هل أصبح ديمستورا شريكا مضاربا في قتل أطفال سورية؟

 

فاجأنا المندوب الدولي إلى المفاوضات السورية ستيفان ديمستورا بشريط مصور بالإنكليزية مع تسجيل صوتي مرفق بالعربية مناشدا الجائعين والمرضى السوريين مساء يوم 29 كانون ثاني: "إلى كل رجل، إلى كل امرأة، إلى كل طفل وطفلة من سوريا، سواء كانوا بداخل سوريا أو خارجها، في مخيمات اللاجئين أو في أي مكان كان. ستنعقد خلال الأيام القليلة المقبلة ما نسميها بالمحادثات السورية أو المفاوضات، ولا يمكن لهذا المؤتمر أن يفشل". نسي ديمستورا أنه ومنذ أن عينته واشنطن وموسكو في منصبه لم يترك لحظة واحدة إلا وضع نفسه في خدمة القاتل بشار أسد، وهو اليوم يكمل ما بدأه بشار في قتل السوريين وتجويعهم.

 

شعر ديمستورا أنه احتقر عندما رفضت المعارضة السورية حضور مؤتمر جنيف،إذ رفضت ابتداء الحضور ما لم تنفذ البنود الإنسانية في القرار الأممي 2254، فأراد أن يستجدي الذين جوعهم، وكان قد نسي أن دماء السوريين وتشريدهم لم يحركا فيه عرق.

 

يأتي ديمستورا اليوم ليستجدي السوريين ويتوسل إليهم بعدما شارك في تجويعهم، بل وشارك في قتلهم عندما أغمض عينيه على قصف طائرات روسيا، حيث لم يضع في برنامجه فرض وقف هذا القصف الروسي اليومي الذي أهلك الحرث والنسل قبل مؤتمر جنيف وما يزال.

 

بل إن ديمستورا خذل السوريين لأنه لم يعمل على تطبيق ما جاء  في قرار مجلس الأمن ذي الرقم 2254 في بنوده 12و13، وهو السياسي المخضرم الذي يفهم القرارات الدولية المعتمدة بإجماع أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر وأن الفقرتين 12و13اللتين وضعهما مجلس الأمن إنما وضعهما لتنفذ لاليتفاوض عليها. لكن ديمستورا أراد إكمال ما بدأه المجرمون الثلاثة بشار أسد وحسن نصر الله، ومؤخرا الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.

 

إذا كان الشعب السوري لم يستشر في تعيين ديمستورا وسيطا دوليا،ولا من جاء قبله الوسطاء  كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي، لكنه عندما جرب ديمستورا ترحم على "النباش الأول".

 

الوسيط الدولي يجب أن يكون حكما عدلا بين من توسط بينهم دون أن ينحاز إلى أحد الطرفين ،لا كما فعل ديمستورا الذي انحاز كليا، وكان قد جعل قبلته قصر بشار يذهب إليه ويجيء منه "سري مري"، بينما لم يحظ منه الشعب السوري الذي دمرته براميل بشار بالتفاتة واحدة. أما في جنيف فهو يقول لمفاوضي المعارضة في اللقاءات المغلقة أن البنود الإنسانية في القرار 2254 هي أمور فوق التفاوض، وإذا خرج إلى الصحفيين قال إنها فوق اختصاصه.

 

نزل المفاوضون السوريون عند تأكيدات كيري وذهبوا إلى جنيف بعد أن استشاروا أصدقاءهم القلائل (وهي ثلاث دول فقط)، ولا نرى قرار الذهاب إلى جنيف سوءا كله. على الأقل عليهم "الذهاب مع الكذاب إلى ما وراء الباب". وبعدها  لكل حادث حديث! لكن عليهم أن يعودوا من حيث أتوا إذا رأوا دمستورا يرفض تنفيذا البندين 12 و 13، وإلا فيكونوا فرطوا في الأمانة.

 

استطرادا فإن الشعب السوري لن يخسر كثيرا إذا فشلت هذه الجولة، وسيكمل طريقه كما فعل يوم ثار على الأحمق بشار أسد وضحالته السياسية وأجندته الطائفية، وما ورثه عن أبيه حافظ أسد من حقد دفين حيث ورطه ضباط علويين أن يسير في درب شائك موحش مغلق من الأمام ومن الخلف فلم يعد يبصر طريقه. كما أنه قد سلّط شقيقه ماهر أسد، المملوء عقدا نفسية، على مقدرات الجيش، وهو المعروف عنه انعزاله، ما جعل الجيش السوري يتفكك ويبدأ ضباطه الأكفياء ينشقون عنه. هذا الشعب يعرف كيف يقاتل بشار وحزب الله وإيران وميليشياتها مرة ثانية إذا وجدوا أن ديمستورا يريد أن يخدعهم.

 

إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يراقب الساحة السورية عن كثب فيظنها فرصة سانحة أن يحاول فرض أجندته الصليبية في سورية، وتبدأ طائراته تحصد المدنيين السوريين لا تفرق بين امرأة وطفل وشيخ،ويزعم أنه إنما يقصف الإرهابيين فتخضع واشنطن لابتزازه، فأراد أن يجرب حظه. فكان بوتين هذا ثالثة الأثافي، وقد اكتمل به عقد المجرمين الثلاثة: بشار أسد وحسن نصر الله، وبوتين.

 

تبقى الكلمة الأخيرة للشعب السوري، الذي ليس من طبعه الاستسلام!

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين