديناً ونزاهة، وقد أكثر الحميدي النقل عن ابن عبد البر في كتابه جذوة المقتبس في ذكر ولاة الاندلس وأسماء رواة الحديث وأهل الفقه والأدب وذوي النباهة والشعر، وهو كتاب ألفه ببغداد ليعرف بعلماء الأندلس، وقال فيه عن ابن عبد البر: وقد لقيناه وكتب لنا بخطه في فهرسة مسموعاته ومجموعاته، مجيزاً لنا، وكاتباً إلينا، بجميع ذلك كله، وتركته حياً وقت خروجي من الأندلس سنة 448، ثم بلغني وفاته.
 
وتتلمذ الحميدي للإمام ابن حزم الظاهري، علي بن أحمد، المولود سنة 384 والمتوفى سنة 456، ولازمه وقرأ عليه أكثر مصنفاته وأكثر من الأخذ عنه، وهو أكثر من يروي عنه من شيوخه في كتابه جذوة المقتبس، واشتُهِر بصحبته، وكان على مذهبه في اتباع ظاهر النصوص، إلا أنه لم يكن يدعو إلى ذلك المذهب، وهو الذي جمع أشعار ابن حزم، قال الحميدي قال : كان لشيخنا الفقيه أبي محمد بن حزم في الشعر والأدب نَفَس واسع، وباع طويل، وما رأيت أسرع بديهةً منه، وشعره كثير، وقد جمعته على حروف المعجم. وكان منهج ابن حزم في ترك مذهب مالك مرفوضاً أشد الرفض عند جلة علماء الأندلس، ورأوا فيه نذيراً لفوضى اجتهادية واستهانة بما كانت عليه البلاد من مئات السنين، فألبوا عليه الحكام، وناله النفي وحرقت كتبه.
 
رحل الحميدي في سنة 448 إلى المشرق، ويقول القاضي عياض إن هذه المحنة هي سبب رحيله، وسمع في القيروان عن شيوخها ثم اتجه نحو مصر في طريقه للحج، وحج الأندلس يمر بمصر دائماً، فسمع في مصر من أبي القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، وهو راو مكثر لم أعثر له على ترجمة، روى عن والده الإمام المحدث المتوفى سنة 392. وأخذ الحميدي في مصر عن أبي الحسين علي بن الحسن الخِلعي ساكن القرافة ولذلك سماه بالقرافي، وكان زاهداً عالي الرواية، وولد الخلعي بمصر سنة 405 وتوفي سنة 492 بعد وفاة تلميذه.
 
وسمع كذلك من أبي زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري، ذي الرحلة الواسعة، والمولود ببخارى سنة 382 والمتوفى بمصر سنة 461، وسمع بدمياط أبا القاسم عبد البر بن عبد الوهاب بن برد الدمياطي، ولم يقتصر الحميدي في سماعه على أهل الحديث، بل قرأ على سواهم من أئمة العلم كما هو ديدن العلماء الكبار، فقرأ في مصر على الإمام النحوي الزاهد أبي الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ، المتوفى سنة 469، وكان كبير النحاة في ديوان المملكة المصرية، وصاحب تعليقة مشهورة في النحو تبلغ 15 مجلداً.
 
وأخذ الحميدي في مصر عن العلامة الفقيه الشافعي، القاضي أبي عبد الله القُضاعي، محمد بن سلامة، المولود سنة والمتوفى سنة 454، وصاحب المؤلفات العديدة التي أهمها كتابه الشهاب: شهاب الأخبار في الحكم والأمثال والآداب، من الأحاديث النبوية، وقد جمع فيه 1200 من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحكمة في الوصايا والآداب والمواعظ والامثال، وأفرد أسانيدها في كتاب مستقل. وسمعه الحميدي عن القضاعي، ولذا كثر الواردون عليه يريدون سماعه منه، قال رحمه الله: قلت: صيّرني الشهاب شهاباً.
 
وأخذ الحميدي في مكة المكرمة عن المحدثة المعمرة كريمة المروزية المتوفاة سنة 463 وقد بلغت المئة، وسمع من أبي القاسم سعد بن علي الزنجاني، الإمام الحافظ المتقن الورع، المولود في زنجان سنة 380 والمتوفى مجاوراً سنة 471.
 
ورجع الحميدي من الحج إلى دمشق فالتقى فيها بالحافظ الخطيب البغدادي الذي كان يزورها، أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت، المولود سنة 392 والمتوفى سنة 463، وأخذا عن بعضيهما البعض، وروى عن الخطيب البغدادي، وكتب عنه أكثر مصنفاته، ويروي عنه في كتاب الجذوة، ولكن الخطيب البغدادي قليل الرواية جداً عن الحميدي في تاريخ بغداد. وأخذ في دمشق عن محدثها أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني المولود سنة 389 و المتوفى سنة 466.
 
وذهب من دمشق إلى بغداد، وأخذ فيها عن الإمام الخطيب والمحدث الحجة، مسند العراق، القاضي أبي الحسين محمد بن علي، المعروف بابن ابن المهتدي بالله، والمولود سنة 370 والمتوفى سنة 465، وأخذ عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة المولود سنة 375 والمتوفى سنة 365، وكان وكان إماماً ثقة صحيح الأصول، كثير السماع.
 
ثم ذهب من بغداد إلى مدينة واسط، وهي بينها وبين الكوفة، وسمع بها من القاضي أبي تمام علي بن محمد بن الحسن العبدي الواسطي المعتزلي، والمتوفى سنة 495، وكان مسند واسط في وقته، وهو من شيوخ الخطيب البغدادي، فلعله هو الذي أوصاه بالانحدار إليه. وأخذ الحميدي بواسط عن العلامة شيخ الأدب أبي غالب محمد بن أحمد بن سهل بن بشران الواسطي المعروف بابن الخالة، المولود سنة 380 والمتوفى سنة 465، وكان عالما بالأدب، راوية له، ثقة، بارعا في النحو، صار شيخ العراق في اللغة في وقته، وانتهت الرحلة إليه في هذا العلم.
 
ومكث الحميدي في واسط مدة ثم رجع إلى بغداد، واستوطنها، وأخذ فيها عن شيخ محدثيها آنذاك، الإمام الثقة المعمر، أبي الغنائم، عبد الصمد بن علي بن محمد بن الحسن بن الفضل بن المأمون بن الرشيد العباسي، المولود سنة 376 والمتوفى سنة 465، وكان نبيلا مهيبا، كثير الصمت، تعلوه سكينة ووقار، وكان رئيس آل المأمون وزعيمهم.
 
وفي بغداد توطدت الصلات بين الحميدي وبين أبي نصر ابن ماكولا، علي بن هبة الله، وكان أميراً من سلالة أبي دلف العجلي، ولد سنة 421 وقتل غيلة سنة 475، وهو مؤرخ من العلماء الحفاظ الأدباء، له كتاب الإكمال وكتاب إكمال الإكمال، في المؤتلف والمختلف من الأسماء والكنى والأنساب، قال ابن خلكان عن الأول: لم يوضع مثله. وابن ماكولا يروى كثيراً عن الحميدي في كتابيه، وقال عنه: صديقنا وهو من أهل العلم والفضل والتيقظ.
 
وكان الحميدي يثني على ابن ماكولا وكتابه الإكمال، وقال: ما راجعت أبا نصر ابن ماكولا في شيء إلا وأجابني حفظاً، كأنه يقرأ من كتاب، ما راجعت الخطيب في شيء إلا وأحالني على الكتاب، وقال: حتّى أبصره. وكان الحميدي يقول: ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب تقديم الاهتمام بها: العلل وأحسنُ كتاب صُنف فيها كتاب الدارقطني، ومعرفة المؤتلف والمختلف، وأحسنُ كتاب وضع فيه كتاب الأمير أبي نصر بن ماكولا، ووفيات الشيوخ وليس فيها كتاب، وقد كنت أردت أن أجمع في ذلك كتاباً فقال لي الأمير ابن ماكولا: رتبه على حروف المعجم بعد أن رتبته على السنين. ولم يقيض للحميدي أن يكمل كتابه فقد انشغل عنه بكتابه الآخر، الجمع بين الصحيحين للبخاري ومسلم، وحال الأجل المحتوم دون ذلك.
 
ومن الطريف أن يأخذ عن الحميدي في بغداد عالم أندلسي جليل هو القاضي أبو بكر ابن العربي، محمد بن عبد الله الإشبيلي، المولود سنة 468 والمتوفى سنة 543، وصاحب الكتاب الشهير العواصم من القواصم، فقد جاء من الأندلس إلى بغداد مع والده، والتقى بالحميدي وروى عنه عديداً من الأخبار.
 
ودخل بغداد من الأندلس في سنة 482 محدث هو أبو عليّ الحسين بن محمد الصدفي السرقسطي المعروف بابن سُكَّرة، والمولود سنة 452 والمتوفى شهيداً سنة 514، فمدَّ إليه الحميدي يد المساعدة في تعريفه على الشيوخ، قال ابن سكرة في كتاب مشيخته: كان يدلني على المشايخ، وكان متقللاً من الدّنيا، يموّنه ابن رئيس الرؤساء.
 
وكان في بغداد شيخ جليل مسند هو أبو الغنائم البغدادي، محمد بن علي البغدادي الدقاق، المتوفى سنة 488، وكان متفرداً برواية مسند الإمام يعقوب بن شيبة، المولود سنة 202 والمتوفى سنة 262، وكان أبو الغنائم شرس الأخلاق نفور الطيع، فتحاشاه طلبة العلم، ولكن الحميدي كان يشجع ابن سكرة على الذهاب إليه والصبر على ما عنده للفوز بهذه الرواية المتفردة، قال ابن سكرة: كان الحميدي يحضني على قراءة ما عنده من مسند يعقوب بن شيبة، ويقول: لو وجد كلام يعقوب على أبواب الحمامات للزم أن يقرأ، فكيف وهو مسند لا مثل له!؟ ولم تستمر هذه العلاقة بين الحميدي وبين ابن سكرة فيما يبدو إذ يقول ابن سكرة: ثمّ جرت لي معه قصص أوجبت انقطاعي عنه.
 
استوطن الحميدي بغداد، وشتان ما بين جوها الحار الجاف وجو بلدان الأندلس المعتدل، ولذا كان يعاني من الحر في الصيف، ويهرب منه بأن ينغمس في وعاء مليء بالماء أشبه ما يكون بحوض الاستحمام، قال تلميذه يحيى بن الحسن ابن البنّاء، المولود سنة 453 والمتوفى سنة 531: كان الحميدي من حرصه واجتهاده ينسخ بالليل في الحرّ، فكان يجلس في إجّانة ماءٍ يتبرّد به.
 
عاش الحميدي حياة تقشف وزهد، وتقى وورع، منصرفاً بكليته لطلب العلم والإفادة والتصنيف، وكان من وجهاء بغداد في ذلك الزمان الوزير أبو القاسم المظفر بن علي بن الحسن بن المُسْلِمة ابن رئيس الرؤساء، المتوفى سنة 491، وكان فاضلاً يجمع في داره أهل العلم والدين والأدب، وكان الحميدي من زهده يبيت في داره، وهو الذي يتعهده، قال الإمام المحدث الزاهد أبو بكر بن الخاضبة، محمد بن أحمد بن عبد الباقي، المولود سنة نيف وثلاثين وأربعمئة والمتوفى سنة 489: لم أسمعه يذكر الدّنيا قطّ.
 
صنف الحميدي عدة كتب المنشور منها كتاب الجمع بين الصحيحين، وكتاب جذوة المقتبس في أخبار علماء الأندلس، وقد سبقت الإشارة إلى أنه ألفه في بغداد وكتبه من حفظه، ومن قرأ مقدمته تبين له تواضعه الجم وفضله الوافر، قال فيها رحمه الله: فإن بعض من ألتزمُ واجبَ شكره على جميل بره، لما وصلت إلى بغداد، وحصلت من إفادته على أفضل مستفاد، نبهنى على أن أجمع ما يحضرنى من أسماء رواة الحديث بالأندلس، وأهل الفقه والأدب، وذوى النباهة والشعر، ومن له ذكر منهم، أو ممن دخل إليهم، أو خرج عنهم، في معنى من معانى العلم والفضل، أو الرياسة والحرب.
 
فأعلمته ببعدى عن مكان هذا المطلوب، وقلة ما صحبنى من الغرض المرغوب، وأنى إن رمته على قلة ما عندى، وتعاطيته على انقطاع موادى وبُعدى، لم أخل من أحد وجهين: إما أن أبخس القوم حظهم وأنقصهم، فأتعرض للائمتهم فيما أوردت، وأقف موقف الاعتذار فيما له قصدت؛ وإما أن أوهم من رأى قلة جمعى، ونهاية ما في وسعى، أنه ليس من أهل الفضل في تلك البلاد، إلا نزر من الأعداد، فأكون بعد احتفالى لهم قد قصرت بهم، وعند اجتهادى في ذكرهم قد أخللت بفخرهم ... ولحرصى على قبول هذا التنبيه، وإن قل ما عندى فيه، بادرت إلى جمع المفترق الحاضر، وإخراج ما في الحفظ منه وإتعاب الخاطر، رجاء الثواب في تنويه بعالم، وتنبيه على فضل فاضل، وتوقيف على غرض، وتحقيق لنسب أو خبر؛ ولا يخلو أن يكون في أثناء ذلك زيادة علم تقتنى، أو ثمرة أدب وشعر تجتنى.
 
وعلينا إن بلغنا إلى المراد، في سلوك تلك البلاد، أن نستأنف الاستيفاء مع وجود المواد إن شاء الله عز وجل، وبالله تعالى نستعيذ من موارد الزلل، وإياه نستعين على إدراك الصواب في القول والعمل، وهو حسبنا في كل أمل، ونعم الوكيل.
 
أما كتبه التي لم تصل إليها يد النشر فمنها كتاب مختصر يجمل تاريخ الإسلام اسمه بُلغة المستعجل انتهى فيه إلى خلافة المقتدي، وكتاب الأماني الصادقة، وتسهيل السبيل إلى علم الترسيل، وكتاب ذم النميمة، والذهب المسبوك في وعظ الملوك، وكتاب ما جاء من النصوص والأخبار في حفظ الجار، ومخاطبات الأصدقاء في المكاتبات واللقاء، وكتاب من ادعى الأمان من أهل الإيمان، وكتاب بلغة المستعجل في التاريخ، وكتاب الفوائد المنتقاة، وكتاب تفسير غريب ما في الصحيحين.
 
أما كتابه الجمع بين الصحيحين، فقد رتب الأحاديث فيه على حسب فضل الصحابي الراوي، فقدم أحاديث أبي بكر وباقي الخلفاء الأربعة، ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة، وتميز الكتاب بأن الحُميدي ربما يزيد زيادات من تتمات وشرح لبعض ألفاظ الحديث وقف عليها في كتب من اعتنى بالصحيح كالإسماعيلي والبرقاني، ويميز ذلك بعزو الزيادات إلى مصادرها، ولذا قال ابن الأثير في جامع الأصول: واعتمدت في النقل من الصحيحين على ما جمعه الحميدي في كتابه، فإنه أحسن في ذكر طرقه، واستقصى في إيراد رواياته، وإليه المنتهى في جمع هذين الكتابين .
 
كان الحميدي متبحراً في علم الأدب والعربيّة، حسن النغمة في قراءة الحديث، ذا فصاحة وترسّل، وله شعرٌ رصينٌ في المواعظ والأمثال، مثل أغلب علماء المسلمين، وشعره أشبه بشعر الفقهاء في قلة أبياته ومواضيعه وألفاظه، ومن ذلك قوله في العزلة وتجنب الناس وإضاعة الوقت معهم:
 
لقاء الناس ليس يفيد شيئاً ... سوى الهذيان من قيل وقال
فأقلل من لقاء الناس إلا ... لأخذ العلم أو إصلاح حال
 
وقال في الرحلة الواسعة مكاناً وزماناً التي قام بها في طلب العلم:
 
ألِفتُ النوى حتى أنست بوحشتي ... وصرت بها لا بالصبابة مولعا
فلم أُحص كم رافقت فيها مرافقاً ... ولم أحص كم يممت في الأرض موضعا
ومن بعد جوب الأرض شرقاً ومغرباً ... فلا بد لي من أن أوافي مصرعا
 
ومما قاله مبيناً منهجه في العودة إلى مواقف السلف في الأمور الخلافية:
 
كلام الله عز وجل قولي ... وما صحت به الآثار ديني
وما اتفق الجميع عليه بدءاً ... وعوداً فهو عن حق مبين
فدع ما صد عن هذا وخذها ... تكن منها على عين اليقين
 
ومن شعره:
 
طريق الزّهد أفضل ما طريق... وتقوى الله تأدية الحقوق
فثق بالله يكفك واستعنه... يعنك ودع بنيّات الطّريق
 
وأوصى الحميدي بوقف كتبه بعد وفاته فحصل منها انتفاع كبير، وأوصى إلى الوزير ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم المظفر بن علي بن الحسن بن المُسْلِمة ، أن يدفنه إذا مات عند قبر بشر الحافي، فخالف ابن رئيس الرؤساء وصيته ودفنه في مقبرة باب أبزر، فلما مضت مدة رآه المظفر في النوم يعاتبه على مخالفته، فنقل في صفر سنة 491 إلى مقبرة باب حرب ودفن عند قبر بشر، ووجد كفنه حين نقل وبدنه طرياً تفوح منه رائحة الطيب.
 
قال الحميدي رحمه الله:
 
من لم يكن للعلم عند فنائه ... أرَجٌ فإن بقاءه كفنائه
بالعلم يحيا المرء طول حياته ... فإذا انقضى أحياه حسن ثنائه

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين