هل تضحي إيران بحزب الله

 

منذ أن بدأت الأحداث في سورية وانعكاساتها في لبنان واضحة. وربما كان من أوضح تجليات الانعكاس ما نراه من مواقف هزيلة لأمين عام حزب الله الذي يصارع على البقاء. من حيث إن قوة النظام السوري مهمة لحزب الله وسقوطه هو سقوط لذراع أو لسند كان يدعم الحزب بالمال والسلاح وبالمواقف السياسية. ظهور نصرالله الأخير واتهامه للسعودية بتفجيري السفارة الإيرانية في بيروت غير مستغربة؛ فلم يتبق بيده سوى رمي الاتهامات يميناً وشمالاً ويُحمّل كل دول العالم مشاكل النظام السوري الموبوء أصلاً.

 

حزب الله الذي فضحته كُلّيةً الثورة السورية وأسقطت أي مصداقية فيه لدى من تبقى من المخدوعين بشعاراته وخطب أمينه العام؛ وإسرائيل الحليفة بمرتبة عدو والتي تستعد لفشل حزب الله في حماية النظام السوري، من المفارقات الساخرة أنّه في وقت تُوَجّه فيه إيران أصابع الاتهام إلى إسرائيل يتهم حزب الله السعودية بتفجيري السفارة الإيرانية.

 

المراقبون السياسيون يلحظون أن اللافت في حادثة التفجير والاتهامات هو توقيتها؛ فيما ذكر مراقبون فتح نصر الله النار بإطلاق اتهاماته جاءت كردة فعل من بعد عودة نبيه بري من طهران وذكره لرغبة إيرانية إيجابية بتقارب إيراني سعودي لمسه من لقاءاته هناك تزامناً مع تحركات دبلوماسية سعودية فاعلة ومتزامنة شَكَّلَتْ زيارة الأمير بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السعودية لموسكو الأخيرة ومحادثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهم محاورها، في المقابل زيارة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف للخليج وإعرابه عن أمله في زيارة المملكة والتي على ما يبدو -حتى الآن- قد تحتمل التأجيل بما قد يُفسّر أن آفاق التقارب الايراني السعودي سيبقى موضع اختبار حسن نية فعلي من قبل إيران خلال مهلة الستة الأشهر لتطبيق الاتفاق المزمع بين ايران ومجموعة الخمس وألمانيا.

 

يدرك حزب الله أنه نبتة لم تستوعبها الأرض العربية، وذلك بسبب كل المواقف التي أخذها ويأخذها والتي تعارض مصالح الشعوب العربية. لقد كانت أمام حزب الله فرصة أخيرة لأن ينجو بنفسه من سقوطه عربياً؛ لو كان قد وقف حزب الله مع حق السوريين في تقرير مصيرهم، ذلك أن استخدام النظام السوري للحزب ووقوفه مع آلة القتل هناك ألغت شعبيته العربية، ولا أظنّ أن حزب الله ينسى حين كان يحارب إسرائيل في 2006 كيف وقفت بعض الشعوب العربية مع الحزب عاقدة الأمل بأن الحزب هو من سيهزم إسرائيل وهو من سيحرر فلسطين، بل وقرنوا اسم “نصر الله” ب “عبدالناصر” وصارت أحاديث النصر تملأ كل مكان إلى أن جاءت الأحداث السورية فأصبح الحزب أمام امتحانات فاشلة ويفشل فيها كثيراً، ولم يكسب فيها إلا أقلية من الذين ينتمون إلى طائفته.

 

حزب الله التلميذ البليد للغاية والذي لا يفقه في السياسة إلا أنها “فن المصالح” يبدو أنه لم يتعرّف بعد على نظرية (اللاتصالح قد يحرس المصالح).. ولكن هل إيران تعي هذا الدرس جيدا! ننتظر ونرقب ونرى.

 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين