وَتَحْسَبُونَهُۥ هَيِّنًا

إن نقل الكذب والإشاعة دون تثبت كبيرة من الكبائر في كل القضايا عامة وفي قضايا الشأن العام خاصة لأن الضرر والمفسدة فيها عامة ومتعدية فقد تشعل كلمة حربا وقد يدمر تصريح غير محسوب مدينة وقد تشاع معلومة بدون تثبت فتكون سببا في دماء ومشكلات.

يقول سبحانه:"إِذْ تَلَقَّوْنَهُۥ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِۦ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُۥ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ"

ويقول:"وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلْأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِۦ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِى ٱلْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنۢبِطُونَهُۥ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُۥ لَٱتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَٰنَ إِلَّا قَلِيلًا"

والإذاعة هي الإشاعة.

"وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَٰنًا وَإِثْمًا مُّبِينًا"

وهذا الاذى سواء بقصد أو بغير قصد من خلال نقل الإشاعات.

ويقول عليه الصلاة والسلام:

" ان العبد ليلقي الكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا لتهوي به في جهنم سبعين خريفا"

ويقول:" كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع".

فالاصل براءة الذمة لكل مسلم وعدم حصول الحدث الا أن يثبت العكس بوسائل الاثبات.

لا شك أن النقل والاستفسار والسؤال على سبيل التثبت في القضايا العامة جائز شرعا لكن المشكل في التبني والإعلان والترويج دون بينة او تثبت .

وكل هذا سماه القرآن جهالة:

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ".

وهنا حالات ثلاثة:

الأولى: خبر الناقل الذي ثبت فسقه وهو يحتاج للتبين من جهة اخرى موثوقة بنص الآية.

الثانية: خبر مجهول الحال والأمانة وهذا يحتاج للتبين أيضا وهو قول جمهور الفقهاء والمحدثين وهو الصحيح..

الثالثة: خبر الواحد العدل الثقة الضابط وهذا يقبل كما تفيده الآية.

ونقصد هنا بالضابط: ما اعتاد الناس منه ضبط ما يسمع وينقل لكن في الوقت نفسه هو ليس معصوما من الخطأ ولهذا فلا بد من التبين في القضايا التي قد يختلف النقل فيها او يكون محتملا للوجهين او لأوجه او كان ضابطا لكنه لا يحسن التثبت من وسائل الإعلام ومواقع التواصل.

فكم من كلام فهم على غير وجهه وكانت المشكلة من السامع لا من المتكلم !

وكما قال المتنبي:

وكم من عائب قولا صحيحا=وآفته من الفهم السقيمِ

وكم من خبر نقل ووجدناه بعد التثبت أنه مجرد إشاعة أو من مصدر مجهول أو موقع اخباري مزور !

وكم من ابتسامة عابرة ربما كانت استنكارية فهمها الناظر أنها اقرار بباطل!

وكم من حقيقة تذكر من مسلم فاضل متدين كبير القدر تبين بعد الفحص والبحث انها مجرد استنتاج شخصي!

وكم من تهمة أطلقت وحين تطالب قائلها بالدليل يقول لك: نقل لي الثقة!!

وكم من انطباع عابر قاله أحد الناس تحول الى حقيقة متداولة قطعية لا تقبل الشك !!!

وازدات المشكلة مع الثورة التكنولوجية في الإعلام وسيولة المعلومات الصحيحة والزائفة.

والحل في ذلك:

_ "فاسألوا أهل الذكر آن كنتم لا تعلمون"

_ "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"

_ "ولو ردوه إلى الله وإلى الرسول لعلمه الذين يستنبطونه منهم"

كل هذه واجبات تحفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال لك ولغيرك من أن تمس أو تنتهك.

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين