همسات تربوية في وداع رمضان

مقدمة:

الحمد لله دائم الإمداد، وكفى به مِن مُنعمٍ ومكرِمٍ وجواد، والصَّلاة والسَّلام على نبيه المُصطفى من خيرة خلقه والعباد، وآله وصحبه الأطهار الأخيار ومن سار على نهجهم واقتفى النّور واستزاد.

ها قد انتهت رحلة شهركم المبارك، وهبطت الطائرة بركابها وجوائزهم، فهنيئاً لمن شمّر واستثمر، وسجد واقترب، وتصدق وزكّى نفسه وارتقى...

فاللهمّ تقبل آياتٍ تلوناها فيه.. اللهمّ تقبل الصيام والقيام.. اللهمّ تقبل الركوع والسجود والدمعات..

اللهمّ تقبل الطاعات والقربات..

يطيب لي في هذا المقام مُباركاً ومهنّئاً بحلول عيد الفطر أن أهمس همساتٍ لكل أمٍ وأبٍ، همساتٍ أضعها بين يدي المربّي؛ لأبنائكم وبناتكم.

همستكم الأولى لهم: ماذا بعد رمضان؟

وكأنّ لسان حالكم ولسان حال شهركم يقول: ما أجمل أن تجعلوا كل أشهركم رمضان!

علموهم أنَّ الثبات على الطاعات من أعظم القربات، طاعاتٌ أصبحت رفيقة أيام عظامٍ مباركةٍ.

أخبروهم: إياكم أن تهجروا القرآن وسجّادة الصلاة، لا تجعلوها تشتاق لسَجدات السحر ودمعاته.

علموهم أنَّ ربّ رمضان هو ربّ باقي شهور السنة، وما شهر رمضان إلَّا محطة تجديد العلاقة معه سبحانه لانطلاقةٍ جديدةٍ في باقي أيام السنة.

أمَّا الهمسة الثانية: فهي أيام العيد وفرحته:

فالعيد فرحةٌ مشروعةٌ، فحاول أخي الفاضل / أختي الفاضلة أن تعززها في منزلك، فكما نتعبد الله بالصبر على الابتلاءات نتقرب إليه بالفرح والضحكات التي نرسمها على وجوه أهلينا.

علموهم: أنَّ الفرح لا يعني ترك الطاعات، فالصلاة على وقتها أهم من اللعب ومجالسة الأصحاب..

الفرح لا يعني فعل المحرمات، فالعيد ليس زماناً للسفور أو الاختلاط أو مشاهدة المقاطع المحرمة.

العيد صلةٌ اجتماعيةٌ، وقربى للأرحام، وليست زماناً للتفاخر فيمن اشترى أفضل لأبنائه.

إياكم أن تجرحوا أقاربكم بتلك المقارنات، فهي أيام جبرٍ للخواطر وليس لكسرها!!

علموهم أن يجعلوا سويعات العيد ضمن المباح لينالوا خيرها.

اذهبوا من ليلتكم وجالسوهم، ولا تنسوا تعريفهم لماذا العيد، وماهي فرحته، وما هو المباح به في الترويح عن النفس؟

حذّروهم من الإسراف في الطعام والشراب والمشروبات الضارة، مِن (دخانٍ، وأركيلةٍ، ومشروب طاقةٍ...).

همسةٌ لك أيها المربي:

أنت مسؤولٌ عن أفعال أطفالك، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، امنعوا عنهم الألعاب الضارة (مسدسات الخرز، رشاشات...).

خذوهم معكم في زيارات الأقارب..

عززوا علاقتهم مع الأعمام والعمات، مع الأخوال والخالات..

حتى في تواصلكم الافتراضي تقصدوا أن يحضروا جميعاً، ليبقى ذاك النسيج الأسري مترابطاً في عائلتكم.

هي أيامٌ نتذكر بها نِعم الله علينا، ونشكره على ما كان من فيوضات رمضان وبركاته، ونسأله سبحانه القبول والاستدامة.

أحبتي: أيام معدوداتٌ، أزفت بالرحيل، ولكل عاملٍ فيها أجره وثوابه، ولا ندري أيُكتب الله لنا أيامٌ في رمضان القابل؟!

فنحمده على ما وفّقنا بتمامه، ونسأله أن يرزقنا الخير حيث كان.

تقبل الله صيامكم وقيامكم، وكل عامٍ وأنتم بألف خير.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين