وانتصرت غزة

 

• وانتصرت غزة يوم انتصرت للمباديء وقيم السماء ، واندحر العدو الغاشم عندما استجاب لغطرسة الكبر وعقلية الغباء .

 

• وانتصرت غزة يوم استجابت لقول ربها " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ .. " الأنفال 60 ، فأعدت ما استطاعت ولم يثنها حصار– فرض عليها برا وبحرا وجوا – ولم يرهبها ما أعده العدو من أعتي أسلحة الحرب والدمار، والتي ما أغنت عنه شيئا ، بل كانت وبالا عليه وهو يجر أذيال الخيبة والذل والعار .

 

• وانتصرت غزة يوم وزنت الأمور بميزانها ووضعتها في نصابها ، فرأت العدو الصهيوني في حجمه الطبيعي الذي وضعهم فيه القرآن ، ولم تنخدع بما روّجته آلة الإعلام العالمية الضخمة من أساطير وأوهام حول ( الجيش الذي لا يقهر ).

 

" لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لّا يَفْقَهُونَ*لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لّا يَعْقِلُونَ" الحشر14،13.

 

• وانتصرت غزة يوم اتخذت القائد الأول ( النبي محمد صلي الله علي وسلم ) أسوة وهو ثابت علي موقفه ، ينافح وحده قوي الكفر والجهل والشرك، قائلا لعمه :" والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري علي أن أترك هذا الأمر ما تركته حتي يظهره الله أو أهلك دونه " ، فثبتت علي مبادئها ولم تتزحزح عنها قيد أنملة رغم الأهوال العظام والتضحيات الجسام ..

 

• وانتصرت غزة يوم اعتصمت بالله الواحد الأحد دون خلقه ، وأيقنت أن النصر لا تصنعه الدبابات ولا الصواريخ ولا الطائرات ولا يحققه الاعتماد علي دولة كبري ولا علي دولة صغري ، بل هو من عند الله يعطيه من يستحقه ، " .. وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"الأنفال10.

 

• وانتصرت غزة يوم أخذت بمقومات النصر وأسبابه فاتحدت فصائلها والتحمت بعموم شعبها، وجعلت القرآن رائدها ،: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*وَأَطِيعُواْاللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"الأنفال 46،45.

 

• وانتصرت غزة يوم التزمت في الحرب بأخلاق الأبرار الأخيار، فلم تخلف وعدا ، ولم تخن عهدا ، وكانت عند وصية الصديق ( أبو بكر رضي الله عنه ) لجيش المسلمين في القتال ، "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ لا تَعْصُوا ، وَلا تَغُلُّوا ، وَلا تَجْبُنُوا ، وَلا تُغْرِقُوا نَخْلا ،وَلا تَحْرِقُوا زَرْعًا ، وَلا تَحْبِسُوا بَهِيمَةً ، وَلا تَقْطَعُوا شَجَرَةً مُثْمِرَةً ، وَلا تَقْتُلُوا شَيْخًا كَبِيرًا ، وَلا صَبِيًّا صَغِيرًا ، وَسَتَجِدُونَ أَقْوَامًا حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّذِي حَبَسُوهَا ، فَذَرُوهُمْ وَمَا حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ ، وَسَتَجِدُونَ أَقْوَامًا قَدِ اتَّخَذَتِ الشَّيَاطِينُ أَوْسَاطَ رُءُوسِهِمْ أَفْحَاصًا ، فَاضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ ، وَسَتَرِدُونَ بَلَدًا يَغْدُو عَلَيْكُمْ وَيَرُوحُ فِيهِ الطَّعَامُ وَالأَلْوَانُ ،فَلا يَأْتِيَنَّكُمْ لَوْنٌ إِلا ذَكَرْتُمُ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَلا يُرْفَعُ لَوْنٌ إِلا حَمَدْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ".

 

وذلك علي نقيض مافعله الأشرار الأوغاد من بني صهيون – علي مرأي ومسمع من العالم أجمع – سعوا في الأرض فسادا ، وأحالوا العمران خرابا ، فقتلوا البشر ، وخلعوا الحجر ، وقطعوا الشجر.. ، ولولا تقليم أظافرهم لأتت علي كل شيء فلم تبق ، ولم تذر . 

 

• وانتصرت غزة يوم تشبثت بحقها ، وحددت أهدافها ، وأملت – بقوة الحق – شروطها ، فأعطت للعالم أجمع درسا – رغم قلة العدد والعتاد ، وندرة الصحب والأحباب ، وتكالب قوي البغي وكثرة الأعداء – أنه لايمكن أبدا أن ينتصر الظلم – مهما طال وامتد - علي العدل ، ولا الباطل – مهما علا وانتفش - علي الحق ، ولا الاستبداد – مهما قويت قبضته - علي الحرية ، ولا الظلام – مهما اشتد سواده - علي النور .

 

ويبقي قول ربي (عزّ وجلّ ) – دائما وأبدا – ساطعا : " بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"الأنبياء 18 . 

" قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ* قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ"سبأ49،48.

 

--------------

* باحث في الفكر الإسلامي

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين