نصر قريب -11- التناغم و العمل الايجابي و السلبي

العيار اللي ما بصيب بيدوش:

يقول المثل: "العيار اللي ما بصيب بيدوش" أي الطلق الذي لا يصيب يزعج. هذه الحقيقة أمر مهم جدا في أعمال الثورة وفي أعمال السلطة التي تحاول القضاء على الثورة. فهي تعني من جانب أن العدو لن يترك لك لحظة ترتاح فيها وتلتقط أنفاسك وتفكر بأريحية للقضاء أو التعجيل في القضاء عليه. كذلك هي حاسمة لو استطاعت الثورة تسخيرها لمصلحتها فمنعت المجرم من التقاط أنفاسه. ومنعته من صفاء الفكر ومنعته من العمل المنتظم أو المركز.

لعلنا نركز هنا لنرى أن جزءا كبيرا جدا من أعمال العدو يرتكز على المشاغبة على الثورة لا يريد منها في حقيقة الأمر تحقيق النتائج إنما المهم التشويش والمشاغبة ومنع الثورة من الفعالية والحسم. أما تسخير هذا التكتيك ضد المجرم فسنتعرض له أكثر إن شاء في تدريبات المستوى الثاني التخصصي. وسنكتفي هنا باستعراض بعض الأمثلة على تلك التكتيكات ونترك لك تقدير بقيتها.

من ذلك أنك تجد بعض الناس قامت لتجادل أن الثورة قامت في 18 آذار وليس في 15 آذار! و كأن يوم انبثاق الثورة أهم  عندهم من انتصارها او من دماء من يذبح في سبيلها! ولعلنا هكذا نتفق أن من شاغب ليجعل تاريخ الثورة ليس له حرقة على الثورة أو الدماء النازفة. إنما همه فيما يبدو خدمة المجرم الجلاد لكنه يلبس لبوس الثوار وأنه يدافع عن درعا أو حوران لكي يقنع الناس بأنه من داخل الثورة. فينجح في شق الصف وإثارة البلبلة.

وهكذا لعل كل واحد منا رأى عشرات إن لم يكن مئات الأمثلة من نشر الشائعات أو الطعن في هذا الشخص أو ذاك بطريقة مركزة ومنهجية، والتي تدل على وجود طابور خامس في الثورة ليس له عمل إلا المشاغبة على أي فاعل خير للناس. ويحاول هؤلاء الخونة استثارة المشاعر عند الناس لخدمة أغراضهم. فهم في المثل السابق يستثيرون مشاعر أهل درعا أو حوران ليجندوها في مصلحة بلبلتهم وتشويشهم. ويستثيرون المصالح الخاصة عند ضعاف النفوس لتحقيق نفس الغرض. وهكذا حتى تصل الثورة إلى الوضع الذي نعيشه في أنبل ثورات البشر؛ الحالة التي لا يكاد يقول أحد كلمة إلا قام من يعاكسه ويشوش عليه.

أتنتصر ثورة الكل فيها ضد الكل؟ في حين أن السلطة في المقابل نظام هيكلي له رأس واحد منضبط انضباطية بيروقراطية منظمة عمرها آلاف السنين استغلها المجرم لعشرات من السنين. وجيش برتب ونظام داخلي وهيكلية وطاعة عالية متدرب عليها. إن أي ثورة ستفشل لو كانت لا رأس لها ولا نظام ولا ضابط والكل فيها ضد الكل والكل فيها ينتظر فرصة ليخالف ... الخ وهي تحارب دولة منظمة منضبطة لها هيكلية واضحة ومنهجية مدرب الناس على إتباعها وتطبيقها ... الخ، فهل نتوقع انتصار ثورة هذا واقعها في أي حال من الأحوال ؟؟؟؟

 

وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ:

من هنا نقدر قيمة قول الله سبحانه أكثر فأكثر حين يقول: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46]. فنحن إن كنا في يوم من الأيام بحاجة لنبذ التنازع والتنافر، فهذا اليوم هو اليوم! إذ لم يمر علينا في تاريخنا يوم مثل اليوم نباد فيه ونعذب حتى الموت وتقصف مدننا وتجوع. فإن لم نعد اليوم إلى الله ونترك خلافاتنا ومشاعرنا الشخصية جانبا فلن نعود إليه بعد اليوم أبدا.

والناظر المتأمل للآية الكريمة يجدها تأمرنا بطاعة الله سبحانه وتعالى ولا يتم ذلك إلا بنبذ التنازع والاختلاف. ويجدها تهددنا إن لم نفعل بالفشل الذي قد يصل إلى ذهاب الريح. وهو قائم مشاهد في الثورة اليوم. مما يعني أن كل واحد فينا مهما كان إدعاؤه لا يطيع الله سبحانه ومساهم في هذا الفشل. وأننا إن لم نتنبه ونعود إلى ربنا ونتجاوز خلافاتنا ومشاعرنا الشخصية وتنازعنا فستذهب ريحنا وتفشل ثورتنا كما وقع في ثورة الثمانينات حين دمرت حماة وأجهضت الثورة.

ولم يكتف ربنا سبحانه وتعالى بأمرنا بطاعته ونبذ التنازع وتهديدنا إن لم نفعل بالفشل وذهاب الريح، بل أمرنا بشكل مباشر إيجابي بالتعاون على الخير والبر والتقوى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]. فليس عدم التخالف والتنازع وحده هو المطلوب، لكن المطلوب التقدم إلى الأمام والتعاون على فعل الخير. من هنا ندعو من لا يريد الانخراط في عملنا هذا أن يتعاون معنا على الأقل.

وَتَطَاوَعَا وَلاَ تَخْتَلِفَا:

يبصر الحصيف المتأمل أن العمل العسكري أو الثوري أو السياسي لا يمكن إلا أن يكون عملا جماعيا مؤسسيا. فطلقة البندقية التي يطلقها الثائر تحتاج فريق عمل كامل قبل وصولها إلى لحظة الإطلاق. فمن تصنيعها أو شراءها إلى نقلها وإيصالها إلى لحظة الإطلاق. وكذلك العمل السياسي أو الثوري لا يمكن أن يكون إلا جماعيا. فمن عمليات الرصد إلى عمليات التحليل ثم الدراسات أخيرا حتى تصل الحركة للشخص الظاهر.

وتبين بعض الدراسات أن من الحالات من تحتاج مساندة بنسبة ثلاثة أرباع إلى ربع. أي أن كل جندي يقاتل أو كل سياسي ظاهر على السطح يحتاج أضعاف عدده من الناس تعمل على إسناده بالمعلومات والتدريب والأبحاث ليقوم بواجبه بالشكل والسلوكات المناسبة. كل ذلك يؤيد أن التعاون والتطاوع وعدم الاختلاف عنصر حاسم في صناعة النصر.

وتؤكد السنة الشريقة هذه المعاني بقوة وتدرب الصحابة عليها. فقد علمتنا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى اليَمَنِ فَقَالَ: "يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلاَ تَخْتَلِفَا". متفق عليه. وهذا الحديث الشريف عظيم الفائدة حاد الفعالية على بساطته وقلة كلماته. والذي سنهتم به هنا هو آخره. فالتطاوع يعني أن يطيع أحدهما الآخر ويسايره ويمشي معه. لا أن يخالفه في كل كلمة يقولها.

وهكذا نتعرف شيئا فشيئا عمن يهدم ثورتنا بقصد أو بغير قصد. وهم في المثل السابق من يخرج عليك مثل الثور الهائج ليقول لك إن الثورة بدأت في 18 وليس 15 وكأن يوم قيامها قضية كفر أو إيمان. في نفس الوقت فإن الصواب في التصرف إنما هو التطاوع وعدم الاختلاف. أي أن أحدا جعل الثورة تبدأ في 18 وهو خلاف الحق وخلاف الواقع والتاريخ ولكن مع ذلك لا نهوج عليه وإنما نلاطفه ونسايره ونحاول هدايته إلى الطريق إن كان الموضوع مهما. أما وأنه غير مهم فلا نقف عنده مع تمسكنا بما نراه حقا. أي لا نهاجم ولا نخلق معركة فرعيه أو زوبعة في فنجان.

في مقابل ما سبق نتابع ونؤيد من يقول شيئا قد يكون فيه خير للثروة ولو كنا لا نرى رأيه. والمثل على ذلك هو مؤتمر جنيف 2. فلو أن واحدا من الناس كان يقول بوجود ضرر ناتج عن حضور الائتلاف للمؤتمر، لكان عليه التطاوع و المآزرة إن أمكن حتى مع المخالفة. أي فأما وقد وقعت المشاركة مثلا و وقع الضرر لو كان، فيجب حينها أن يتحول الموقف مباشرة إلى الدعم والتأييد والتناغم وعدم النشاز.

فنرفع معنويات الوفد وننصح لهم بصدق و إخلاص. ونهز معنويات العدو الجلاد الجاسم على صدورنا. ولا نعتبر انتصارات الوفد إلى جنيف هزيمة شخصية لنا بسبب تبنينا لرأي عدم الذهاب. بل نعتبره انتصارا لنا حيث أنه انتصار للثورة. و نقوم بكل أعمال المساندة والدعم التي يمكن أن نقدمها عن آخرها. و لقد ذكر الأستاذ الكبير أسامة الخراط مثلا رائعا على مفهوم التطاوع و التناغم فتحدث عن:

مجموعة من 50 فرد يحضرون محاضرة حول العمل  المشترك كفريق واحد. فتوقف المحاضر عن الكلام فجأة وقرر أن يعلمها عمليا فأعطى كل واحد منها بالونة وطلب منه أن يكتب اسمه عليها. بعدها جمع كل البالونات منهم و وضعها في غرفة أخرى صغيرة وطلب منهم أن يدخلوا الغرفة التي فيها البالونات ويبحث كل عن بالونته التي عليها اسمه.

و اشترط أن يكون ذلك خلال 5 دقائق فقط. فنهض الجميع بكل حماس وسرعة و بدأ كل فرد في المجموعة يبحث عن بالونته المكتوب عليها اسمه. فكانوا في حالة من الفوضى والمزاحمة والتدافع ما هي. ومضت الـ 5 دقائق وشخص أو اثنين فقط من وجد بالونته! و لم يجد الباقيين بالوناتهم. ثم ولكي يعلمهم الدرس جيدا غير الأستاذ طلبه من الناس.

فقال: ليأخذ كل فرد بالونة عشوائية ثم ليخرج من الغرفة وليعطيها إلى صاحبها المكتوب اسمه عليها. ففعلوا. فلم تمض إلا دقيقة واحدة أو اثنتان حتى كان كل واحد منهم معه بالونته! و هكذا هي حياتنا؛ إن حرصنا فيها على مصالحنا الشخصية و تدافعنا مع الآخرين خسرنا جميعا. و إن تعاون أحدنا مع زميله و شريكه في الثورة و تناغم معه بدل مشاكسته نجحت الثورة و نجحنا جميعا.

 

التناغم:

أما كلمة التناغم هنا فهي مهمة جدا حتى ولو كنت ممن يرى تحريم الموسيقى والاستماع لها. فمن يعرف العزف الموسيقي يعرف أن كل عازف في الفرقة يعزف ليأخذ النغم من العازف معه ليدعمه ويقويه ويرفعه إلى الذي يليه. ولو لم يكن عزفهم متناغم هكذا لما دخل حفلهم أحد ولما حصل أيهم على دخل يعيش منه. فالتناغم بين جميع العازفين هو ما يجعل قطعتهم الموسيقية ممتعة لمن يسمعها. وهو ما يجعلها مؤثرة على الناس بل مؤثرة إلى درجة أنها ترفع من إنتاج الحليب عند البقر كما تقول الأبحاث العلمية.

هكذا إذا يختار كل واحد لنفسه: أيكون متناغما مع بقية الثوار في الثورة فتنهض الثورة وتبدع معزوفة النصر؟ أم يكون نشازا كلما تحدث أحد عن شيء خالفه ووضع العصي بالعجلات ليثبت أنه موجود وأنه قادر على رؤية الأشياء برؤية مختلفة عن رؤية المتحدث. أي خالف تعرف كما يقولون. فيخالفه في 10% مع أنه يوافقه في 90% ويركز على المخالفة ويتحدث عنها! ولا يهتم بالموافقة ولا يتحدث عنها! وكأن المطلوب من أحدنا المخالفة لا التطاوع !

فليتذكر كل واحد منا أن واجبه شرعا هو التطاوع ومسايرة أخيه الثائر وليس مخالفته. ليس فقط تكريما لأخيه الثائر المجاهد واعترافا بفضله ولكن أيضا احتراما منه لنفسه وتأديته لواجب صناعة نصر نفسه. وأهم الأدلة التي يبرهن فيها أحدنا لنفسه على التطاوع في ثورتنا هو الدعم أو المال السياسي. وهو في حقيقته قرين الرشوة. فصحيح أن فريقك جائع وبغير ذخيرة لكن قبولك للمال أو السلاح أو الذخيرة لفريقك دون بقية الثوار هو قبول للرشوة لكي يكون للمانح حظوة عندك.

فتخصيصك بالدعم يعني إخراجك من الجماعة وإشعارك بالفوقية! ونحن سنطبق ما ندعو له فنسايرك ونطاوعك ونقر لك بالفوقية على الجميع. ولكن هل فوقيتك قادرة على هزيمة السفاح ؟؟؟ إن كان الجواب لا وهو حتما لا فأنت تقاتل ضد دول عظمى مما يعني أنهم ضحكوا عليك بنفس الخديعة القديمة حيث أشادوا بحسن صوتك وطلب الغناء إليك. فإن غنيت سقطت قطعة الجبن من فمك. كذلك إن وافقت حصلوا منك على ما يريدون وقتلت ثورتك بيدك. أي أن الهيكلية الإدارية الجامعة للثورة فرض عين وليست سنة مستحبة.

 

الثوري المنتصر والثوري الهدام:

بهذه الطريقة ندرك أن في الثوار من هم عوامل إيجابية وفيهم عوامل سلبية قاتلة. لكن المهم هنا أن نعرف كيف نكون إيجابيين فندعم ونقوي الثورة فننصرها وننتصر بها. ثم نعرف كيفية الهدم ومن يقوم به فنمنعه من مساعدة عدونا على قتلنا. فأما نصر الثورة فيكون بنصرة الثوار ودعمهم و التناغم معهم وعدم مخالفتهم. ويتم ذلك برؤية النصف الملآن من الكأس بدل التركيز على النصف الفارغ مادام المتحدث من الثورة. إذ لعل من أعجب الأشياء في ثورتنا المباركة أن يدافع عقلاؤنا عن العدو ومصالحه وروحه المعنوية !

فقول قائل في الثورة: اقترب سقوط المجرم؛ يقيم عليه عاصفة هوجاء يثب بها من هب ودب ليثبت أنه لن يسقط. ولو قال قائل: أفلس المجرم وأصبح عبئا على حلفاءه لهاج هؤلاء وماجوا يجادلون بغير علم لساعات وأيام أن المجرم سيجد مصدرا ينفق عليه ... والعجيب أن هذا المدافع بكل تلك الشراسة عن المجرم يدعي أنه من الثورة !!! طبعا نحن لا نتحدث عن مركز أبحاث يناقش بهدوء كل فكرة مهما كانت ضعيفة أو شبه مستحيلة لكنا نتحدث عن كلام عام على صفحات الانترنت أو حوارات تبادل الآراء.

يساعد على التطاوع والتناغم أن يعرف كل واحد منا موضعه في صياغة هيكلية الثورة الموحدة وزخمها الإعلامي و أن من لا يأتمر في الأمور إذا أقبلت ويسهب يجب عليه أن يسمع ممن يأتمر وينظر ويسهب ويدعمه ويردد كلامه. وإلا وقع في تحذير الله سبحانه: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83]. فالرد إلى الذين يستنبطونه يعني التطاوع معهم وعدم مخالفتهم.

 

المرجفون وبعض صفاتهم:

ومثل التطاوع أو جزء منه وهو عمل إيجابي أن يفي الواعد بوعده. فموعد للتواصل أو الحضور في ساعة محددة يعني تماما تلك الساعة. والتخلف عن الموعد أو الخلف فيه لا معنى له إلا عدم الجدية أو النفاق. وثورة تقوم على أطفال لم يتعلموا الوفاء بمواعيدهم في وقتها ثورة لا تنتصر. مما يجعل المتخلف عابثا سلبيا ليس له هم نصر الثورة بل لعل همه في قلبه هدمها وقتلها. وهو في نظر الشريعة على شعبة من النفاق حتى يدعها. و كذلك حال الكاذب وكذلك حال من يحاول صرفك عن عملك ليضيعك في متاهات لا تنفع الثورة بشيء. وهكذا لعله يتضح أن الكثير من هؤلاء هم في حقيقة الأمر من مخابرات الجلاد المندسين في الثورة لقتلها من الداخل.

كذلك من صفات أذناب المجرم أنهم لا يحترمون ولا يرفعون شركائهم في الثورة. وهم في نفس الوقت يحترمون ويرفعون أمثالهم من أذناب الجلاد. إلى درجة أنك تحس أن الثائر هو عدوهم الحقيقي وليس المجرم الجلاد. ومن أمثلة أعمال أذناب المجرم أنهم إذا قدموا تنازلات قدموها فقط لأذناب المجرم مثلهم. من أمثلتها مبادرة سياسية قدمها بعضهم تقول في بنودها: ... واستجابةً عمليةً لحلٍّ سياسي يضمن انتقالاً سلمياً للسلطة (يعني عدم محاسبة أغلب المجرمين وتركهم في مناصبهم) .. فتخيل أيها الثائر المحترم أننا وبعد تقديم أكثر من ثلاث مئة ألف شهيد ومع ذلك نعتبر انتقال السلطة سلميا !!!

أي وكأننا لا نرى قيمة أو وزنا لكل تلك الدماء والويلات التي وقعت علينا! وأن المجرم سيتنازل عن السلطة بكل سلمية وطيب معدن ! وفيها أيضا: 1. يعلن رئيس الجمهورية الحالي .... تسليمَ صلاحياته كاملة إلى نائبه السيد فاروق الشرع أو رئيس الوزراء الحالي السيد وائل الحلقي... فلم يجعل تسليم صلاحيات لأحد ممن انضم للثورة حتى ولو كان ممن تمتع بنفس الصفات مثل السيد طلاس أو رئيس الوزراء المنحاز السيد حجاب. أي مرة ثانية كأنه لم ير أي قيمة لمن ترك صف المجرم وانضم للثورة.

ومن الأخطاء أيضا المشاغبة وأذى الثورة في أن يتخصص قوم بأخطاء الثوار. فلا يكون كلامهم إلا في نقد فلان وتسفيه علان. لكنهم لا يبنوا شيئا إيجابيا مفيدا! ومن صفاتهم أيضا دعم أعداء الثورة من أمثالهم المندسين فيها. ومن أبرز أمثلة ذلك أنك تجد أذناب الجلاد يدعمون المتشددين (التكفيريين) بكل قوة. ويحاولون إجبار الشارع والرأي العام للتحول إلى التشدد الذي يحذر منه الإسلام أشد التحذير. وليس لهم هدف من ذلك إلا تخويف الناس من الجهاد والثورة والإسلام. وتخويف العالم من المسلمين. وتأكيد كذب المجرم حين اعتبر الثورة عملا إسلاميا متشددا أو عصابات إرهابية من خارج سورية.

ومن ذلك دعمهم لداعش بكل ما يمتلكون من قوة. وتحول بعض المحسوبين على الثورة إلى أجهزة إعلام ليس لها عمل إلا تأييد المجرمين بأي طريقة. فلا يدافعون عن ثائر بطل دافع عن الثورة والثوار مثل الأب المسيحي الإيطالي الأصل والمؤيد للثورة بشدة "باولو دليلليوا". ولا يستنكرون اعتقال أو قتل إعلامي أو قائد بطل من أبطال الثورة آذاه هؤلاء الأفاقون. وإذا حاولت التفاهم معهم ردوك بنوع من الكلام الفارغ الخالي من الحجة مثل قولهم: لا يا شيخ. وقولهم: لا تكبرها.

و تجد هؤلاء على الفيس بك مثلا ينزلون منشورات عامة لا تسمن ولا تغني من جوع لكنها تحاول تلميع صاحبها فتظهر بطولاته الشخصية التي لا يمتلكها! في الوقت الذي الثورة فيه بحاجة ماسة لدعاية وإعلام هادف. وبحاجة ماسة لنشر فكر بناء واعي ينصرها ويصيب عدوها في مقتل. ويجعل نصرها حتميا على مستوى الجذر فيرفع كفاءة الأمة ويعيد الشعب إلى مقامه الطبيعي صانعا لقرار أمته.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين