الحكم التشريعي العشرون :
عِدة المرأة وحقوقها وواجباتها
﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ
يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ
أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: 228 ]
السؤال الأول:
ما الفرق بين (زوج)
و(بعل) ؟
الجواب:
1ـ البعل: هو الذكر من الزوجين، ويُقال:
زوج للأنثى والذكر، والبعل في الأصل من الاستعلاء، يعني: السيد القائم المشرف، وبعل المرأة: سيِّدُها، وسُمِّيَ كلُّ مستعلٍ على غيره بعلاً كما في قوله تعالى في آية الصافات:
﴿ أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ
أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ١٢٥﴾ [الصافات:125] ؛ لأنهم يعتبرونه سيدهم المستعلي عليهم، وسميت الأرض المستعلية:
بعلاً.
2ـ بعل: اسم علم لصنم من ذهب كانوا يعبدونه كمناة وهبل، وكان في مدينة بعلبك في لبنان، ولربما اشتق اسمها من اسمه.
3ـ الزوج: هو للمواكبة؛ ولذلك تطلق على الرجل والمرأة؛ هي زوجه وهو زوجها، انظر الآيات:[
البقرة 35ـ الصافات 22ـ النور 31].
4ـ ولذلك قيل:
إنه في القرآن لا يقال (زوجة) إلا إذا كانت مماثلة له.
شواهد قرآنية:
آ ـ امرأة فرعون:
لم يقل زوج فرعون؛ لأنها ليست مماثلة له، فذَكَرَ الجنس:
امرأة.
ب ـ امرأة لوط، امرأة نوح؛ لأنّ
كلَّ واحدة منهما كانت مخالفة لزوجها: هو مسلم وهي كافرة، فذكر الجنس: امرأة.
بينما قال الله في آية الأحزاب 6: ﴿ ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ
مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَٰجُهُۥٓ
أُمَّهَٰتُهُمۡۗ ﴾ لأنهن فيهن مماثلة فهنَّ على طريقه، وهنَّ جميعاً مؤمنات وأزواجه في الدنيا والآخرة .
السؤال الثاني:
قوله تعالى في هذه الآية:
﴿ وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ ﴾ فجاء بـ (الذي)
وفي آية البقرة 229، قال: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَأۡخُذُواْ مِمَّآ
ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ شَيًۡٔا ﴾ فجاء بـ (ما)
فما الفرق ؟
الجواب:
1ـ القاعدة أنّ (الذي)
أخص من (ما).
2ـ آية البقرة 228
جاء بـ (الذي) ﴿ وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ ﴾ وهي معلومة في حقوق النساء وواجباتهن .
وأما آية البقرة 229
فجاء بـ (ما) ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَأۡخُذُواْ مِمَّآ
ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ شَيًۡٔا ﴾ [البقرة:229] ؛ لأنّ ذلك في المهر، وهو غير محدد ولا معلوم.
فجاء للمحدد المعلوم بـ (الذي)، ولما هو عام بـ (ما).
السؤال الثالث:
ما الحكمة في جعل (المطلقات)
مبتدأ وجملة (يتربصن) هي الخبر؟ وما دلالة أنه لم يجعل الجملة فعلية فيقول
مثلاً : ( تتربصن المطلقات )؟
الجواب:
إذا قدّمتَ الاسمَ فهذا يفيد من التوكيد والقوة ما لا يفيده تأخيره، فقولك:
زيدٌ فعل، أقوى من قولك: فعَلَ زيدٌ؛ لأنّ الأول يخصص الفاعل بذلك الفعل وتقديم ذكر المحدث عنه.
السؤال الرابع:
قوله تعالى: ﴿ وَٱلۡمُطَلَّقَٰتُ
يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ
قُرُوٓءٖۚ ﴾ ما فائدة ذكر (الأنفس) ؟
الجواب:
في ذكر(الأنفس)
تهييجٌ لهن على التربص؛ وذلك لأنّ أنفس النساء طوامح إلى الرجال، فأراد أنْ يقمَعنَ أنفسهن ويغلبنها ويجبرنها على التربص.
السؤال الخامس:
هل (القروء)
جمع كثرة أم جمع قلة ؟
الجواب:
(القروء) جمع كثرة مع أنّ المراد ثلاثة وهي قليلة، ولعلّ السبب أنّ (القروء)
أكثر استعمالاً عند العرب من (الأقراء).
ذكر ابن مالك أنه أوثر جمع الكثرة هنا ، لأنّ بناء القلة شاذ ، فإنّ (
قروء ) جمع ( قَرء ) بفتح القاف ، وجمع ( فَعل) على ( أفعال )
شاذٌ قياساً ، فجمعوه على (فعول ) إيثاراً للفصيح
، فأشبه ما ليس له إلا جمع كثرة ، فإنه يضاف إليه كثلاثة دراهم .
ذكره ابن مالك .
وجاء في البسيط عن أهل المعاني:
أنّ القلة بالنسبة إلى كل واحد من المطلقات ، وإنما أضاف جمع الكثرة نظراً إلى كثرة المتربصات لأنّ كل واحدة تتربص ثلاثة. والله أعلم .
السؤال السادس:
لمَ لمْ يقل:
ثلاث قروء، كما يقال: ثلاث حيضات ؟
الجواب:
لأنه اتبع تذكير اللفظ، ولفظ (القروء) مذكر.
السؤال السابع:
ماذا تفيد الآية ؟
الجواب:
في هذه الآية خمسة أحكام :
1ـ عدة ذوات الحيض من النساء :( ثلاثة أطهار أو ثلاث حيضات)
بعد الطلاق .
2 ـ يَحرم على المرأة أن تكتم حملَها ، أو تزيد أو تنقص من عدتها .
3 ـ الزوج أحق بامرأته من غيره في الطلاق الرجعي مع وجود الرغبة بينهما.
4 ـ للمرأة من الحقوق والواجبات مثل ما عليها .
5ـ للرجل حقٌ زائدٌ على المرأة .
6 ـ عندما
يمتثل الزوجان ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ ﴾ [النساء:
19] وكذلك﴿ وَلَهُنَّ مِثۡلُ
ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ ﴾ [البقرة: 228] ويجعلان الوحي دستوراً لهما
يتذوقان بإذن الله ﴿ وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ ﴾ [الروم: 21].
السؤال الثامن:
ما أنواع العدّة ؟
الجواب:
عِدة النساء خمسة أنواع :
1ـ عدة ذوات الحيض ثلاثة أطهار أو ثلاث حيضات ، ويرجح أنّ القرء هو الطهر . ( انظر آية البقرة :228 ) .
2ـ إنْ كانت المرأةُ حاملاً سواء تُوفي عنها زوجها أو طلقها ، فعدتها بوضع الحمل . ( انظر آية الطلاق : 4 ) .
3 ـ إنْ كانت صغيرة لم تبلغ سن الحيض ، أو كبيرة انقطع عنها الحيض ، فعدتها ثلاثة أشهر . ( انظر آية الطلاق : 4 ) .
4 ـ المتوفى عنها زوجها ، سواء أَدَخَل بها زوجها أم لم يدخل ،
صغيرة أو آيسة، فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام .( انظر آية البقرة :234 ) .
5 ـ إذا طلقت الأنثى قبل الدخول بها ،
وبعد العقد عليها ، وكانت من ذوات الحيض ، فليس عليها عدّة . (
انظر آية الأحزاب :49 ) . والله أعلم .
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول