ورقات في تاريخ القدس وفلسطين(10)

تيودر هرتزل وفسطين وموقف السلطان عبد الحميد 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد.

تيودر هرتزل وحاخامات اليهود: حبك تيودر هرتزل خيوط المؤامرة على فلسطين في مؤتمر (بال) في سويسرا، عام: (1897م)، وخرج المؤتمرون بقرارات عدة، رسمت طريق هجرة اليهود إلى فلسطين، وكان من أبرزها: محاولة الحصول على موافقات دولية على مشروعية الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وإنشاء شركات لتمويل شراء الأراضي الفلسطينية، إضافة لذلك وجَّه تيودر هرتزل رسائل إلى العائلة اليهودية الثرية: (روتشيلد) يلتمس منهم فيها الدعم المالي؛ لإنقاذ اليهود المعذبين في العالم، وقد لقيت دعوة تيودر للهجرة إلى فلسطين معارضةَ كثير من اليهود، على رأسهم الحاخامات، فكانوا يرونها قريبةً من الكفر؛ لأنها تستعجل إرادة الله في عودة اليهود لأرض الميعاد، كما أنها دعوة أشبه ما تكون بالخيال، ولكنه كان رجلاً عنيداً، مؤمناً بدعوته؛ فثبت عليها حتى أثمرت.

تيودر والسلطان عبد الحميد الثاني: أدرك تيودر هرتزل أن أمامه عقبة كبيرة لن يتمكن من تحقيق حلمه في فلسطين قبل أن يتجاوزها، وهي السلطان: عبد الحميد الثاني؛ فقابله عام: (1902) وعرض عليه قضاء ديون العثمانين وغيرها من المغريات؛ مقابل إعطاء اليهود وطنًا في فلسطين؛ فرفض السلطان عبد الحميد كل تلك العروض، وأغلق كلَّ الأبواب في وجه تيودر؛ لأنه أدرك -قبل غيره- أبعاد هذه المؤامرة وأخطارها، وأخذ يتتبع تفاصيلها في العالم، ويتخذ من القرات في فلسطين ما يحدُّ بها من هجرة اليهود إليها؛ وأدرك تيودر واليهود أن وجود السلطان عبد الحميد يعني ضياع حلمهم في فلسطين؛ فعملوا على إسقاطه، وكان لهم ذلك بأيدي أعضاء جمعية: الاتحاد والترقي التركية.

وعد بلفور: كان من آثار هزيمة العثمانيين وألمانيا في الحرب العالمية الأولى؛ أن حصل تيودر هرتزل من صاحبه بلفور، وزير الخارجية البريطاني على وعد، يمنحهم فيه حقَّ إقامة وطن في فلسطين، وكان الوعد مجرد خطاب، لا يحمل أي صبغة قانونية، ومع ذلك أصبح الأصل الرئيس، الذي يعتمد عليه اليهود في إقامة دولتهم في فلسطين، وبعده أخذوا يتوافدون إليها، تدعهم في ذلك إنجلترا، وبدأت ضدهم حركات المقاومة الشعبية، وكان من أبرز قادتها: عز الدين القسام.

أخطر قرار اتُّخذ بحق فلسطين: في عام: (1948م) أُعلن قيام دولة إسرائيل؛ وفقًا لقرار الأمم المتحدة، الذي قضى بتقسم فلسطين إلى دولتين: يهودية وفلسطينية، وكان بعده النكبة، التي خسرت فيها خمس دول عربية الحرب مع إسرائيل.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين