من روائع البيان في سور القرآن (171)

مختارات من كتاب من روائع البيان في سور القرآن (الحلقة 171)

مثنى محمد هبيان

 

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتهُ ٱلعِزَّةُ بِٱلإِثمِۚ فَحَسبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئسَ ٱلمِهَادُ﴾ [البقرة: 206]

السؤال الأول:

ما دلالة ﴿ٱتَّقِ ٱللَّهَ﴾ في الآية ؟

الجواب:

معنى: ﴿ٱتَّقِ ٱللَّهَ﴾ أي: ليكن ظاهرُك موافقاً لباطنك، فلا يكفي أنْ تقولَ قولاً يُعجب الآخرين ، ولا يكفي أنْ تفعل فعلاً يُعجب الغير؛ لأنّ الله يحب أنْ يكون القولُ منسجماً مع الفعل، وأنْ يكون فعلُ الجوارح منسجماً مع نيات القلب.

السؤال الثاني:

كيف تكون جهنم دار مِهاد ونوم في قوله تعالى: ﴿فَحَسُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئسَ ٱلمِهَادُ﴾ ؟

الجواب:

1ـ وصف الله تبارك وتعالى الأرضَ بأنها مِهادٌ لنا في حياتنا؛ لأنها مهيأة للسعي والنوم.

 وأمّا في قوله تعالى: ﴿وَلَبِئسَ ٱلمِهَادُ﴾، فهذا أقصى أنواع التهكم بهؤلاء الكافرين، فالإنسان يتخذ المكان الوثير مهاداً ليهنأ بنومه، أمّا الكافرُ فلِسُخْفِ عقله أخذ النار والعذاب مكان نومه، فتأمل!.

2ـ وكلمة (مهاد) أي: ممهد ومريح، ولذلك يسمون فراشَ الطفل المهد.

وهل المهاد بهذه الصورة يناسب العذاب؟ نعم؛ لأنّ الذي يجلس في المهاد لا إرادة له في أنْ يخرج منه كالطفل فلا قوة له أنْ يغادر الفراش، فإذا كان المهادُ بهذه الصورة في النار فهو بئس المهاد.

السؤال الثالث:

ما الفرق بين ختامي الآيتين: آية لقمان 6 و آية البقرة 206، حيث بدأت كلتاهما بالمفرد، لكن انتهت آية لقمان بالجمع ؟

الجواب:

أولا: استعراض الآيات:

قال تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشتَرِي لَهوَ ٱلحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيرِ عِلمٖ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ﴾  [لقمان:6] . 

 ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُۥ فِي ٱلحَيَوٰةِ ٱلدُّنيَا وَيُشهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلخِصَامِ﴾ [البقرة: 204].

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتهُ ٱلعِزَّةُ بِٱلإِثمِۚ فَحَسبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئسَ ٱلمِهَادُ﴾ [البقرة:206] .

ثانياً: البيان:

1ـ بدأت آية لقمان بالمفرد ﴿مَن يَشتَرِي﴾ [لقمان:6] وانتهت بالجمع ﴿أُوْلَٰٓئِكَ﴾ [لقمان:6] فهل هنالك رابط؟

نعم يوجد رابط؛ فإنه لما قال: ﴿لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾، هذا سيكون تهديداً له ولمن يضلهم، وليس له فقط ،فهو جمعهم في زمرته هو ومن يتبعه (المُضِل والضال)، إذن ليسا واحداً وإنما أصبحت جماعة، فناسب التهديد بصيغة الجمع له ولكل من يضله ﴿أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ﴾ [لقمان:6] .

2ـ في آيتي البقرة ( 204 ـ 206 )، قال: ﴿فَحَسبُهُۥ جَهَنَّمُۖ﴾ [البقرة:206] بصيغة الإفراد؛ لأنه لم يذكر أحداً معه فبدأ بالمفرد وانتهى بالمفرد؛ لأنه لم يتعلق بالآخر .

والله أعلم .

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين