نبي الرحمة (26)

غزوة أحد (5)

جمع الشهداء ودفنهم:

أشرف صلى الله عليه وآله وسلم على الشهداء فقال:(أنا شَهيدٌ على هؤلاءِ أنَّهُ ما مِن جريحٍ يُجرَحُ في سبيلِ اللَّهِ إلَّا واللَّهُ يبعثُهُ يومَ القيامةِ يَدمى جُرحُهُ اللَّونُ لونُ دَمٍ والرِّيحُ ريحُ مِسْكٍ). وكان أناس من الصحابة نقلوا قتلاهم إلى المدينة، فأمر أن يردّوهم فيدفنوهم في مضاجعهم وألا يُغَسَّلُوا، وأن يدفنوا كما هم بثيابهم بعد نزع الحديد والجلود، وكان يدفن الإثنين والثلاثة في القبر الواحد، ويجمع بين الرجلين في ثوب واحد، ويقول:(أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟)فإذا أشاروا إلى رجل قدمه في اللحد، وقال:(أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة). ودفن عبد الله بن عمرو ، وعمرو بن الجموح في قبر واحد لما كان بينهما من المحبة. وفقدوا نعش حنظلة، فتفقدوه فوجدوه في ناحية فوق الأرض يقطر منه الماء، فأخبر صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه أن الملائكة تغسله، ثم قال:(سلوا أهله ما شأنه؟) فسألوا امرأته فأخبرتهم. ومن هنا سمي حنظلة: غسيل الملائكة. ولما رأى ما بحمزة- عمه وأخيه من الرضاعة- اشتد حزنه، وجاءت عمته صفية تريد أن تنظر أخاها حمزة، فأمر صلى الله عليه وآله وسلم ابنها الزبير أن يصرفها، لا ترى ما بأخيها، فقالت: ولم؟ وقد بلغني أن قد مُثِّلَ بأخي، وذلك في الله، فما أرضانا بما كان من ذلك لأحتسبنّ ولأصبرنّ إن شاء الله. فأتته فنظرت إليه، فصلت عليه- دعت له- واسترجعت واستغفرت له. ثم أمر صلى الله عليه وآله وسلم بدفنه مع عبد الله بن جحش-ابن أخته وأخوه من الرضاعة- قال ابن مسعود: ما رأينا صلى الله عليه وآله وسلم باكياً قط أشد من بكائه على حمزة، وضعه في القبلة، ثم وقف على جنازته، انتحب حتى نَشَع من البكاء ـ والنشع: الشهيق. قال خباب: إن حمزة لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء، إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه حتى مدت على رأسه، وجعل على قدميه الإذخر. قال عبد الرحمن بن عوف: قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، وكفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه، وروي مثل ذلك عن خبّاب فقال لنا صلى الله عليه وآله وسلم: (غطوا بها رأسه واجعلوا على رجله الإذخر).

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يثني على ربه عز وجل ويدعوه:

روى الإمام أحمد، لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون، قال صلى الله عليه وآله وسلم:(استووا حتى أثني على ربي عز وجل)، فصاروا خلفه صفوفاً، فقال:( اللهم لا قابضَ لما بسطتَ، ولا مُقَرِّبَ لما باعدتَ ، ولا مُباعِدَ لما قرَّبتَ، ولا مُعطِيَ لما منعْتَ، ولا مانعَ لما أَعطيتَ اللهم ابسُطْ علينا من بركاتِك ورحمتِك وفضلِك ورزقِك، اللهم إني أسألُك النَّعيمَ المقيمَ الذي لا يحُولُ ولا يزولُ اللهم إني أسألُك النَّعيمَ يومَ العَيْلَةِ، و الأمنَ يومَ الحربِ، اللهم عائذًا بك من سوءِ ما أُعطِينا، و شرِّ ما منَعْت منا اللهم حبِّبْ إلينا الإيمانَ وزَيِّنْه في قلوبِنا وكَرِّه إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ واجعلْنا من الراشدين اللهم توفَّنا مسلمِين، و أحْيِنا مسلمِين وألحِقْنا بالصالحين غيرَ خزايا، ولا مفتونين اللهم قاتِلِ الكفرةَ الذين يصدُّون عن سبيلِك و يُكذِّبون رُسُلَك، واجعلْ عليهم رِجزَك وعذابَك قاتِلِ الكفرةَ الذين أُوتوا الكتابَ، إلهَ الحقِّ).

الرجوع إلى المدينة ونوادر الحب والتفاني:

لما انصرف صلى الله عليه وآله وسلم راجعاً إلى لمدينة، وقد ظهرت له نوادر الحب والتفاني من المؤمنات، كما ظهرت من المؤمنين في المعركة. لقيته في الطريق حَمْنَة بنت جحش، فَنُعِي إليها أخوها عبد الله بن جحش، فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب، فاسترجعت واستغفرت، ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير، فصاحت وولولت، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:(إن زوج المرأة منها لبمكان)... مر بامرأة من بني دينار، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها بأحد، فلما نُعوا لها قالت: فما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه، فأشير إليها، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل- صغيرة-... جاءت إليه أم سعد بن معاذ تعدو، وسعد آخذ بلجام فرسه، فقال: يا رسول الله أمي، فقال:(مرحباً بها) ووقف لها. فلما دنت عزّاها بابنها عمرو بن معاذ. فقالت: أما إذ رأيتك سالماً، فقد اشتويت المصيبة -استقللتها- ثم دعا لأهل من قتل بأحد وقال:(يا أم سعد أبشري وبشري أهلهم أن قتلاهم ترافقوا في الجنة جميعاً، وقد شفعوا في أهلهم جميعاً). قالت: رضينا يا رسول الله، ومن يبكي عليهم بعد هذا؟ ثم قالت: يا رسول الله ادع لِمَنْ خُلّفُوا، فقال:( اللّهُمّ أَذْهِبْ حُزْنَ قُلُوبِهِمْ وَاجْبُرْ مُصِيبَتَهُمْ، وَأَحْسِنْ الْخَلَفَ عَلَى مَنْ خُلّفُوا).

رسول صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة:

انتهى صلى الله عليه وآله وسلم مساء السبت ٧شوال٣هـ - إلى المدينة. ولما انتهى إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة، وقال: (اغسلي عن هذا دمه يا بُنَيَّةُ، فوالله لقد صدقني اليوم) وناولها علي بن أبي طالب سيفه فقال: وهذا أيضا فاغسلي عنه دمه، فوالله لقد صدقني اليوم، فقال صلى الله عليه وسلم (لئن كنت صدقت القتال، لقد صدق معك سهل بن حنيف وأبو دجانة).

قتلى الفريقين:

قتلى المسلمين كانوا سبعين، والأغلبية من الأنصار، قتل منهم ٦٥ رجلاً، ٤١ من الخزرج، و ٢٤ من الأوس، ورجل من اليهود. وأما شهداء المهاجرين فكانوا أربعة فقط. وقتلى المشركين ٢٢ قتيلاً.

حالة الطوارئ في المدينة:

بات المسلمون في المدينة ليلة الأحد ٨ شوال ٣هـ بعد الرجوع من المعركة في حالة الطوارئ، وقد أنهكهم التعب، يحرسون أنقاب المدينة ومداخلها، ويحرسون قائدهم صلى الله عليه وآله وسلم خاصة.

غزوة حمراء الأسد:

صمم صلى الله عليه وآله وسلم على مطاردة المشركين خشية أن يرجعوا ويغزوا المدينة. فنادى في الناس - صباح الغد من معركة أحد، يوم الأحد- وقال:(لا يخرج معنا إلا من شهد القتال) فقال له عبد الله بن أبيّ: أركب معك؟ قال:(لا) واستجاب له المسلمون على ما بهم من الجرح الشديد وقالوا: سمعاً وطاعة، واستأذنه جابر بن عبد الله، وقال: يا رسول الله إني أحب أن لا تشهد مشهداً إلا كنت معك، وإنما خلفني أبي على بناته، فأْذن لي أسير معك، فأذن له. وسار الجيش حتى بلغ حمراء الأسد فعسكروا. وأقبل معبد بن أبي معبد الخزاعي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم، وأمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يلحق أبا سفيان فَيُخَذِّلَه. ولمّا نزل المشركون بالروحاء تلاوموا وقالوا: أصبتم شوكتهم وحدهم ثم تركتموهم، وقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم, فارجعوا حتى نستأصل شأفتهم. وخالفهم صفوان بن أمية قائلاً: يا قوم لا تفعلوا فإني أخاف أن يجمع عليكم من تخلف من الخروج، فإني لا آمن إن رجعتم أن تكون الدولة عليكم. لكن رأيه رُفض أمام رأي الأغلبية، وأجمعوا المسير نحو المدينة، ولحق معبد بأبي سفيان فقال: ما وراءك يا معبد؟ فقال معبد: محمد قد خرج في أصحابه قِبَلَكُم في جمع لم أر مثله قط، يتحرقون عليكم تحرقاً، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم وندموا على ما ضيعوا، فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط. قال أبو سفيان: ويحك، ما تقول؟قال: والله ما أرى أن ترتحل حتى يطلع أول الجيش من وراء هذه الأكمة. فقال أبو سفيان: والله لقد أجمعنا الكرّة عليهم لنستأصلهم. قال: فلا تفعل فإني ناصح. فانهارت عزائمهم, ومر به ركب من عبد القيس يريد المدينة، فقال أبو سفيان: هل أنتم مبلغون عني محمداً رسالة وأوقر لكم راحلتكم هذه زبيباً بعكاظ إذا أتيتم إلى مكة؟ قالوا: نعم. قال: فأبلغوا محمداً أنّا قد أجمعنا الكرّة، لنستأصله ونستأصل أصحابه. فمر الركب بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، فأخبرهم بالذي قاله أبو سفيان، وقالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}[آل عمران:١٧٣-١٧٤]. أقام صلى الله عليه وآله وسلم بحمراء الأسد الإثنين والثلاثاء والأربعاء ثم رجع إلى المدينة. وأخذ أبا عزة الجمحي – وكان من أسرى بدر فمنّ عليه لفقره على ألايظاهر عليه أحداً ولكنه نكث، فحرّض الناس بشعره وخرج لمقاتلته في أحد- فلما أخذه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: يامحمد أقلني وامْنُن علي ودعني لبناتي وأعطيك عهداً ألاأعود لمثل ما فعلت، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تمسح عارضيك بمكة بعدها وتقول: خدعت محمداً مرتين، لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) ثم أمر الزبير فضرب عنقه. وحَكم بإعدام جاسوس هو معاوية بن المغيرة بن أبي العاص, ذلك أنه لما رجع المشركون يوم أحد جاء معاوية إلى ابن عمه عثمان بن عفان، فاستأمن له عثمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأمّنه على أنّه إن وجد بعد ثلاث قتله، فلما خلت المدينة من الجيش الإسلامي أقام فيها أكثر من ثلاث يتجسس لقريش، فلما رجع الجيش خرج هارباً، فأمر صلى الله عليه وآله وسلم زيد بن حارثة وعمار بن ياسر فتعقباه حتى قتلاه. وتعتبر غزوة حمراء الأسد جزءاً من غزوة أحد، وتتمة لها.

تلك هي غزوة أحد، فهل كانت هزيمة أم لا؟ لا شك أن التفوق العسكري كان للمشركين، وأن خسارة الأرواح كانت في المسلمين أكثر وأن طائفة منهم انهزمت، لكنّ هناك أموراً تمنعنا أن نعبر عن ذلك بالنصر والفتح. فالجيش المكي لم يستطع احتلال معسكر المسلمين، ومعظم المسلمين لم يفروا ولم يطاردهم عدوهم، ولم يقع أحدٌ من المسلمين أسيراً، ولم يحصل الكفار على غنائم، ولم يقوموا إلى الصفحة الثالثة من القتال مع أن جيش المسلمين لم يزل في معسكره، ولم يقيموا بساحة القتال يوماً أو يومين كما هو دأب المنتصر بل سارعوا إلى الانسحاب من ساحة القتال قبل أن يتركها المسلمون، ولم يجترئوا على دخول المدينة لنهب الذراري والأموال وهي خالية على بعد خطوات. كل ذلك يؤكد أنّ قريشاً نجحت بإلحاق خسائر بالمسلمين، مع الفشل في تحقيق هدفها من إبادة الجيش الإسلامي بعد التطويق، أما أنّ ذلك كان نصراً وفتحاً فكلا وحاشا. بل يؤكد تعجيل أبي سفيان في الانسحاب أنه كان يخاف من الهزيمة لو جرت صفحة ثالثة من القتال، ويزداد ذلك تأكداً حين ننظر إلى موقفه من غزوة حمراء الأسد.

فهذه الغزوة لم تكن حرباً منفصلة، فقد أخذ كل فريق قسطه من النجاح والخسارة، ثم حاد عن القتال من غير أن يفر عن ساحة القتال ويترك مقره لاحتلال العدو. وإلى هذا يشير قوله تعالى: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ }[النساء:١٠٤]فقد شبه أحد العسكرين بالآخر في التألم وإيقاع الألم، مما يفيد أن الموقفين كانا متماثلين، وأن الفريقين رجعا وكل غير غالب.

القرآن يتحدث عن المعركة:

ونزل القرآن يلقي ضوءاً على جميع المراحل المهمة من هذه المعركة، وصرح بأسباب الخسارة، وأبدى النواحي الضعيفة الموجودة في طوائف أهل الإيمان بالنسبة إلى واجبهم في مثل هذه المواقف الحاسمة، وبالنسبة إلى الأهداف النبيلة السامية لهذه الأمة ، والتي تمتاز بكونها خير أمة أخرجت للناس.

كما تحدث القرآن عن موقف المنافقين، ففضحهم وأبدى ما كان في باطنهم من العداوة لله ولرسوله، مع إزالة الشبهات والوساوس التي كانت تختلج في قلوب ضعفاء المسلمين، والتي كان يثيرها هؤلاء المنافقون وإخوانهم اليهود ـ أصحاب الدس والمؤامرة ـ وقد أشار إلى الحكم والغايات المحمودة التي تمخضت عنها هذه المعركة.

نزلت في المعركة ستون آية من سورة آل عمران تبتدئ بذكر أول مرحلة من المعركة:{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلقِتَال}[آل عمران:١٢١] وتترك في نهايتها تعليقاً جامعاً على نتائج هذه المعركة وحكمتها، قال تعالى:{ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[آل عمران:١٧٩].

الحكم والغايات المحمودة في هذه الغزوة:

قال ابن حجر: قال العلماء: وكان في قصة أحد وما أصيب به المسلمون فيها من الفوائد والحكم الربانية أشياء عظيمة، منها تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية، وشؤم ارتكاب النهي؛ لما وقع من ترك الرماة موقفهم الذي أمرهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ألا يبرحوا منه.

ومنها أن عادة الرسل أن تبتلى وتكون لها العاقبة، والحكمة في ذلك أنهم لو انتصروا دائماً دخل في المؤمنين من ليس منهم، ولم يتميز الصادق من غيره، ولو انكسروا دائماً لم يحصل المقصود من البعثة، فاقتضت الحكمة الجمع بين الأمرين لتمييز الصادق من الكاذب، وذلك أن نفاق المنافقين كان مخفياً عن المسلمين، فلما جرت هذه القصة، وأظهر أهل النفاق ما أظهروه من الفعل والقول عاد التلويح تصريحاً، وعرف المسلمون أن لهم عدواً في دورهم، فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم .

ومنها أن في تأخير النصر في بعض المواطن هضماً للنفس، وكسراً لشماختها، فلما ابتلي المؤمنون صبروا، وجزع المنافقون .

ومنها أنّ الله هيأ لعباده المؤمنين منازل فى دار كرامته لا تبلغها أعمالهم، فقيض لهم أسباب الابتلاء والمحن ليصلوا إليها.

ومنها أنّ الشهادة من أعلى مراتب الأولياء فساقها إليهم. ومنها أنّه أراد إهلاك أعدائه، فقيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها ذلك من كفرهم وبغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه، فمحص بذلك ذنوب المؤمنين ومحق بذلك الكافرين.

يتبع .......

منقول بتصرف يسير من كتاب السيرة (الرحيق المختوم )

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين