نبي الرحمة (25)

غزوة أحد (4)

البطولات النادرة:

قال أنس: لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأبو طلحة بين يديه مُجَوِّبٌ عليه بحَجَفَةٍ له- يحميه بترسه- وكانَ رَجُلاً رَامِياً شَدِيدَ النَّزْعِ كَسَرَ يَومَئذٍ قَوْسَيْنِ أوْ ثلاثاً، وكانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ معهُ بجَعْبَةٍ مِنَ النَّبْلِ فيَقولُ: (انْثُرْهَا لأبِي طَلْحَةَ) قالَ: ويُشْرِفُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ يَنْظُرُ إلى القَوْمِ فيَقولُ أبو طَلْحَةَ: بأَبِي أنْتَ وأُمِّي لا تُشْرِفْ، يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِن سِهَامِ القَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ. وعنه قال: كانَ أَبُو طَلْحَةَ يَتَتَرَّسُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتُرْسٍ واحِدٍ، وكانَ أَبُو طَلْحَةَ حَسَنَ الرَّمْيِ فَكانَ إذَا رَمَى تَشَرَّفَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ، فَيَنْظُرُ إلى مَوْضِعِ نَبْلِهِ ...وقام أبو دجانة أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فترس عليه بظهره والنبل يقع عليه وهو لايتحرك...وتبع حاطب بن أبي بلتعة عتبة بن أبي وقاص-الذي كسر الرباعية الشريفة- فضربه بالسيف حتى طرح رأسه ثم أخذ فرسه وسيفه. وكان سعد بن أبي وقاص حريصاً على قتل أخيه عتبة فظفر به حاطب... وكان سهل بن حنيف أحد الرماة الأبطال، بايع النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الموت، ثم قام بدور في رد المشركين...وكان صلى الله عليه وآله وسلم يباشر الرماية بنفسه،عن قتادة بن النعمان أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم رمى عن قوسه حتى اندقت سِيَتُها، فأخذها قتادة فكانت عنده، وأصيبت عينه حتى وقعت على وجنته، فردَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده، فكانت أحسن عينيه وأحدّهما...وقاتل عبد الرحمن بن عوف حتى أصيب فوه فهُتِم-كُسِرت ثَنِيَّتُه- وجُرح عشرين جراحة أو أكثر وأصيبت رجله فعرج...وامتص مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدم من وجنته صلى الله عليه وآله وسلم حتى أنقاه فقال: (مُجَّه) فقال: والله لا أمَجُّه أبداً. ثم أدبر يقاتل فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا) فقُتل شهيداً...وقاتلت أم عمارة فاعترضت ابن قَمِئَة فضربها على عاتقها ضربة تركت جرحاً أجوف وضربته عدة ضربات بسيفها، لكن كانت عليه درعان فنجا، وبقيت تقاتل حتى أصابها اثنا عشر جرحاً...وقاتل مصعب بن عمير بضراوة يدفع عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هجوم ابن قَمِئَة وأصحابه، وكان اللواء بيده، فضربوه على يده اليمنى حتى قطعت، فأخذه باليسرى وصمد حتى قُطعت اليسرى، ثم برك عليه بصدره وعنقه حتى قتله ابن قَمِئَة، وهو يظنّه رسول الله- لشبهه به- فانصرف ابن قَمِئَة إلى المشركين وصاح: إن محمداً قد قُتل

إشاعة مقتل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأثره على المعركة:

وشاع الخبر فخارت عزائم كثير من الصحابة المطوقين، الذين لم يكونوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعم الإضطراب، إلا أن الخبر خفف من هجمات المشركين، فانشغلوا بتمثيل قتلى المسلمين.

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يواصل المعركة وينقذ الموقف:

قُتل مصعب فأعطى صلى الله عليه وآله وسلم اللواء علي بن أبي طالب فقاتل بشدة وقام بقية الصحابة ببطولات نادرة، فاستطاع صلى الله عليه وآله وسلم أن يشق الطريق إلى جيشه المطوق، فأقبل إليهم وكان أول من عرفه كعب بن مالك فنادى: يا معشر المسلمين أبشروا، هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأشار إليه أن اصمت لئلا يعرف موضعه المشركون، لكن الصوت بلغ المسلمين، فلاذوا إليه حتى تجمع حوله حوالي ثلاثين صحابياً. بعدها أخذ صلى الله عليه وسلم في الانسحاب المُنَظَّم إلى شعب الجبل يشق الطريق بين المشركين الذين اشتد هجومهم لعرقلة الإنسحاب, لكنهم فشلوا لبسالة المسلمين. وتقدم عثمان بن عبد الله بن المغيرة- أحد فرسان المشركين- إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: لا نجوت إن نجا. وقام صلى الله عليه وآله وسلم لمواجهته. إلا أن الفرس عثرت في بعض الحفر، فنازله الحارث بن الصِّمَّة، فضرب على رجله فأقعده، ثم ذفف عليه وأخذ سلاحه. وعطف عبد الله بن جابر- فارس مشرك- على الحارث بن الصِّمَّة فضرب بالسيف على عاتقه فجرحه وحمله المسلمون، وانقض أبو دجانة على عبد الله بن جابر فضربه بالسيف فطار رأسه. وأثناء هذا القتال المرير، كان المسلمون يأخذهم النعاس أمنة من الله كما تحدث القرآن. قال أبو طلحة: كنت فيمن تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يوم أحد، حتى سقط سيفي من يدي مراراً، يسقط وآخذه، ويسقط وآخذه. وبهذه البسالة بلغت الكتيبة- في انسحاب منظم- إلى شعب الجبل وشق لبقية الجيش طريقاً آمناً، وفشلت عبقرية خالد أمام عبقرية النبي صلى الله عليه وسلم.

مقتل أبيّ بن خلف:

قال ابن إسحاق: فلما أسند صلى الله عليه وآله وسلم في الشعب أدركه أُبَيّ بْنُ خَلَفٍ وهو يقول: أين محمد لا نجوت إن نجا؟ فقال القوم: يا رسول الله أيعطف عليه رجل منا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (دعوه). فلما دنا منه تناول صلى الله عليه وآله وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، فلما أخذها منه انتفض انتفاضة تطايروا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انتفض، ثم استقبله، وأبصر تَرْقُوَتَه من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة، فطعنه فيها طعنة تدأدأ- تدحرج- منها عن فرسه مراراً، فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشاً غير كبير فاحتقن الدم قال: قتلني والله محمد. قالوا له: ذهب والله فؤادك، والله إن بك من بأس، قال: إنه قد كان قال لي بمكة: أنا أقتلك فو الله لو بصق عليّ لقتلني، فمات عدو الله بِسَرِفِ، وهم قافلون به إلى مكة.

طلحة ينهض بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:

في أثناء انسحابه صلى الله عليه وآله وسلم إلى الجبل عرضت له صخرة من الجبل، فنهض إليها ليعلوها، فلم يستطع، لأنه قد أصابه جرح شديد. فجلس تحته طلحة بن عبيد الله، فنهض به حتى استوى عليها وقال: (أوجب طلحة) أي الجنة.

آخر هجوم قام به المشركون:

لما تمكن صلى الله عليه وآله وسلم من مقر قيادته في الشعب، قام المشركون بآخر هجوم. قال ابن إسحاق: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الشعب إذ علت عالية من قريش الجبل- يقودهم أبو سفيان وخالد بن الوليد- فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا) فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل. وفي مغازي الأموي أن المشركين صعدوا على الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لسعد:(اجْنُبهُم) -ارددهم- فقال: كيف أجنبهم وحدي؟فقال ذلك ثلاثاً، فأخذ سعد سهماً من كنانته فرمى به رجلاً فقتله، قال: ثم أخذت سهمي أعرفه فرميت به آخر فقتلته، ثم أخذته أعرفه فرميت به آخر فقتلته فهبطوا من مكانهم، فقلت: هذا سهم مبارك فجعلته في كنانتي. فكان عند سعد حتى مات، ثم كان عند بنيه.

تشويه الشهداء:

لم يعرف المشركون مصيره صلى الله عليه وسلم - كانوا على شبه اليقين من قتله- فرجعوا إلى مقرهم وتهيأوا للرجوع إلى مكة، واشتغل بعضهم بالتمثيل بقتلى المسلمين يقطعون الآذان والأنوف والفروج ويبقرون البطون، وبقرت هند بنت عتبة كبد حمزة، فلاكتها فلم تستطيع أن تسيغها، فلفظتها، واتخذت من الآذان والأنوف خدماً - خلاخيل- وقلائد.

مدى استعداد أبطال المسلمين للقتال حتى نهاية المعركة:

قال كعب بن مالك: كنت فيمن خرج من المسلمين، فلما رأيت تمثيل المشركين بقتلى المسلمين قمت فتجاوزت، فإذا رجل من المشركين جمع اللأمة يجوز المسلمين وهو يقول: استوسقوا كما استوسقت جزر الغنم، وإذا رجل من المسلمين ينتظره، وعليه لأمته، فمضيت حتى كنت من ورائه، فإذا الكافر أفضلهما عدة وهيئة، فلم أزل أنتظرهما حتى التقيا، فضرب المسلم الكافر ضربة فبلغت وركه وتفرق فرقتين، ثم كشف المسلم عن وجهه وقال: كيف ترى يا كعب؟ أنا أبو دجانة... وجاءت نسوة من المؤمنين إلى ساحة القتال بعد نهاية المعركة، قال أنس: لقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وأنهما لمشمرتان-أرى خدم سوقهما- تَنْقُزَانِ القِرَبَ على متونهما، تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنهما، ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم... وقال عمر: كانت (أم سليط) تزفر لنا القِرَبَ يوم أحد... ولما رأت أم أيمن فلول المسلمين يريدون دخول المدينة، أخذت تحثو في وجوههم التراب وتقول لبعضهم: هاك المغزل وهلم سيفك. ثم سارعت إلى ساحة القتال فأخذت تسقي الجرحى، فرماها حِبَّان بن العَرَقَة بسهم فوقعت وتكشفت فأغرق عدو الله في الضحك، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فدفع إلى سعد بن أبي وقاص سهماً لا نصل له وقال: (ارم به) فرمى به سعد، فوقع السهم في نحر حِبَّان فوقع مستلقياً حتى تكشف، فضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال:(استقاد لها سعد، أجاب الله دعوته).

بعد انتهاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى الشعب:

لما استقر صلى الله عليه وآله وسلم في الشعب خرج علي بن أبي طالب، حتى ملأ دَرَقَته ماء من المِهْرَاس- صخرة منقورة تسع كثيراً وقيل:اسم ماء بأحد- فجاء به إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليشرب منه، فوجد له ريحاً فعافه فلم يشرب منه وغسل عن وجهه الدم وصب على رأسه وهو يقول:(اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ نَبِيِّهِ) قال سهل: والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن كان يسكب الماء وبما دُووِيَ؟ كانت فاطمة ابنته تغسله، وعلي بن أبي طالب يسكب الماء بالمِجَنِّ، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة من حصير فأحرقتها فألصقتها، فاستمسك الدم. وجاء محمد بن مسلمة بماء عذب سائغ، فشرب منه صلى الله عليه وآله وسلم، ودعا له بخير، وصلى الظهر قاعداً من أثر الجراح، وصلى المسلمون خلفه قعوداً.

شماتة أبي سفيان وحديثه مع عمر:

أشرف أبو سفيان على الجبل فنادى: أفيكم محمد؟ فلم يجيبوه. فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ فلم يجيبوه. فقال: أفيكم عمر بن الخطاب؟ فلم يجيبوه- منعهم صلى الله عليه وآله وسلم من الإجابة- ولم يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة لعلمه وعلم قومه أن قيام الإسلام بهم. فقال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم، فلم يملك عمر نفسه أن قال: يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياء، وقد أبقى الله ما يسوءك، فقال: قد كان فيكم مُثْلَة- تمثيل بالقتلى-، لَمْ آمُرْ بهَا ولَمْ تَسُؤْنِي. ثم قال: اعْلُ هُبَلْ. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا تجيبونه؟) فقالوا: فما نقول؟ قال: (قولوا: اللَّهُ أَعْلَى وأَجَلُّ). ثم قال: لنا العُزَّى ولَا عُزَّى لكم. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا تجيبونه؟) قالوا: ما نقول؟ قال: (قولوا: اللَّهُ مَوْلَانَا، ولَا مَوْلَى لَكُمْ). ثم قال أبو سفيان: أنْعَمْتَ فَعَال، يوم بيوم بدر والحرب سجال. فأجاب عمر وقال: لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. ثم قال أبو سفيان: هلم إليّ يا عمر، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (ائته فانظر ما شأنه؟) فجاءه، فقال له أبو سفيان: أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمداً؟ قال عمر: اللهم لا وإنه ليستمع كلامك الآن. قال: أنت أصدق عندي من ابن قَمِئَة وأبرّ.

مواعدة التلاقي في بدر:

قال ابن إسحاق: ولما انصرف أبو سفيان ومن معه نادى: إن موعدكم بدر العام القابل. فقال صلى الله عليه وآله وسلم لرجل من أصحابه: (قل: نعم، هو بيننا وبينك موعد).

التثبت من موقف المشركين:

بعث صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب، فقال:(اخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون؟ وما يريدون؟ فإن كانوا قد جَنَبُوا الخيل، وامْتَطُوا الإبل فإنهم يريدون مكة.. وإن كانوا قد ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة، والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرنّ إليهم فيها، ثم لأناجزنّهم). قال علي: فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون، فجنبوا الخيل وامتطوا الإبل، ووَجَّهُوا إلى مكة

تفقد القتلى والجرحى:

فرغ الناس لتفقد القتلى والجرحى بعد منصرف قريش. قال زيد بن ثابت: بعثني صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد أطلب سعد بن الربيع، فقال لي: (إن رأيته فأقرئه مني السلام، وقل له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كيف تجدك؟) قال: فجعلت أطوف بين القتلى، فأتيته وهو بآخر رمق، وفيه سبعون ضربة: ما بين طعنة برمح، وضربة بسيف، ورمية بسهم، فقلت: يا سعد، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ عليك السلام، ويقول لك: أخبرني كيف تجدك؟ فقال: وعلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السلام، قل له: يا رسول الله أجد ريح الجنة، وقل لقومي الأنصار: لا عذر لكم عند الله إن خُلِص إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفيكم عين تطرف، وفاضت نفسه من وقته. ووجدوا في الجرحى الأُصَيْرَم ــ عمروَ بن ثابت ــ وبه رمق يسير، وكانوا من قبل يعرضون عليه الإسلام فيأباه، فقالوا: إنّ هذا الأُصَيْرَم ما جاء به؟ لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمر، ثم سألوه: ما الذي جاء بك؟ أحَدَبٌ على قومك، أم رغبةٌ في الإسلام؟ فقال: بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله ورسوله ثم قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(هو من أهل الجنة). قال أبو هريرة: ولم يصل لله صلاة قط.

ووجدوا في الجرحى قَزْمَان - وقد قاتل قتال الأبطال, قتل وحده سبعة أو ثمانية من المشركين- وجدوه قد أثبتته الجراحة، فاحتملوه إلى دار بني ظفر، وبشره المسلمون فقال: والله إن قاتلت إلا عن أحساب قومي، ولولا ذلك ما قاتلت. فلما اشتد به الجراح نحر نفسه. وكان صلى الله عليه وسلم يقول إذا ذكر له: (إنه من أهل النار) وهذا مصير المقاتلين في غير سبيل الله وإن قاتلوا تحت لواء الإسلام، بل وفي جيش الرسول والصحابة. وعلى عكس هذا كان في القتلى رجل من يهود بني ثعلبة، قال لقومه: يا معشر يهود والله لقد علمتم أنّ نصر محمد عليكم حق. قالوا: إنّ اليوم يوم السبت. قال: لا سبت لكم. فأخذ سيفه وعدته وقال: إن أصبت فمالي لمحمد يصنع فيه ما شاء، ثم غدا فقاتل حتى قتل، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:( مُخَيرِيق خير يهود).

يتبع .......

منقول بتصرف يسير من كتاب السيرة (الرحيق المختوم)

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين