نبي الرحمة (42)

البعوث والسرايا بعد الرجوع من غزوة الفتح

بعد الفتح أقام صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة يستقبل الوفود ويبعث العمال ويبث الدعاة ويكبت من بقي فيه الإستكبار عن الدخول في دين الله. وفي محرم ٩ هـ بعث صلى الله عليه وآله وسلم المصَدِّقين إلى القبائل لجمع الصدقة والجزية والدخول بالإسلام-المصَدِّق: عاملُ الزَّكَاةِ الذي يَسْتَوْفِيها من أرْبابها-.

السرايا:

وكما بعث المصدقين إلى القبائل، بعث السرايا، لسيادة الأمن على مناطق الجزيرة. وهي:

١- سرية عُيَيْنة بن حِصْن الفزاري:

في محرم ٩هـ إلى بني تميم في خمسين فارساً، لم يكن فيهم مهاجريّ ولا أنصاريّ، لأن بني تميم كانوا قد أغروا القبائل ومنعوهم عن أداء الجزية. وخرج عيينة يسير الليل ويكمن النهار، حتى هجم عليهم في الصحراء، فولى القوم مدبرين وأخذ منهم أحد عشر رجلاً وإحدى وعشرين امرأة وثلاثين صبياً وساقهم إلى المدينة، فأُنزلوا في دار رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ. وقدم فيهم عشرة من رؤسائهم، فجاؤا إلى باب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فنادوا: يا محمد اخرج إلينا، فخرج فتعلقوا به وجعلوا يكلمونه، فوقف معهم ثم مضى حتى صلى الظهر، ثم جلس في صحن المسجد، فأظهروا رغبتهم في المفاخرة والمباهاة، وقدموا خطيبهم عُطَارِدَ بْنَ حَاجِبٍ فتكلم، فأمر صلى الله علي وآله ه وسلم ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ- خطيب الإسلام- فأجابهم، ثم قدموا شاعرهم الزِّبْرِقَانَ بْنَ بَدْرٍ فأنشد مفاخراً، فأجابه شاعر الإسلام حسّان بن ثابت على البديهة. ولما فرغ الخطيبان والشاعران قال الأقرع بن حابس: خطيبه أخطب من خطيبنا وشاعره أشعر من شاعرنا، وأصواتهم أعلى من أصواتنا، وأقوالهم أعلى من أقوالنا، ثم أسلموا فأجازهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأحسن جوائزهم ورد عليهم نساءهم وأبناءهم.

٢-سرية قُطْبَةَ بْنِ عَامِرِ إلى حي من خَثْعَمٍ بِنَاحِيَةِ تَبَالَةَ بالقرب من تربة:

في صفر ٩هـ. خرج قطبة في عشرين رجلاً على عشرة أبعرة يعتقبونها، فشن الغارة فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثر الجرحى في الفريقين، وساق المسلمون النعم والنساء إلى المدينة.

٣- سَرِيَّةُ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ الْكِلابِيِّ إلى بني كلاب:

في ربيع الأول ٩هـ. بُعثت لدعوتهم إلى الإسلام فأبوا وقاتلوا فهزمهم المسلمون وقتلوا منهم رجلاً.

٤- سَرِيَّةُ عَلْقَمَةَ بْنِ مجزز المدلجي إلى سواحل جدة:

في ربيع الآخر ٩هـ في ثلاثمائة. بعثهم إلى رجال من الحبشة كانوا قد اجتمعوا بالقرب من سواحل جدة للقيام بأعمال القرصنة ضد أهل مكة. فخاض علقمة البحر حتى انتهى إلى جزيرة. فلما سمعوا بذلك هربوا.

٥- سَرِيَّةُ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب إلى صنم لطيء. يقال له الفُلْس- ليهدمه-

في ربيع الأول ٩هـ. في خمسين ومائة على مائة بعير وخمسين فرساً، ومعه راية سوداء ولواء أبيض، فشنوا الغارة على محلة حاتم مع الفجر، فهدموه وأخذوا السبي والنعم والشاء، وفي السبي أخت عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وهرب عَدِيّ إلى الشام، ووجدوا في خزانة الْفُلْسِ ثلاثة أسياف وثلاثة أدرع، وفي الطريق قسموا الغنائم، ولم يقسموا آل حاتم. ولما جاؤا إلى المدينة استعطفت أخت عدي بن حاتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلة: يا رسول الله، غاب الوافد وانقطع الوالد وأنا عجوز كبيرة، مابي من خدمة فمنّ عليّ منّ الله عليك. قال:(من وافدكِ؟) قالت: عدي بن حاتم. قال:(الذي فر من الله ورسوله؟) ثم مضى، فلما كان الغد قالت مثل ذلك، وقال لها مثل ما قال أمس. فلما كان بعد الغد قالت مثل ذلك، فمنّ عليها، وكان إلى جنبه رجل- ترى أنه علي- فقال لها: سليه الحملان- الدوابّ-فسألته فأمر لها به. ورجعت إلى أخيها بالشام، فلما لقيته قالت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لقد فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها، ائته راغباً أو راهباً فجاءه عدي بغير أمان ولا كتاب، فأتى به إلى داره، فلما جلس بين يديه حمد الله وأثنى عليه ثم قال:(ما يُفِرُّك؟ أيُفِرُّك أن تقول: لا إله إلا الله؟ فهل تعلم من إله سوى الله؟) قال: لا. ثم تكلم ساعة ثم قال:(إنما تَفِرّ أن يقال: الله أكبر فهل تعلم شيئاً أكبر من الله؟) قال: لا. قال:(فإن اليهود مغضوب عليهم وإن النصارى ضالون) قال: فإني حنيف مسلم. فانبسط وجهه فرحاً، وأمر به فنزل عند رجل من الأنصار.

وعن عدي قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال:(يا عدي، هل رأيت الحِيرَةَ؟ فإن طالت بك حياة لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ ترتحل من الحِيرَةِ حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحداً إلا الله، ولئن طالت بك حياة لَتُفْتَحَنَّ كنوز كسرى، ولئن طالت بك حياة لَتَرَيَنَّ الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة ويطلب من يقبله، فلا يجد أحداً يقبله منه)-الحديث- وفي آخره: قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحِيرَةِ حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لَتَرَوُنَّ ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وآله وسلم (يخرج ملء كفه).

غزوة تبوك رجب ٩هـ

إن غزوة فتح مكة كانت فاصلة بين الحق والباطل، لم يبق بعدها مجال للريبة والظن في رسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عند العرب، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وانتهت المتاعب الداخلية واستراح المسلمون، لبث الدعوة وتعليم شرائع الله.

سبب الغزوة:

لم يكن قيصر ليصرف نظره عما كان لمعركة مؤتة من الأثر الكبير لصالح المسلمين، مما شجع كثيرا من قبائل العرب للتفكير في استقلالهم عن قيصر, وكان هذا خطراً يتقدم ويهدد حدوده عند الثغور الشامية المجاورة للعرب، فكان يجب القضاء على قوتهم قبل أن تصبح خطراً عظيماً، وقبل أن تثير القلاقل والثورات في المناطق العربية المجاورة للرومان. ولم يقض قيصر بعد معركة مؤتة سنة كاملة، حتى أخذ يهيء الجيش من الرومان والعرب التابعة لهم من آل غسان وغيرهم.

الأخبار العامة عن استعداد الرومان وغسان:

كانت الأنباء تترامى إلى المدينة بإعداد الرومان للقيام بغزوة ضد المسلمين، حتى كان الخوف يتسورهم كل حين، لا يسمعون صوتاً غير معتاد إلا ويظنونه زحف الرومان. ويظهر ذلك جلياً مما وقع لعمر بن الخطاب وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم هجر نساءه شهراً في هذه السنة، ولم يفطن الصحابة إلى حقيقة الأمر في بدايته فظنوا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلقهن، فسرى فيهم الهم والحزن والقلق، يقول عمر بن الخطاب: وكان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت آتيه أنا بالخبر- وكانا يسكنان في عوالي المدينة، يتناوبان إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم- ونحن نتخوف ملكاً من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فإذا صاحبي الأنصاري يدق الباب، فقال: افتح، افتح، فقلت: جاء الغساني؟ فقال: بل أشد من ذلك، اعتزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أزواجه. وهذا من خطورة الموقف. الذي يواجهه المسلمون بالنسبة إلى الرومان، ويزيد ذلك تأكداً ما فعله المنافقون حينما نقلت إلى المدينة أخبار إعداد الرومان، فبرغم ما رآه هؤلاء المنافقون من نجاح النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل الميادين، وأنه لا يوجل من سلطان على ظهر الأرض، بل يذيب كل ما يعترض في طريقه من عوائق، برغم هذا طفق المنافقون يأملون في تحقق ما كانوا يخفونه في صدورهم، وما كانوا يتربصونه من الشر بالإسلام وأهله. فأنشأوا وكرة للدس والتامر، في صورة مسجد، وهو مسجد الضرار، أسسوه كفراً وتفريقاً بين المؤمن وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله، وعرضوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلي فيه، ليخدعوا المؤمنين، فيصير وكرة مأمونة لهؤلاء المنافقين ولرفقائهم في الخارج، ولكن صلى الله عليه وآله وسلم أخر الصلاة فيه- إلى قفوله من الغزوة- لشغله بالجهاز، ففشلوا في مرامهم وفضحهم الله، حتى قام بهدم المسجد بعد القفول من الغزو، بدل أن يصلي فيه.

الأخبار الخاصة عن استعداد الرومان وغسان:

بلغهم من الأنباط الذي يَقْدِمون بالزيت من الشام إلى المدينة أن هرقل قد هيأ جيشاً قوامه أربعون ألف مقاتل، وأعطى قيادته لعظيم من عظماء الروم، وأنه جلب معهم قبائل لخم وجزام وغيرهما من متنصرة العرب، وأن مقدمتهم بلغت إلى البلقاء.

زيادة خطورة الموقف:

وكان الزمان فصل القيظ الشديد، وكان الناس في عسرة وجدب، وكانت الثمار قد طابت، فكانوا يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم، ومع هذا كله كانت المسافة بعيدة، والطريق وعرة صعبة.

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقرر القيام بإقدام حاسم:

كان صلى الله عليه وآله وسلم يرى أنه لو توانى عن غزو الرومان لجاسوا خلال مناطق الإسلام، وزحفوا إلى المدينة، وكان له أثر سيّء على الدعوة وعلى سمعة المسلمين العسكرية، ولربما تشجّع بقايا المشركين, عدا عن المنافقين الذين يتربصون بالمسلمين. وبرغم العسرة قرر صلى الله عليه وآله وسلم غزو الرومان في حدودهم، قبل أن يزحفوا إليهم.

الإعلان بالتهيؤ لقتال الرومان:

أعلن صلى الله عليه وآله وسلم في الصحابة أن يتجهزوا للقتال، وبعث إلى قبائل العرب وإلى أهل مكة يستنفرهم، وكان قلّ ما يريد غزوة يغزوها إلا ورّى بغيرها، ولكن لخطورة الموقف والعسرة أعلن أنه يريد لقاء الرومان، ليتأهبوا أهبة كاملة وحضهم على الجهاد، ونزلت آيات من سورة براءة تثيرهم على الجلاد وتحثهم على القتال. ورغبهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بذل الصدقات والإنفاق في سبيل الله.

المسلمون يتسابقون إلى التجهز للغزو:

لما سمع المسلمون صوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو إلى قتال الروم تسابقوا إلى امتثاله، فتجهزوا للقتال بسرعة، وأخذت القبائل والبطون تهبط إلى المدينة من كل صوب، ولم يرض أحد من المسلمين أن يتخلف عن هذه الغزوة- إلا الذين في قلوبهم مرض وثلاثة نفر- حتى كان يجيء أهل الحاجة يستحملون النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليخرجوا للغزو، فيقول لهم:{لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ}[التوبة:٩٢]. وتسابق المسلمون في الإنفاق وبذل الصدقات. وكان عثمان بن عفان قد جهز عيراً إلى الشام، مائتا بعير بأقتابها وأحلاسها، ومائتا أوقية، فتصدّق بها ثم تصدّق بمائة بعير بأحلاسها وأقتابها، ثم جاء بألف دينار فنثرها في حجره صلى الله عليه وآله وسلم، فكان صلى الله عليه وآله وسلم يقلّبها ويقول:(ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم) ثم تصدّق وتصدّق، حتى بلغ مقدار صدقته تسعمائة بعير ومائة فرس سوى النقود. وجاء عبد الرحمن بن عوف بمائتي أوقية فضة، وجاء أبو بكر بماله كله، ولم يترك لأهله إلا الله ورسوله- وكانت أربعة آلاف درهم- وهو أول من جاء بصدقته، وجاء عمر بنصف ماله، وجاء العباس بمال كثير، وجاء طلحة وسعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة بمال، وجاء عاصم بن عدي بتسعين وَسْقاً من التمر، وتتابع الناس بصدقاتهم قليلها وكثيرها، حتى كان منهم من أنفق مُدّا أو مُدّين لم يكن يستطيع غيرها، وبعثت النساء ما قدرن عليه من مَسَك ومعاضد وخلاخل وقُرْط وخواتم. ولم يمسك أحد يده، ولم يبخل بماله إلا المنافقون {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ، وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ} [التوبة:٧٩].

الجيش الإسلامي إلى تبوك:

تجهز الجيش، فاستعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري, وقيل: سِبَاع بن عُرْفُطَةَ، وخلّف على أهله علي بن أبي طالب، وأمره بالإقامة فيهم، وغَمَصَ عليه المنافقون، فلحق بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فرده إلى المدينة وقال:(ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) ثم تحرك صلى الله عليه وآله وسلم نحو الشمال يريد تبوك، ولكن الجيش كان كبيراً- ثلاثون ألف مقاتل، لم يخرج المسلمون في مثل هذا الجمع الكبير قبله قط- فلم يستطع المسلمون مع ما بذلوه من الأموال أن يجهزوه تجهيزاً كاملاً. فكان ثمانية عشر رجلاً يعتقبون بعيراً واحداً، وربما أكلوا أوراق الأشجار حتى تورمت شفاههم، واضطروا إلى ذبح العير- مع قلتها- ليشربوا ما في كروشها من الماء، ولذلك سمي هذا الجيش: جيش العُسْرَةِ. ومر الجيش في طريقه إلى تبوك بالحِجْر- ديار ثمود الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ، أي وادي القُرَى- فاستقى الناس من بئرها، فلما راحوا قال صلى الله عليه وآله وسلم:(لا تشربوا من مائها ولا تتوضؤوا منه للصلاة، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئاً) وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها ناقة صالح عليه وآله السلام. عن ابن عمر قال: لما مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحجر قال: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين) ثم قَنعَ رأسه وأسرع بالسير حتى جاز الوادي, واشتدت حاجة الجيش إلى الماء حتى شكوا إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فدعا الله، فأرسل الله سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا حاجاتهم من الماء. ولما قرب من تبوك قال:(إنكم ستأتون غداً إن شاء الله تعالى عين تبوك، وإنكم لم تأتوها حتى يضحى النهار، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئاً حتى آتي) قال معاذ: فجئنا وقد سبق إليها رجلان، والعين تَبِضُّ بشيء من مائها، فسألهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(هل مسستما من مائها شيئاً)؟ قالا: نعم. وقال لهما ما شاء الله أن يقول، ثم غرف من العين قليلاً قليلاً حتى اجتمع الوشل-القليل من الماء- ثم غسل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيه وجهه ويده، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فاستقى الناس، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم:(يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ههنا قد ملئ جناناً) ولما بلغ تبوك قال صلى الله عليه وآله وسلم:(تهب عليكم الليلة ريح شديدة، فلا يقم أحد منكم، فمن كان له بعير فليشدَّ عقاله) فهبت ريح شديدة، فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيء. وكان صلى الله عليه وآله وسلم في الطريق يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع التقديم وجمع التأخير.

يتبع.......

منقول بتصرف يسير من كتاب السيرة (الرحيق المختوم)

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين