من روائع البيان في سور القرآن (168)

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (الحلقة 168)

مثنى محمد هبيان

 

﴿وَٱذكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَومَينِ فَلَآ إِثمَ عَلَيهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثمَ عَلَيهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيهِ تُحشَرُونَ﴾ [البقرة: 203]

السؤال الأول:

لم خصّ الله تعالى الذكر فى هذه الأيام ﴿وَٱذكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعدُودَٰتٖۚ﴾؟

الجواب:

لاحظ أنّ الله أمر عباده بالذِكر مع أنهم في الحج والموسم موسم عبادة، وخَصّ بالذكر الأيام المعدودات وهي أيام رمي الجِمار، وذلك لأنّ أهل الجاهلية كانوا يشغلون هذه الأيام بالتغامز ومغازلة النساء، فأراد الله تعالى صرفهم عن هذا الإثم إلى الخير دون ذِكر ما يفعلون.

السؤال الثاني:

ما أهم الدروس في هذه الآية؟

الجواب:

 1ـ قول الحق سبحانه: ﴿فِيٓ أَيَّامٖ مَّعدُودَٰتٖۚ﴾ وهي أيام التشريق الثلاثة، ثم قوله: ﴿فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَومَينِ﴾ يدل على أنّ كلمة (أيام) تطلق على الجمع وهو الأكثر من يومين.

2 ـ (في أيام معدودات) و (في أيام معلومات): الأيام المعدودات هي أيام التشريق، و الأيام المعلومات هي أيام عشر ذي الحجة، وهي أفضل أيام السنة، وكلاهما أمر الله سبحانه بالذكر فيهما لفضلهما.

3ـ لكنّ الحق جعل للقيام بيومين حكم القيام بالثلاثة، فإنْ تعجلت في يومين فلا إثم عليك، ومن قضى ثلاثة أيام فلا إثم عليه، فكيف يكون ذلك؟

والجواب: لأنّ المسألة ليست زمناً ولكنها استحضار نية تعبدية، فقد تجلس ثلاثة أيام وأنت غير مستحضر النية التعبدية؛ لذلك قال الله تعالى في كتابه: ﴿لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ﴾ فإياك أنْ تقارن الأفعال بزمنها، وإنما بإخلاص النية والتقوى فيها.

4ـ جملة: ﴿إِلَيهِ تُحشَرُونَ﴾ جاءت لتناسب زحمة الحج، فإذا كنت قد ذهبت باختيارك إلى هذا الحشر البشري في الحج فاعرف أنّ الذي كلفك بهذا الذهاب الاختياري هو القادر على أنْ يأتي بك وقد سُلب منك الاختيار.

5ـ كان أهل الجاهلية فريقين، منهم من جعل المتعجل آثماً ومنهم من جعل المتأخر آثماً، فأخبر الله بنفي الإثم عنهما جميعاً، أو أنه لا إثم على المتأخر في تركه الأخذ بالرخصة، مع أنّ الله تعالى يحب أنْ تؤتى رخصه كما يحب أنْ تؤتى عزائمه، أو أنّ معناه انتفاء الإثم عنهما موقوف على التقوى لا على مجرد الرخصة أو العزيمة.

والله أعلم.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين