وتبقى الصلاة-2-

 

 

- وتبقى الصلاة ،تلك الشعيرة العظيمة والفريضة الوحيدة التي فرضت في السماء في ليلة الإسراء والمعراج من الله تعالى مباشرة و بغير واسطة ، فرضت في معراج رسول الله إلى السماوات العلى عند سدرة المنتهى حيث كان صلى الله علية وسلم قاب قوسين أو أدنى.

الصلاة.الركن الوحيد الذي لا يسقط عن المسلم ،فالشهادة تكفي لمرة واحدة في العمر، والزكاة تسقط عن الفقير المعسر،والصوم يسقط عن المريض الذي لا يرجى شفائه ، والحج يسقط في حال عدم الاستطاعة، وتبقى الصلاة التي لا تسقط مهما كان، في المنشط والمكره في العسر واليسر في الصحة والمرض في الأمن والخوف في السفر وفي المقر" فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) النساء. الصلاة. عماد العبادات في الإسلام بعد الشهادتين وأول ما يحاسب عليه المرء في قبره  ويوم القيامة ، فإن صحت فاز وربح و إن لم تصح خاب و خسر ،وهي الباب الذي يقف فيه العبد ويطرق ويدعوا " يقول ابن القيم "قف على الباب واطرق ولا تمل الطرق يوشك أن يفتح لك" فكيف يطرق من ليس له باب؟فلن يسمع له! وهكذا البعيد عن الله التارك للصلاة فالصلاة هي الباب والطارق هو الدعاء.في لأحد الأئمة مع سارق" دخل الإمام المسجد ليصلي فرأى رجل معروف بسرقة الناس فخلى به بعد الصلاة وقال له، يا رجل الم تنهك صلاتك عن سرق الناس هذه المعاملة لا تليق بالمولى تبارك وتعالى"إِنَّ الصَّلاة تنْهى عن الْفحْشاء والْمنكر" فقال السارق للإمام في حياء، يا إمام بيني وبين الله أبواب كثيرة مغلقة ، فأحببت أن أترك بابا واحدا مفتوحا وهو "الصلاة" تعجب الإمام من قول السارق ومرت الأيام وذهب الإمام لحج بيت الله الحرام فإذا به وهو يطوف يسمع بكاء رجل متعلق بأستار الكعبة عند الملتزم يصرخ ويقول رب اغفر لي ولن أعود. رب اغفر لي ولن أعود..فيقترب الإمام من الرجل الأواه المنيب الذي يناجي ربه فإذا بسارق الأمس تائب اليوم، فانصرف قائلا سبحان الله ترك بابا واحداً مفتوحا بينه وبين ربة ففتح الله له كل الأبواب. إنها "الصلاة" أحبتي.لذلك تبقى الصلاة،.فهي تحوي كافة الأركان الأربعة الأخرى.فالشهادة مطلوب على الإنسان التلفظ بها مرة في العمر، ويُلفظ بها في التَشَهُد. وفترة الصلاة تكون بمثابة الزكاة لكون الوقت والذي يتكسب من خلاله يكون مقطوعا للصلاة، كما أن المصلي يكون أثناء الصلاة ممسكا عن الأكل والشرب وكل مبطلات الصوم.والمصلي يكون متجها ًنحو الكعبة وبذلك يكون مشاركا للحجاج .

ومن لطائف القرآن ذكر العلماء أيضا ً أن ذكرها الله تعالى في كتابه بعدد أسمائه الحسنى! فالصلاة بمشتقاتها ذُكرت في القرآن 99 مرة!وهذا التطابق بين عدد مرات ذكر الصلاة وعدد أسماء الله الحسنى يدل على أهمية الصلاة.

جاء فعل الأمر(أقم الصلاة) في القرآن الكريم (5) مرّات، وهذا يطابق تماما مجموع الصلوات اليومية المفروضة.وهي في قوله تعالى.

1. "وأقم الصّلاَة طرفي النّهارِ وزلفا مّن اللّيلِ إِنّ الحسناتِ يذْهِبْن السّـيِّئاتِ ذلك ذكرى للذّاكرين (هود 114)

2." أَقم الصّلاة لدلُوك الشّمس إلى غسقِ اللَّيل وقرآن الفجرِ إنَّ قرآن الْفجرِ كان مشْهودا "(الإسراء 78)

3. "إنَّني أَنا اللَّه لَا إلَه إلّا أَنا فَاعْبدْني وأقم الصّلاة لذكري" (طه 14)

4."اتْلُ ما أُوحِي إليْك مِن الْكتاب وأقم الصّلَاة إِنَّ الصَّلاة تنْهى عن الْفحْشاء والْمنكرِ ولذكْر اللَّه أَكبر واللَّه يعلَم ما تصنعون"(العنكبوت 45)

5."يَا بنيَّ أَقم الصّلَاة وأمُر بالْمعروف وَانْه عن الْمُنكرِ واصْبِرْ على ما أَصابك إنَّ ذلك منْ عزْم الْأمورِ" (لقمان 17)

- وجاءت عبارات أخرى بصيغة الأمر بإقامة الصلاة بالجمع(أقيموا الصلاة) حيث تكررت 12 مرة في القرآن، وبالنتيجة نجد أن مجموع الأمر الإلهي بإقامة الصلاة للفرد والجماعة قد تكرر 5 + 12 أي 17 مرة وهي عدد الركعات المفروضة!والعدد 12 هنا له دلالة فهو يمثل أيضاً عدد ركعات السُنَّة ، حيث جاء في الصحيح عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ ) رواه مسلم (728)

- فمن ذا الذي يؤدي الصلاة بقلبه مع جسده بالخشوع والتدبر للآيات؟ وقليل ما هم !!يقول ابن القيم  إن للعبد بين ربه موقفان الأول موقف في الدنيا وهو واقف بين يدي ربه في الصلاة والثاني موقف في الآخرة للحساب فإن أحسن في الأول هان عليه الثاني،و تذكر قصة أوردها في كتابه بدائع الفوائد قال:رأت فأرة جملا فأعجبها فجرت حطامه فتبعها فلما وصل إلى باب بيتها وقف ونادى بلسان الحال إما أن تتخذي دارا يليق بمحبوبك  أو محبوبا يليق بدارك! .فقال ابن القيم معلقا:إما أن نصلي صلاة تليق بمعبودنا سبحانه أو نتخذ معبودا يليق بصلاتنا

حيي بنا أن نتساءل جميعا إخوتي.أقُبِلت صلاتنا؟ وما سبب عدم قبولها ؟ وماذا لو لم تقبل؟  وكيف نؤديها على الوجه الأتم؟ 

.وللحديث بقية

-----------------

كاتب وباحث في الدراسات الإسلامية

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين