هل سيكرر النظام قصة عام 2014 في حلب؟

 

خطة عسكرية جديدة مدعمة بكافة الأسلحة يتبعها النظام بعد فشل المفاوضات وانسحاب وفد المعارضة منها، وهذا ما بدا واضحاً في مدينة حلب، فالقصف العنيف لبيوت المدنيين والمشافي منذ أكثر من أسبوع أجبر الكثير من الناس على الخروج من بيوتهم عبر مرورهم بطريق الموت (الكاستيلو).

فحلب تعدُّ من أهم المدن التي يريد النظام السيطرة عليها؛ لدعم موقفه السياسي وزيادة سيطرته على مساحات أوسع، ولو أردنا الخوض في حيثيات الهجمة لعادت بنا الذاكرة إلى سنتين مضتا.

فبعد أن قام النظام عام 2014 بحشد معظم قواته وطائراته للهجوم على حلب، تمكَّن الثوار من صدِّ الهجوم، ليبدأ النظام سياسة القصف المكثف على المدينة لهدف واحد وهو إجبار السكان على ترك الأحياء والتخلي عن بيوتهم وإفراغ حلب، حيث قام نظام الأسد بارتكاب المجازر الجماعية من خلال قصف الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية  العالية، فنفذت طائراته إحدى أشد الغارات عداوة في حيي بستان القصر والكلاسة، والتي  راح  ضحيتهما أكثر من خمسين شخصاً بين قتيل وجريح، ولكن رغم نزوح كثير من  سكان حلب  لم يصل النظام إلى هدفه بعد استعانته بسلاح الجو  واستخدامه لجميع الأسلحة المحرمة دوليا والأسلحة ذات الدمار الشامل (أرض- أرض) فلم تقتصر سياسة  النظام على قصف حي معين من الأحياء، بل قام أيضا في نفس العام  باستهداف حي السكري ممَّا أدى إلى مجزرة كبيرة راح ضحيتها العشرات، وأيضا استهدف حي الفردوس الذي كانت فيه مجزرة من أكبر المجازر في مدينة حلب، حيث راح ضحيتها أكثر من مئة شهيد ومئات الجرحى بالإضافة  إلى عدد كبير من الأحياء التي طالتها مجازر النظام في نفس العام، ومع  متابعة النظام لسياسة الأرض المحروقة في بقية أحياء  مدينة حلب، لم يستطع إلا أن يقف مكتوف الأيدي أمام ما يواجهه من بطولات قوات المعارضة وكتائبها الصامدة.

وبعد عامين _وبأسلحة أكبر وقصف أقوى من سابقه_ يعود النظام إلى حلب بأقوى ما يملكه من السلاح، ليحاول مجددا إجبار الأهالي على ترك المدينة والنزوح منها، فاستهدف الأفران والمدارس وغيرها من البنى التحتية إلى أن وصل بإجرامه إلى استهداف المشافي والمستوصفات والنقاط الطبية التي تقدم بعض الإسعافات الأولية للمرضى والجرحى، ففي تاريخ ???????شنت طائرات النظام هجوماً ليس له مثيل على مشفى القدس في حي السكري وهو أحد المستشفيات الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة المدعوم من قبل منظمة أطباء بلا حدود، ويضم عدداً من الأطباء والممرضين، حيث راح ضحية هذا الاستهداف عشرات الأشخاص بين قتيل وجريح معظمهم من المصابين الذين كانوا يتلقون العلاج في هذا المشفى، وأيضاً أربعة أطباء من الكادر الطبي في المشفى لقوا حتفهم أثناء القيام بعملهم.

فالقصة واحدة بمكان واحد وزمان مختلف، ولكن كلَّ هذا لن يثبط من همم أبطال مدينة حلب الذين يريدون إيصال رسالتهم إلى النظام بأنَّه مهما فعل ومهما قصف وارتكب المجازر بحقهم لن يتخلوا عن مدينتهم، بل إنَّهم صامدون إلى آخر نقطة دم تنزف، وإنَّهم مستعدون لبذل أغلى ما يملكون للدفاع عن مدينتهم بوجه العدوان الروسي الغادر ….

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين