وظهر الدجَّال

بتُّ أستشعِرُ اليومَ أكثرَ من أي وقتٍ مضى حالةَ المجتمع الذي سيظهر فيه الدجال، ويتلقى دعوته بالحفاوة والترحيب، وكأني به يطوف بلاد العالم ويُفرَش له السجادُ الأحمر باعتباره أحدَ أقطاب الإصلاح الاقتصادي والنهضة الحضارية.

أشعرُ وكأنَّ بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة في عالمنا الإسلامي البائس سوف يتصدَّرون المشهد ويقودون حملته المضللة بالتلبيس على العوام بطرائق شتى، سيكون منها بلا شك مهرجانات "الرحمة للجميع" !!

أحدُهم: يا أخي ألا ترى ما يقدِّمُه هذا الرجل للإنسانية من المنح والمكرُمات، وأنه يمرُّ على البلدة المجدبة القاحلة فتهتزُّ وتربو، ويقضي على المجاعات والأزمات الاقتصادية، أليس هذا من الخير والإحسان الذي لا يجوز جَحدُه.

أحمق آخر: يجبُ التصدي للتكفيريين والخوارج الذين يحكمون على الرجل بالكفر وهم يقفون دائما ضدَّ أي تجديد واجتهاد في الدين، وخطاب هؤلاء تحريضي يدعو إلى نشر التطرف والإرهاب.

متحذلِق آخر: يجب النظر إلى الموضوع من جهة سياسيةٍ مقاصدية، وأنَّ الرجل ليس شرًا محضًا، بل عنده خير ولديه عديدٌ من الإنجازات والمشاريع النافعة للبشرية، ولعل المصلحة المرحلية هي في السكوت وعدم الإنكار، لما يترتب على ذلك من المفاسد، والقاعدة الشرعية تقضي ب "أنَّ درء المفاسد أولى من جلب المصالح" !!

خرِف آخر: يا جماعة؛ نحن في زمن الاستضعاف، والقوى العالمية كلها تسانده وتقف إلى جانبه، ولا طاقة لنا بمجابهتهم، والله تعالى يقول في كتابه: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).

درويش آخر: نحن نعتقد أنَّ هذه الخوارق التي جاء بها ما هي إلا من الكرامات الربانية التي تدلُّ على تأييده، وأنه غوث وقطب من أهل الوَلاية، ألا ترون أنه يأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تخرج كنوزها فتخرج كنوزها !!

انهزاميٌّ آخر: أخبروني أنتم أيها المنكرون ماذا قدمتم للبشرية سوى التنظير وأنتم متكئون على الأرائك.

آخر وآخر وآخر: هل أقمتم عليه الحجة؟!

ما يدريك بماذا سيُختَم له؟!

لعله أن يكون عند الله أفضل منك!!

هل أنتم تملكون مفاتيح الجنة والنار؟!

ولا أستبعد أنَّ منهم من سيقول: إذا لم يدخل الجنة فلا أريد دخولها.

وربَّما يصلي عليه عند موته بعض المفتونيين من تاركي الصلاة أصلا.

أما الأنظمة الحاكمة الموالية فسوف تُجري تعديلاتٍ دستوريةً عاجلة، وتنجح في استصدار قانونٍ يُجرِّم من يطلق عليه صفةَ "الدجال" بتهمة إطالة اللسان.

اللهم إنا نعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وفتنة أزلامه وأنصاره ومعاونيه، وفتنة حاشيته وكهنته وجنده.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين