وحدة الشعب السوري مكون رئيس في التغيير القادم

 شعبنا السوري العظيم:

كما كان السوريون جميعاً يداً واحدة بكل مكوناتهم الدينية والمذهبية والعرقية والطائفية، وشركاء في حركة التحرر الوطني من الاحتلال الفرنسي وتحقيق الجلاء عن ترابنا الوطني، فهاهم اليوم قد انطلقوا أيضاً يداً واحدة للتغيير الوطني والسلمي في استعادة حريتهم وكرامتهم - من نظام مستبد فاسد طاغ أذاقهم فيها ألواناً من القهر والحرمان لعشرات السنين - وتشييد مجتمع ديمقراطي من خلال نظام برلماني حرّ يكِّرس سيادة القانون في دولة المواطنة بكل مكوناتها وشرائحها، يكون ابناء الشعب السوري فيها جميعاً إخوة في الوطن , وشركاء متساويين في الحقوق والواجبات.
ولئن سجل التاريخ قديمه وحديثه في سورية نموذجاً رائعا للتعايش والتسامح بين كافة المكونات المجتمعية ديناً ومذهباً وعرقاً، وأغناها ثقافة وحضارةً، فإنه يسجل اليوم هذه المعاني الرائعة تجديداً وتأكيداً, وقد تحرك السوريون للخلاص من الاستبداد والفساد , وبعض شعاراتهم المرفوعة: (مسلمين ومسيحية، وسنة وعلوية، وعرب وأكراد كله بدو حرية ) ، وهي شعارات تؤكد البعد الوطني الواعي لحركة التغيير والخلاص من القامعين واللصوص، والمضي نحو المستقبل متوحدين وطنياً ومؤكدين أن ( الشعب السوري واحد واحد واحد ).
أيها الشعب السوري العظيم :
 بوعيك وإرادتك وحكمتك تستطيع أن تؤكد في هذه الأيام التاريخية الفاصلة ألا مكان للفرقة والاختلاف بين أبناء وطننا وذلك بالتحرك يداً واحدة نحو مستقبل أفضل وطناً وشعباً ، بعيداً عن كل العصبيات الدينية والطائفية والعرقية البغيضة ، فكلنا شركاء في الوطن نرفض كل معاني الفرقة والفتنة التي تؤثر على الوحدة الوطنية. ولنتعاهد جميعا يا أبناء شعبنا أحفاد زنوبيا وخالد والقعقاع وإبراهيم هنانو والشيخ بدر الدين الحسني وصالح العلي وسلطان الأطرش أن يكون بعضنا لبعض يداً واحدة، نصُون دماءنا وأموالنا وأعراضنا متضامنين متكافلين جميعاً، ويأخذ بعضنا بعزائم بعض ، من خلال دولة المؤسسات والمواطنة ، لنحقق النهوض والاستقرار والتقدم لشعبنا وبلدنا ، الذي عانى طويلاً من الفساد والتخلف والامتهان، بعيداً عن كل الآراء
 
 والأفكار والفتاوى مما كان لها سياقاتها وظروفها التاريخية التي نعتقد أنها تغيرت وتبدلت، فضلاً عن أن الهدي الرباني الوضّاء يؤكد على فردية المسؤولية وعدالة التعايش وسماحته، من مثل قوله تعالى: ( ولاتزر وازرة وزر أخرى, وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )، وقوله أيضاً: ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم )، وقوله عز وجل: ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) .
كما أنا ندعوا بهذه المناسبة كل من أخطأ ويخطئ بحق مواطنيه أياً كان السبب وأياً كانت الظروف أن يغتنمها فرصة للتوقف الفوري عن ممارساته وبدون تردد ، والرجوع حالا إلى الصواب والرشد قبل فوات الأوان، ليكون في صف شعبنا في حركته التغيرية السلمية الهادرة  نحو مستقبل أفضل لسورية الحرة وطناً ومواطنين يليق بمكانة سورية الحضارة والتاريخ والعبقرية والإبداع والموقع . كما ندعوا الجيش السوري بكافة قواه وعناصره أن يكون جيش الوطن والشعب في الدفاع عن الأرض والشعب، ونناشده بكل ما فيه من غيرة وطنية ونخوة وشهامة وكرامة وعزة وإنسانية ، أن يكون الحامي المخلص لصدور جماهير الشعب وأعراضه وأمواله في طلبه للحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية ، وأن يكون سلاحه ورصاصه موجهاً لحماية الوطن من الأعداء والطامعين والقتلة قساة القلوب الذين يعكسون أدنى مستوى الانحطاط الإنساني.
تحيَّة إجلال وتقدير واحترام لكلِّ الشهداء الذين بذلوا دمائهم الغالية فداء لوطن حر كريم، تقبلهم الله في الشهداء وأنزلهم الفردوس الأعلى من الجنة .
عاشت سورية حرة أبية موطن الإباء والكرامة .
    وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
                                                  أليس الصبح بقريب
     الجمعة 15 رجب 1432                                     الدكتور محمد بشير حداد

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين