من روائع البيان في سور القرآن (165)

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (الحلقة 165)

مثنى محمد هبيان

 

﴿لَيسَ عَلَيكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَبتَغُواْ فَضلا مِّن رَّبِّكُمۡۚ فَإِذَآ أَفَضتُم مِّنۡ عَرَفَٰتٖ فَٱذكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلمَشعَرِ ٱلحَرَامِۖ وَٱذكُرُوهُ كَمَا هَدَىٰكُمۡ وَإِن كُنتُم مِّن قَبلِهِۦ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ﴾ [البقرة: 198]

السؤال الأول:

ما أهم وقفات هذه الآية؟

الجواب:

لا مانع أنْ يذهب الإنسان ليحج ويتاجر، وقديماً كانوا يقولون: حاج وداج، لمن يذهب إلى الأراضي المقدسة للتجارة.

والتجارة إذا أوقعت نقصاناً في الطاعة لم تكن مباحة، وإنْ لم توقع نقصاناً فهي من المباحات.

السؤال الثاني:

قوله تعالى: ﴿تَبتَغُواْ فَضلا مِّن رَّبِّكُمۡۚ﴾ [البقرة:198] ولم يقل: رزقاً، مثلاً، فما السبب؟

الجواب:

آ ـ قال الحق: ﴿تَبتَغُواْ فَضلا مِّن رَّبِّكُمۡۚ﴾ [البقرة:198] ولم يقل: رزقاً؟ لأنك في الأصل أنت تذهب إلى الحج ومعك زادك ونفقتك، أي: لا تذهب إلى الحج لتأكل من التجارة، فإنْ كسبت شيئاً إضافياً من التجارة فهو فضل، أي: أمر زائد عن الحاجة.

ب ـ الرزق والفضل من الله، وإياك أنْ تقول: قوة أسباب وذكاء، بل الرزق كله من الله.

السؤال الثالث:

ما دلالة قوله تعالى: ﴿فَإِذَآ أَفَضتُم مِّنۡ عَرَفَٰتٖ﴾ [البقرة:198] في الآية؟

الجواب:

آـ قوله تعالى: ﴿فَإِذَآ أَفَضتُم مِّنۡ عَرَفَٰتٖ﴾ [البقرة:198] تدل على أنّ الله قد حكم بأنّ عرفات سوف تمتلىء امتلاء، وكل من يخرج منها كأنه فائض عن العدد المحدد لها، فكأنه سيل متدفق. والإفاضة دفع بكثرة، من أفضت الماء إذا صببته بكثرة، وكل دفعة إفاضة. وهناك إفاضتان: إفاضة من عرفات، وإفاضة من مزدلفة.

ب ـ قيل: إنّ آدم هبط في مكان، وحواء هبطت في مكان، وظل كلاهما يبحث عن الآخر باشتياق شديد لأنهما زوجان وتلاقيا في عرفة، ومن هذا التفرق كان الشوق ثم اللقاء.

ج ـ قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ حَيثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ﴾ [البقرة:199] أفادت أنه لا بدّ من المبيت في مزدلفة. وقال آخرون: إنّ المقصود به من حيث أفاض إبراهيم عليه السلام.

السؤال الرابع:

لماذا كرّر طلب الذكر في الآية فقال: ﴿فَٱذكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلمَشعَرِ ٱلحَرَامِۖ وَٱذكُرُوهُ كَمَا هَدَىٰكُمۡ﴾ [البقرة:198]؟

الجواب:

كرّر طلب الذكر تنبيهاً على أنه أراد ذكراً مكرراً لا ذكراً واحداً، ولأنه زاد في الثاني قوله: ﴿كَمَا هَدَىٰكُمۡ﴾ [البقرة:198] يعني اذكروه بأحديّته كما ذكركم الله تعالى بهدايته.

أو أنه إشارة إلى أنه أراد بالذكر الأول الجمع بين الصلاتين بمزدلفة، وبالثاني الدعاء بعد الفجر فلا تكرار. أو الِإشارة بالأول إلى الذكر باللفظ، وبالثاني إلى الذكر بالقلب. والله أعلم.

السؤال الخامس:

ما الفرق بين التعبيرين في القرآن الكريم {لَّا جُنَاحَ عَلَیكُمۡ} و {لَیسَ عَلَیكُمۡ جُنَاحٌ

الجواب:

جملة (لا جناح عليكم) جملة اسمية تدل على الثبوت والدوام، وجملة (ليس عليكم جناح) جملة فعلية تدل على الحدث والتجدد والانقطاع، و الجملة الاسمية أقوى من الفعلية، لذا تأتي الأولى في سياق العبادات والحقوق والعلاقات الأسرية، وتأتي الثانية في سياق البيع والشراء والتجارة والآداب والأخلاق وفضائل الأعمال.

لمزيد من التفصيل انظر الجواب في آية البقرة 158.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين