همزة يوم الاثنين همزة وصل

يَشيعُ في أيامنا كتابةُ ألف (الاثنين) علَمًا على ثاني أيام الأسبوع، بهمزة قطع (يوم الإثنين)؛ ظنًّا من الكتَبة أن انتقالَ اللفظ من العدد إلى العلَميَّة يوجب قطعَ همزته؛ وهذا خطأ مخالفٌ لما نصَّ عليه أئمَّة العربية.

والصوابُ أن يبقى اللفظُ على حاله بهمزة وصل (يوم الاثنين)، وقد جَلا المسألةَ شيخُنا الجليلُ الراحل د. محمود بن يوسف فجَّال رحمه الله تعالى، في كتابه (القلائد الذهبية في شرح قواعد الألفية، قسم التصريف)، ط1، 1429هـ، 4/ 721، فدونكم كلامَه.

قال شيخُنا محمود فجَّال برَّد الله مَضجَعَه:

همزة (يوم الاثنين) وَصلٌ.

قال كثيرٌ من علماء الرسم الإملائي المُحْدَثين: إذا كان العَلَم منقولًا من لفظ مبدوء بهمزة وصل فإن همزتَه بعد النقل تصيرُ همزةَ قطع.

وذكروا مثالًا على ذلك (يوم الاثنين) بأن همزته قطع؛ لأنه صار علمًا على يوم.

أقول:

همزةُ (يوم الاثنين) وَصلٌ؛ لأنها من الأسماء العشَرة التي نصَّ العلماءُ على وصل همزتها. وكونُها صارت علَمًا على اليوم لا يُخرجها عن الوَصل إلى القطع؛ لأنها كانت في عائلة الاسميَّة، ولم تخرُج من عائلتها حتى نقولَ بقطعها.

وها أنا ذا أضعُ بين يدَيك نصَّ إمام النحاة سيبويه فاستمع إليه وهو يقول في كتابه 3/ 198: «إذا سمَّيتَ رجلًا بـ (اِضْرِبْ) أو (اُقْتُل) أو (اِذهَبْ) لم تصرِفها، وقطعتَ الألفاتِ حتى يَصيرَ بمنزلة الأسماء؛ لأنك قد غيَّرتها عن تلك الحال...».

ثم يُتابع سيبويه قولَه في 3/ 199: «لأنَّكَ نقلتَ فعلًا إلى اسمٍ، ولو سمَّيتَ رجلًا (اِنطلاقًا) لم تقطَع الألف؛ لأنك نقلتَ اسمًا إلى اسم».

قرَّر سيبويه أنك إذا سمَّيتَ شخصًا بفعل مبدوء بهمزة وصل؛ فإن همزتَه تصيرُ بعد العلَميَّة همزةَ قطع؛ لأنك نقلتَ فعلًا إلى اسم.

ولو سمَّيتَ شخصًا باسمٍ مبدوء بهمزة وصل؛ فإن همزتَه تبقى بعد العلَميَّة همزةَ وصلٍ كما كانت.

وإليك كلامَ ابن مالك في (شرح الكافية الشافية) ص1466: «وإذا سُمِّيَ بما أوَّلهُ همزةُ وَصْلٍ قُطِعَتِ الهمزةُ إن كانت في مَنقولٍ من فِعْلٍ، وإلَّا استُصْحِبَ وَصْلُها.

فيُقال في (اعْلمَ) إذا سُمِّيَ به: هذا إعْلَمُ، ورأيتُ إعلَمَ.

ويُقال في (اخرُج) إذا سُمِّيَ به: هذا أُخْرُجُ.

ويُقال في المُسمَّى بـ (اقْتِراب) و(اعتِلاء): هذا اقترابٌ، ورأيتُ اقترابًا، وهذا اعتِلاءٌ، ورأيتُ اعْتِلاءً.

لأنه منقولٌ من اسميَّةٍ إلى اسميَّة، فلم يَتَطَرَّق إليه تغَيُّرٌ أكثرُ من التعيين بعدَ الشِّياع.

بخلافِ المنقول منَ الفِعليَّة إلى الاسميَّة؛ فإنَّ التسميةَ أحدثَتْ فيه معَ التَّعْيينِ ما لم يكُن فيه من إعرابٍ وغيرِه من أحوالِ الأسماء؛ فرُجِعَ به إلى قِياسِ الهمزِ في الأسماء وهو القَطْعُ».

ومثله في (التبصرة والتذكرة) 2/ 542، و(حاشية الدُّسُوقي على المغني) 3/ 490، و(حاشية الصَّبَّان على الأُشْمُوني) 3/ 208.

وهذه النصوصُ واضحةٌ في أنَّ همزةَ (يوم الاثنين) وما سُمِّيَ به من المصادر مثل (كلِّية العلوم الاجتماعية) و(ابتسام) و(ابتهال) همزةُ وصلٍ. أُبقيَت فيها همزةُ الوصل على حالها لعدم نقلِ الكلمة من قَبيلٍ إلى قَبيلٍ؛ فاستصحَبَتْ ما كان ثابتًا لها قبلَ العلَميَّة)). انتهى كلام شيخنا فجَّال.

إذن اكتب: يوم الاثنين بهمزة وصل، ولا تقطعها؛ لأنَّ (الاثنين) لم يخرج من باب الاسميَّة.

والله تعالى أعلم.

 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين