نموت ولا نرى ذل الإسلام

( الرّبيُّون ) جمع ربيّ وهو المتّبع لشريعة الرّب مثل الربّاني ، وهم أتباع الرسل وتلامذة الأنبياء من العلماء الصابرين الصادقين الذين نهلوا من مائدة الأنبياء الإيمان والأعمال الصالحة

قال تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (آل عمران 146)

بأمثال هؤلاء يتنزل النصر، وهم عماد الدين في المواقف الحرجة الصعبة التي تحتاج إلى عزمات الرجال، وتاريخنا الزاهر زاخر بأمثال هذه النماذج النيرات عندما يحلولك الظلام .

نموت ولا نرى ذل الإسلام

قالها مدوية شيخ الإسلام محمد سعد الدين بن حسن جان التبريزي المتوفى سنة 1008 كان في صحبة السلطان محمد الثالث في حرب هنغاريا المعروفة بموقعة (أكرى) ، فتحالفت دول الصليب وكروا على جيش الإسلام كرة عظيمة كالسيل الجرار حتى ضعف صف المجاهدين ، وهمَّ السلطان أن يتراجع ، فقام الشيخ وأمسك بزمام حصان السلطان ، وحول اتجاهه إلى جهة العدو وقال للسلطان بصوت جهوري : إنما نعيش لمثل هذا اليوم ، نموت ولا نرى ذل الإسلام . فأثارت كلمته روح الحمية في السلطان والجيش ، وحملوا على صفوف العدو حملة صادقة، ففتح الله على جيش المسلمين.

واحمل بعزم الصدق حملة مخلص متجرد لله غير جبان

واثبت بصبرك تحت ألوية الهدى فإذا أصبت ففي رضا الرحمن

والحق منصور وممتحن فلا تعجب فهذي سنة الرحمن

فالدين يحتاج لرجال أقوياء في الحق على الدوام وخاصة في المواقف الفاصلة ، فعندما ارتدت العرب، وقالوا : لا نُؤَدِّي زكاة، قال أبو بكر رضي الله عنه: لو منعوني عِقالا لجاهدتُهم عليه ، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا خليفة رسول الله ؛ تألف الناس وارفق بهم . فقال لي : أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام ؟! إنه قد انقطع الوحي وتم الدين ، أينقص وأنا حي .. هكذا أطلقها مدوية تخرق جدار القلوب.

راية الإسلام

دارتْ رحى حرب اليمامة، واشتد أوارها، وكانت الغلبة في أوَّل المعركة للمرتدين، وحاولوا كَسروا قلْب الجيش الإسلامي، ووقعت الراية فاستلمها سالم مولى أبي حذيفة ورفعها بثبات عجيب، وخاف الناس أن تقع الراية مرة أخرى ونادوا سالما؛ كما روى الحاكم ... وَوَقَعَتِ الرَّايَةُ - يوم اليمامة - فَأَخَذَهَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : يَا سَالِمُ ؛ إِنَّا نَخَافُ أَنْ نُؤْتَى مِنْ قِبَلِكَ ، فَقَالَ : بِئْسَ حَامِلُ الْقُرْآنِ أَنَا إِنْ أُتِيتُمْ مِنْ قِبَلِي .

الفرد في المفهوم الإسلامي عنده يقين وشعور بأنه مسؤول عن سلامة الأمة وكلها وصيانة دين الله، وكأنه لا يوجد أحد غيره في الميدان، ولعل هذا ما يعبر عنه الشاعر الجزائري محمد براح:

من تُرى في الكون مثلي ؟؟

ضاع من عاش من دون انتماء !

في صلاتي حينما أهتف : ربي

عندما أطرق بابا ... في انحناء

أشعر الدفء بقلبي

عند تكرار الولاء

ذاك سر الكبرياء !

لي شعور أنني سر الضياء

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين