وداعاً غرناطة (2)

رجال ومواقف

وداعاً غرناطة (2)


(1)

موسى بن أبي الغسان – رجل

"وقع حوافر جياد، قعقعة سلاح ثم صمت"

موسى: وداعاً يا غرناطة وداعَ غير قالٍ ولا كاره، ما فرطت والله في حقك، لكنني أحمل أوزار الآخرين. هم اختاروا التسليم، لكنني اخترت الجهاد، وعسى أن أُرزَق الشهادة التي طالما رجوتُ أن أنالها. "صوت بكاء"

موسى: ويحكم يا قوم ولِمَ البكاء!؟ أهذا أوانُ الدموع!؟

الرجل: كيف لا وها قد كاد الإسبان يدخلون غرناطة غالبين ظافرين؟

موسى: "في صوت قوي" دعوا العويل للنساء والأطفال، نحن رجال خُلِقنا لا للبكاء، ولكن لإراقة الدماء، وإن بوسعنا أن نختار.

الرجل: "مدهوشاً متعجباً" وأيُّ اختيارٍ لنا يا ابن أبي الغسّان؟

موسى: موت نبيل مجيد؛ فلنسقط جميعاً تحت أسوار غرناطة، وإنْ لم يظفر أحدنا بقبرٍ يستر رفاته، فإنه لن يعدم سماءً تغطيه.

الرجل: أنت والله فارس غرناطة حقاً!.. شتان شتان بين الأنجاد المجاهدين، وبين الجبناء المتقاعسين.

(2)

موسى – نعيم بن رضوان – محمد بن زائدة

موسى: يا نعيم بن رضوان، يا محمد بن زائدة، أنتما بطلا غرناطة، فليأخذ كل منكما طريقه إلى بابٍ من أبواب المدينة، ليكون وجوده بين حرّاسها المجاهدين سبباً للقوة والحمية في هذه الساعات الأخيرة من عمر غرناطة الغالية.

نعيم: أنت والله يا موسى فارس غرناطة وبطلها، وما نحن إلا قبسٌ من بطولتك.

محمد: صديق نعيم والله، أنت قائدنا يا موسى.

موسى: أيها الأخَوان الباسلان، ها هي ذي غرناطة تكاد تسقط، اذهب أنت يا نعيم إلى بابها الشرقي، وأنت يا محمد اذهب إلى بابها الغربي.

نعيم ومحمد: كما تريد يا موسى، لكن أين ستذهب أنت؟

موسى: سألقي نفسي في قلب المعركة، وداعاً أيها الأخَوان الغاليان وموعدنا الجنة إن شاء الله.

نعيم ومحمد: إن شاء الله.. إن شاء الله.

"صمت قصير.. ثم صوت أذانٍ يعلو" الله أكبر، الله أكبر...

نعيم ومحمد وموسى: يرددون مع المؤذن كلمات الأذان. "صمت قصير"

موسى: ربما كان هذا آخر أذانٍ نسمعه، وداعاً أيها الأخَوان، بالله لا تنسوا.. موعدنا الجنة إن شاء الله.

"أصوات حوافر الجياد وهي تنطلق"

(3)

موسى وحده 

موسى: "يردد لنفسه مكرراً"

يا حبذا الجنة واقترابها           باردة وطيب شرابها      

ركضاً إلى الله بغير زاد إلا التقى وعمل المعاد    

"صوت معركة عنيفة، قعقعة سلاح، صهيل خيول، أصوات مقاتلين، هتافات تعلو بالتناوب"

صوت: يا جنود الإسبان أقدموا أقدموا!.. ساعة من نهار لتكون غرناطة بين أيديكم.

صوت: يا جنود الإسلام، الثبات الثبات!.. موتٌ في طاعة الله، خيرٌ من حياة في معصية، يا جنود الإسلام أن تذهبوا إلى ربكم شهداء مغلوبين، خيرٌ من أن تعيشوا مع الإسبان أذلاء مقهورين.

صوت: يا جنود الإسبان، شددوا الهجوم فالنصر قد اقترب.

صوت: يا جنود الإسلام!.. هبَّت رياح الجنة، فأخلصوا بيعَ أنفسكم لله، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله محمد رسول الله.

(4)

موسى بن أبي الغسّان – قائد إسباني وزميله فيليب – عدد من الجنود الإسبان

القائد: فيليب.. انظر يا فيليب!.. مَن هذا الغارق في الحديد، يخب به جواده هناك؟ "صوت حوافر الجواد"

فيليب: دعني أدقق النظر يا سيدي القائد. "فترة صمت يسمع فيها صوت حوافر الجياد"

فيليب: إن لم أخطئ فإنه موسى بن أبي الغسان يخب به جواده قرب النهر.

القائد: وكيف عرفت ذلك يا فيليب؟

فيليب: طالما شاهدتُه في غرناطة يوم كنت آتيها قبل حربنا هذه.

القائد: ينبغي ألّا يُفلِت من أيدينا، "بصوت آمر" ورائي يا جنود!.. "صوت انطلاق الجياد، صهيل ووقع حوافر"

القائد: عرفناك يا ابن أبي الغسان!.. فاستسلم نعرف قدرك ومنزلتك.

موسى: "هازئاً غاضباً" أمِثلي يستسلم أيها العِلج!؟

القائد: "غاضباً" افتكوا به أيها الجنود!.. صوت قتالٍ بالسيوف يُسمع فيه موسى وهو يردد مكرراً:

يا حبذا الجنة واقترابها           باردة وطيب شرابها     

القائد: عجباً يا فيليب!.. لقد صرع من جنودنا خمسة فرسان، أمَا إنه لَفارسٌ شجاع حقاً.

موسى: "يكرر"   يا حبذا الجنة واقترابها           باردة وطيب شرابها([1])

          "يستمر صوت المعركة، ثم صوت ضربة شديدة"

موسى: الله أكبر، فزتُ وربِّ الكعبة!.. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. يا نعيم بن رضوان!.. يا محمد بن زائدة!.. موعدنا الجنة إن شاء الله، موعدنا الجنة إن شاء الله.

*****

 

([1])  من شعر جعفر بن أبي طالب في غزوة مؤتة.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين