مختارات من تفسير (من روائع البيان في سور القرآن) (الحلقة 227)

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ٢٦٧﴾ [البقرة: 267]

السؤال الأول:

ما دلالة الاختلاف في نهايات آيات البقرة [ 263ـ 267ـ 268]؟

الجواب:

فاصلة الآية 263 ﴿ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٞ٢٦٣ لمّا ذكر الأذى ناسب ذكر الحلم؛ لأنّ الحليم لا يعجل بالعقوبة ولا يغضب سريعاً إذا أُوذي، فلمّا ذكر الأذى ناسب ذكر الحِلم.

فاصلة الآية 267 ﴿أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ٢٦٧ هذه ليس فيها ذكر أذى وإنما إنفاق ما هو خِلاف الأَوْلى، أنت إذا أنفقت من الخبيث فالله غني عن هذا، والله تعالى يقول: ﴿وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ [البقرة:267]؛ لذا يجب أنْ تنفق الطيب وليس الخبيث الرديء، فإذا أنت أنفقت الخبيث في سبيل الله فالله غني عن هذا.

فاصلة الآية 268 ﴿ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ٢٦٨ الله واسعٌ بالرحمة والفضل، وهو واسعُ المغفرة والفضل، عليم بما تنفقون، فيجازيكم على ما تنفقون، فهو واسع العطاء واسع الخير واسع الرحمة، وعليم بما تفعل فيجازيك، فلماذا تخشى الفقر؟ الشيطان يعدكم الفقر والله تعالى واسع العطاء وواسع المغفرة وواسع الرحمة، فلماذا تخشى الفقر.

السؤال الثاني:

ما دلالات هذه الآية ؟

الجواب:

هذه الآية تحث على الإنفاق من المال الحلال الطيب .

2 ـ قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ  أي لا تقصدوا الخبيث في العطاء.

 3 ـ  قوله تعالى : ﴿تُغۡمِضُواْ  الإغماض : غض البصر ، والمُراد به هو التجاوز والتسامح والمساهلة .

4 ـ قوله تعالى : ﴿مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِ‍َٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ   هو استفهام على سبيل الإنكار ، والمعنى : أمِنهُ تنفقون مع أنكم لستم بآخذيه ، ولو أهدي إليكم لما أخذتموه إلا على استحياء وإغماض !!؟

5 ـ قوله تعالى : ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ٢٦٧   أي : الله الذي رزقكم (غني) عن صدقاتكم ، مستحق للثناء عليه  ( حميد ) محمود في كل حال .

6 ـ  إنّ الإنفاق يجب أن يكون من الكسب الطيب الحلال، فلا تأتي بمال من مصدر غير حلال لتنفق منه على أوجه الخير، فالله طيب لا يقبل إلا طيباً، ولا يكون الإنفاق من رُذَال وردِيء المال، ولا يصح ولا يليق أن نأخذ لأنفسنا طيبات الكسب ونعطي الله رديء الكسب وخبيثه ؛ لأنّ الواحد منا لا يرضى لنفسه أن يأخذ لطعامه أو لعياله هذا الخبيث غير الصالح لننفق منه أو لنأكله ﴿ وَلَسۡتُم بِ‍َٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ٢٦٧ أي أنك أيها العبد المؤمن لن ترضى لنفسك أن تأكل من الخبيث إلا إذا أغمضت عينيك عنه لخبثه وكراهة أخذه... والله أعلم .

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين