هل كان شحرور صاحب مشروع ؟!

قناعتي التي قلتها منذ زمن أنه لا يتابع محمد شحرور ويقتنع بأفكاره ويرددها إلا شخص ضحل الثقافة، وأن محمد شحرور أدنى من أن يكون صاحب مشروع؛ لأنه مفتقد للأدوات العلمية والمنهجية لبناء مشروع فكري، فكيف إذا كان مشروعه كما يظهر من دعاويه هو إعادة صياغة المفاهيم الرئيسية للدين؟!

وحتى تلمس أيها القارئ بعض ما أقصده من الضحالة الثقافية التي يتمتع بها من يردد كلام شحرور فاسمع هذا المثال السريع، فشحرور يقول : إن مفهوم "الترتيل" عند علماء المسلمين مفهوم خادع، وإنهم تأثروا بصلوات المسيحيين في كنائسهم، وإن الترتيل عندهم هو "التغني بالقرآن على الألحان بصوت حسن" على حد تعبيره. طبعا أي قارئ مبتدئ للتفاسير سيدرك كذب هذه المقولة، فلم يقل أحد من المفسرين ذلك، ومفهومهم للترتيل مختلف ومتسق مع سياق الآية {ورتّل القرآن ترتيلا}، فهو عندهم يدور حول الترسّلُ والتبيين والتؤدة والتلبّث والتأنّي والتمهّل في التلاوة، وهي جميعها معانٍ متقاربة، والمقصود أنّ الترتيل ممارسة تُعين على تدبّر الآيات وحضور القلب أثناء التلاوة، وليس كما زعم شحرور "التغني بالقرآن على الألحان بصوت حسن"! (انظر مقال "ترتيل القرآن.. بين أهل التفسير ومحمد شحرور").

فمن مرّ عليه زعم شحرور واقتنع أنه فهم المفسرين للترتيل فهو ضحل الثقافة القرآنية والتفسيرية، لم يقرأ شيئا في المجال الذي يتداوله شحرور، ولو قرأ شيئا يسيرا من ذلك علم أن الرجل يهذي.

بل انظر إلى شحرور وهو يقول في إحدى المقابلات عن الترتيل عند علماء الإسلام: "صار بقى غنّة ومدّة والغنّة والإقبال والإغنام والمدّة ومدّتين إلى آخره"!

فبغضّ النظر عن كونه يتناول مفهوم "التجويد" وليس "الترتيل" وأنه لا يفرق بينهما، انظر إلى هذا المستوى الضحل عند شحرور من جهل مصطلحات علم التجويد التي تداولها العلماء، واختراعه لمصطلحات لا يعرفها أحد كالإقبال والإغنام! فمن تمرّ عليه هذه المضحكات ويظل يرى في الرجل "مجددا" فهو ضحل الثقافة.

ومن كان صاحب اطلاع على علوم اللغة والقرآن والتفسير والسنّة والفقه لأدرك أن شحرور كان يهذي، وأنه لم يحترم عقول قرائه ولم يقم بمسؤوليته العلمية من استيعاب دراسة ما ينقده من نصوص ومفاهيم، بل ينقدها بناء على فهمه السطحي المغلوط لها، فضلا عن افتقاده للأدوات العلمية كالعلم باللغة على سبيل المثال.

والواقع أن شحرور لا ينبغي أن يعدو منزلة المهرّجين من ضيوف الفضائيات العربية، مثل علي الكيالي وأضرابه، والذين لا يتعاملون مع القرآن كخطاب من الله يهدي البشر ويقوّم حياتهم، بل يُسقطون عليه أهواءهم ويلوون أعناق النصوص بطريقة سخيفة مفضوحة، انظر إلى شحرور وهو يفسر مطلع سورة الفجر على النحو التالي: {والفجر} هو "الانفجار الكبير"! {وليالٍ عشر} أي المراحل العشر التي مرّ بها الكون المادي حتى ظهر الضوء! {والشفع والوتر} أي النيتروجين!

فمن يتعامل مع مثل هذا الهذيان بجدية إما صاحب هوى أو صاحب جهل فاحش وثقافة ضحلة أو كلاهما (وهو الغالب على أتباعه)، والأمثلة على هذيان شحرور وضحالة ثقافته في المجال الذي يكتب فيه كثيرة جدا، ولكن بالمثال يتضح المقال، والله الهادي إلى سواء السبيل.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين