من خلال القوانين الوطنية الأمم المتحدة.. تسعى لإباحة الشذوذ الجنسي

 مع تفجر الثورة الجنسية في أوروبا في السبعينيات من القرن العشرين، وطغيان المد الإباحي، وتنامي موجة العلمانية، صار الطريق ممهدًا أمام «الحركات النسوية الراديكالية Radical Feminism» للمطالبة بتحكم المرأة الكامل في جسدها، وإعلان عدائها للرجل، مبررة ذلك العداء بأن الرجل هو المسئول عن كل معاناتها. ثم من خلال التغلغل في لجان الأمم المتحدة بدءًا بــــ«لجنة حقوق الإنسان» و«لجنة مركز المرأة» بالأمم المتحدة، حيث عملت تلك الحركات على بث أفكارها وأيديولوجياتها في العالم كله من خلال المواثيق الدولية التي تصدرها تلك اللجان.

وفي هذا الصدد يقول الدكتور محمد عمارة: "وفق هذه المواثيق التي فرضتها هذه الحركات الأنثوية المتطرفة على العالم، أصبح من حق المراهقين والمراهقات ممارسة الشذوذ الجنسي، والإتيان بالرفقاء والرفيقات إلى المخادع، تحت سمع وبصر الوالدين .. ومن يعترض يمكن محاكمته قانونيًّا في البلاد التي صدَّقت على اتفاقية الـ CEDAW!!. فنحن أمام دين جديد لقوم لوط الجدد!.. وكما يقول البروفسير الأمريكي "ويلكنز":"إن المجتمع الغربي قد دخل دوامة الموت، ويريد أن يجر العالم وراءه"! .. وكأنما شعارهم يقول: (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) [النمل:56]". (2)

"الجندر".. مدخل لإباحة الشذوذ

لقد تطور مفهوم «الـجندر (النوع) Gender» من كونه مصطلحًا لغويًا ليصبح نظريةً وأيديولوجيا لحركة نسوية واضحة المعالم تدعى «Radical Feminism»، أي النسوية الراديكالية، والتي أطلق عليها البعض «Gender Feminism»؛ لأنها هي الحركة التي أنتجت المفهوم الجديد للجندر.

ويعتبر منظور «الـجندر Gender» أن «خصائص» الرجال والنساء و«العلاقات» فيما بينهم مكتسبة من المجتمع، وأنها ليست بيولوجية وفطرية. وبناءً عليه يمكن تغيير «الوظائف والأدوار» التي يقوم بها كل منهما، فوفقًا لهيئة اليونسكو UNESCO: "يشير الجندر إلى أدوار ومسئوليات الرجال والنساء التي تنشأ في أسرنا ومجتمعاتنا وثقافاتنا ويشمل مفهوم الجندر أيضًا التوقعات المتعلقة بخصائص وقدرات وسلوكيات الرجال والنساء على حد سواء (الأنوثة والذكورة). الأدوار الجندرية Gender roles والتوقعات expectations يتم تعلُمَها ويمكن أن تتغير مع مرور الوقت وتتباين داخل الثقافة نفسها، وفيما بين الثقافات.. إنها ليست محددة سلفًا بيولوجيًا biologically predetermined ولا هي ثابتة إلى الأبد". (3)

أي أن وظائف الأمومة ورعاية الأسرة والمنزل –وفقًا لذلك التعريف- ليست مرتبطًة بيولوجيًّا بالمرأة، ووظائف القوامة وقيادة الأسرة ليست مرتبطة كذلك بالرجل، وإنما هي جميعًا موروثات من المجتمع، ليست ثابتة، وقابلة للتغيير!!

وقد عملت الأمم المتحدة على إدماج وتعميم «منظور الجندر Gender perspective» في المؤتمرات والمواثيق الدولية كمدخل لإباحة الشذوذ الجنسي، وذلك من خلال:

1. اعتبار أن اختيار «الهوية الجندرية Gender Identity» و «التوجُّه الجنسي Sexual Orientation» من حقوق الإنسان:

حيث اعتبرت المواثيق الدولية أن «هوية الإنسان» وهيأته التي يظهر بها في المجتمع، والتي أطلقت عليها «الهوية الجندرية Gender Identity»، إنما يحددها شعوره بنفسه كذكر أو كأنثى، وليست خلقته التي خلقه الله عليها، وهذا يعني أن هوية الإنسان متغيرة وليست ثابتة، وأنها خاضعة لرغبته الشخصية! وبهذا يُفتح الباب أمام تغيير ميول الشخص الجنسية فيما يعرف بــ «التوجُّه الجنسي Orientation Sexual»، أي اختياره نوع شريكه في العلاقة الجنسية!

ويتم تمرير أجندة «حقوق الشواذ» من خلال اعتبار أن اختيار «الهوية الجندرية» و «التوجُّه الجنسي» من «حقوق الإنسان الدولية». وهذا ما نصت عليه المبادئ التوجيهية بشأن الحماية الدولية (Guidelines on International Protection) التي تبنت التعريفات الواردة في «مبادئ يوجياكارتا» (4) كما يلي:

أ. الهوية الجندرية gender identity: "ما يشعر به كل شخص في قرارة نفسه من خبرة داخلية وفردية بالجندر، بصرف النظر عن النوع المقيَّد في شهادة الميلاد، بما في ذلك إحساس الشخص بجسده. وقد يشمل ذلك- بشرط حرية الاختيار- تعديل مظهر الجسد أو وظائفه بوسائل طبية أو جراحية أو بوسائل أخرى، وغير ذلك من وسائل التعبير عن النوع كاللباس وطريقة الكلام والسلوكيات". (5)

ب. التوجه الجنسي Sexual orientation: "والذي يشير إلى انجذاب كل شخص عاطفيًا ووجدانيًا وجنسيًا إلى أشخاصٍ من جنس آخر أو من ذات الجنس، أو من أكثر من جنس، وإقامة علاقة حميمة وجنسية معهم". (6)

وإذا غير الشخص هويته الجندرية، يصبح «متحول جندريا transgender»، فالجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA) American Psychological Association تعرف الـ«الهوية الجندرية Gender Identity» بأنها: "إحساس الفرد بنفسه كذكر male أو كأنثىfemale أو كمتحول جندريًا transgender. وعندما لا تكون الهوية الجندرية gender identity والجنس البيولوجي biological sex متطابقان، يمكن للفرد أن يُصنَّف على أنه متحول جنسيًا transsexual أو كفئة أخرى متحولة جندريًا another transgender category". (7)

وقد بدأت المجتمعات الغربية تتقبل «المتحولين جندريًا» وتتعامل معهم على أنهم أشخاص طبيعيون، لهم كل الحق في الاحترام والتمتع الكامل بكافة حقوق الإنسان، وأن مجرد استنكار وجودهم أو التعبير عن رفض تواجدهم داخل المجتمعات كفيل بإيقاع العقوبة القانونية بتهمة «التمييز» و «انتهاك حقوق الإنسان»! والتيار يسير باتجاه الدول الإسلامية من خلال الضغط الدولي عليها للالتزام بتطبيق المواثيق الدولية التي وقعت عليها.

2. العمل على تطبيق «مساواة الجندر Gender Equality»:

وقد عرَّف (دليل إدماج حقوق الإنسان ومساواة الجندر في وثيقة التقييمIntegrating Human Rights and Gender Equality in Evaluations- 2014) «مساواة الجندر Gender equality» كما يلي: "تشير مساواة الجندر إلى الهوية الجندرية gender identities والتوجه الجنسي sexual orientations. مساواة الجندر Gender equality هي الطريق التي يُنظَر بها إلى الأشخاص وينظرون إلى أنفسهم، على أنهم ذكور masculine أو إناث feminine". (8)

وبناء عليه، يتساوى الشواذ جنسيًا مع الأسوياء تساوٍ مطلق في الحقوق والواجبات، وإبطال كافة القوانين التي تعاقب على الشذوذ الجنسي، والسماح للشواذ بالتزاوج وتكوين أسر.

3. صك مصطلحات مطاطة:

ومن أجل ضمان تمرير حقوق الشواذ، وإدماجهم في المجتمعات، صكت الأمم المتحدة عددًا من المصطلحات المطاطة ووظفتها في إدماج حقوق الشواذ، من أهمها:

‌أ. هياكل الأسرة family structures (9) والأشكال المتعددة للأسرة Various forms of Families (10)، والتي تعني تغيير الهيكل أو الشكل الفطري للأسرة، بحيث تتخذ هياكل أو أشكال مختلفة، لتشمل: أسر الوالد الواحد (امرأة غير متزوجة وأطفال)، أسر الشواذ -إن جاز وصفها بالأسر- التي تتكون من رجلين أو امرأتين.
‌ب. التنوع Diversity: ويشمل التنوع في «الهوية الجندرية» و«الميل الجنسي». (11)

‌ج. مجموعات المهمشين marginalized groups (12)، الأشخاص الأكثر عرضةthe most vulnerable (13)، والتي تشمل الشواذ والمتحولين جنسيًا بالإضافة إلى الأقليات العرقية والمعوقين، والمسنين واعتبارهم جميعًا من مجموعات المهمشين، والأكثر عرضة للخطر، حتى يتم التعاطف مع الشواذ، بعد أن تم دمجهم مع المعوقين والمسنين وغيرهم من الفئات التي تستحق فعليًّا الاهتمام الخاص بها.

‌د. العنف المبني على الجندر Gender Based Violence (14)، وهو المصطلح الذي صكته «لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة» ليعبر عن أي فوارق بين الأنواع (رجل، امرأة، شواذ)، وليتم إضافته إلى تعريف التمييز الوارد في المادة الأولى من اتفاقية «سيداو»، فيصبح تعريف «التمييز» هو: "أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد أو عنف مبني على الجندر".

وبناءً عليه، يصبح أي تفريق بين الرجل والمرأة، أو بين المرأة الزوجة والمرأة الزانية، أو بين المرأة السوية والمرأة الشاذة «عنفًا مبنيًا على الجندر» يستوجب العقوبة!

‌هـ. المجموعات المعرضة للخطر at-risk groups (15)، وهو مصطلح يشمل الفئات التي يمكن أن تتعرض للعقوبة، سواء من القانون أو من المجتمع بسبب ممارساتها المرفوضة، مثل: الشواذ، والزناة، والداعرين. وبما أن المواثيق الدولية تعتبر الزنا والدعارة والشذوذ «حقوق إنسان»، فهي تعتبر أن المعاقبة على تلك الجرائم «خطر» يجب حمايتهم منه!

كما تَعتبِر من «الخطر» كذلك أنهم معرضون للإصابة بالإيدز. وتعزو المواثيق الدولية سبب الإصابة بالمرض إلى ما أسمته بـ«حاجز الصمت»، والمقصود أنهم بسبب خوفهم من المجتمع ومن القانون يحجمون عن طلب الواقيات الذكرية لاستخدامها للحماية من مرض الإيدز، فيصابون بالمرض، وبالتالي لابد -وفقًا لذلك المصطلح- أن يتقبل المجتمع أولئك الشواذ والزناة والداعرين، وتُلغى القوانين التي تعاقبهم، لتشجيعهم على طلب الواقيات الذكرية واستخدامها بأريحية، وتشجيعهم كذلك في حال الإصابة بالمرض على الإفصاح عنه!! وكلها بالطبع مبررات لإدماج الشواذ في المجتمعات، وتطبيع الشذوذ الجنسي؛ حتى يغدو حرية شخصية وحق من «حقوق الإنسان».

 و. الفئات المحددة على أساس الهوية other identity groups (16)، حيث يتم إدماج الشواذ ضمن الأقليات التي تبحث الأمم المتحدة لهم عن «مدن أكثر أمنًا».

الحقوق التي تسعى الأمم المتحدة إلى ضمانها للشواذ

تسعى الأمم المتحدة إلى إقرار وتثبيت عدد من الحقوق للشواذ جنسيًا، من أهمها:

1- الحق في الحياة والحرية والأمن: حيث نص تقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، المعنون بــ«القوانين والممارسات التمييزية وأعمال العنف الموجهة ضد الأفراد على أساس ميلهم الجنسي أو هويتهم الجنسانية- 2011» على: "تنص المادة (3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه".

ورغم عمومية صياغة تلك المادة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلا أنه تم ليّ النص وتوظيفه لصالح حماية الشواذ جنسيًا، فعبارة «كل فرد» تعني أن الجميع بدون استثناء يستحق «الحياة والحرية وسلامة شخصه»، وبالتالي يصبح للشواذ نفس تلك الحقوق.

2- الحق في الخصوصية: فقد نص تقرير «القوانين والممارسات التمييزية وأعمال العنف الموجهة ضد الأفراد على أساس ميلهم الجنسي أو هويتهم الجنسانية-2011» على: "الحق في الخصوصية حق مكرس في المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللتين تنصان على أنه لا يجوز تعريض أحد على نحو تعسفي أو غير قانوني لتدخلٍ في خصوصياته أو شئون أسرته أو بيته أو مراسلاته".(17) ويتضح هنا أيضًا الاستفادة من كلمة «أحد» للتعميم وإدماج الشواذ ضمن الأفراد الذين لا يجوز «التدخل في خصوصياتهم»!.

3- الحصول على كافة الحقوق التي يحصل عليه الأسوياء: بدعوى القضاء على التمييز ورد في تقرير «القوانين والممارسات التمييزية وأعمال العنف الموجهة ضد الأفراد على أساس ميلهم الجنسي أو هويتهم الجنسانية- 2011»: "أكدت هيئات معاهدات حقوق الإنسان في تعليقاتها العامة، وملاحظاتها الختامية، وآرائها بشأن البلاغات، أن الدول ملزمة بحماية الجميع من التمييز على أساس الميل الجنسي sexual orientation والهوية الجندرية gender identity، لا يحد من حقه في التمتع بمجموعة حقوق الإنسان كاملة".(18)

4- حماية الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع للشواذ جنسيًا: حيث يعتبر تقرير «القوانين والممارسات التمييزية وأعمال العنف الموجهة ضد الأفراد على أساس ميلهم الجنسي أو هويتهم الجنسانية- 2011» أن: "حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي حقوق مكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادتان 19 ، 20) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المواد 19، 21، 22)، وتنص المادة 19 من الإعلان العالمي على أنه: «لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها». وتنص المادة 20 (1) على أن «لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية»".(19)

5- حق اللجوء السياسي للشواذ: فوفقًا للتقرير السابق: "ترى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن الأفراد الذين يخافون الاضطهاد بسبب ميلهم الجنسي أو هويتهم الجنسانية يمكن اعتبار أنهم ينتمون إلى «فئة اجتماعية معينة»، وينبغي للدول الأطراف في الاتفاقية أن تكفل عدم إعادة هؤلاء الأفراد إلى دولة تكون فيها حياتهم أو حريتهم مهددة بالخطر، وأن تعترف بهم كلاجئين يعاملون وفقًا لأحكام الاتفاقية إذا كان الأفراد المعنيون يستوفون معايير مركز اللاجئ".(20)

6- إلغاء القوانين التي تعاقب الشواذ وعلى رأسها عقوبة الإعدام: حيث نص ذات تقرير على: "المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على أنه «لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، أن يحكم ﺑﻬذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة»... وأكدت لجنة حقوق الإنسان واللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تطبيق عقوبة الإعدام على الأفعال غير العنيفة، بما فيها العلاقات الجنسية القائمة على التراضي بين أشخاص بالغين يشكل انتهاكًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان".(21)

دعم أممي غير محدود

لم تدخر الأمم المتحدة جهدًا في دعم الشذوذ ومناصرة الشواذ، على كافة المستويات، نذكر منها النَزْر اليسير على سبيل المثال لا الحصر:

1- دعم وكلائها من المنظمات غير الحكومية التي تصدرت للمطالبة بحقوق الشواذ جنسيًا، وذلك بدعمهم بخبرائها في مجال «حقوق الإنسان»، وبعض موظفيها السابقين للمشاركة في إصدار مواثيق يتم فيها وضع مطالب الشواذ، ومن أمثلة ذلك المشاركة بخبراء أمميين وبموظفين سابقين بالأمم المتحدة، من بينهم مفوض سام سابق لحقوق الإنسان، ومقرر خاص في الأمم المتحدة، وأعضاء في هيئات خاصة بمعاهدات دولية، مع عدد من المنظمات غير الحكومية المطالبة بحقوق للشواذ جنسيًا، في إصدار «مبادئ يوجياكارتا Yogyakarta Principles» نوفمبر/تشرين الثاني 2006 ثم اعتبار تلك المبادي من المراجع التي يُستند إليها في الوثائق الأممية.(22)

2- تأسيس «مجموعة الأمم المتحدة الأساسية للمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية» 2008.(23)

3- تبني القيادات العليا للأمم المتحدة كافة مطالب الشواذ، فطالما استنكر بان كي مون -الأمين العام السابق للأمم المتحدة- اشتمال قوانين الدول الإسلامية على عقوبة خاصة بجريمة الشذوذ الجنسي، وكان يقول مستنكرًا: "الآن يعتبر الشذوذ جريمة في أكثر من سبعين دولة. وهذا التجريم غير صحيح"! وكان يقول مؤكدًا: "عندما يحدث تجاذب بين الموروثات الثقافية وحقوق الإنسان العالمية يجب أن تنتصر حقوق الإنسانWhere there is a tension between cultural attitudes and universal human rights, rights must carry the day".(24)

4- انعقاد أول اجتماع وزاري في الأمم المتحدة حول حقوق الشواذ، بعنوان «دور الأمم المتحدة في إنهاء العنف والتمييز ضد الأفراد الـLGBT (السحاقيات واللوطيين ومتعددي الممارسات والمتحولين) » عام 2013.(25)

5- إطلاق مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة حملة «أحرار ومتساوون Free and Equal» عام 2013؛ بقصد إحداث تغييرات في القوانين والتعليم العام للقضاء على فوبيا الشذوذ الجنسي Homophobia(26)، فهي حملة هدفها قلب الموازين، حتى يصبح كل من يستنكر الشذوذ شخصًا غير طبيعي ومصابًا بـ «الفوبيا»، ومن ثم يقع تحت طائلة القانون، كما تستهدف تلك الحملة إدماج «حقوق الشواذ» في مناهج التعليم العام لتهيئة الأطفال والشباب منذ الصغر على قبول الشذوذ الجنسي.

6- عقد مؤتمر (حقوق الإنسان: التوجه الجنسي والهوية الجندرية) بأوسلو عام 2013، وقد شارك فيه بان كي مون، وقال في كلمته: "وعدي للسحاقيات واللوطيين ومتعددي الممارسات والمتحولين الأعضاء في الأسرة البشرية هو: أنا معكم.. أعدكم كأمين عام للأمم المتحدة، أن أشجب الهجوم عليكم، وسأواصل الضغط على القادة من أجلكم .. أنا ملتزم بقيادة حملة عالمية بالشراكة مع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. أنا أعتمد على الآخرين في تنفيذ هذا.. معًا نستطيع أن نجعل العالم أكثر أمانا، أكثر حرية، وأكثر مساواة للجميع".(27)

7- إصدار 12 هيئة من هيئات الأمم المتحدة بيانًا مجمعًا حول «القضاء على العنف والتمييز ضد المثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري النوع الاجتماعي وثنائيي الجنس» عام 2015.(28)

8- انتداب مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة خبير متخصص في حقوق الشواذ جنسيًا Independent Expert on sexual orientation and gender identity، وفقًا للقرار 32/2، حيث يقوم ذلك «الخبير» بجولات في دول العالم لمراقبة القوانين، وتتلخص مهامه في: تقييم تنفيذ الاتفاقيات الدولية الحالية لحقوق الإنسان لمنع التمييز ضد الأشخاص على أساس ميولهم الجنسية أو هويتهم الجنسانية، والدخول في حوار والتشاور والتعاون مع الدول من أجل حماية جميع الأشخاص من العنف والتمييز على أساس الميول الجنسية والهوية الجنسانية".(29)

9- إصدار منظمة الصحة العالمية كتالوج جديد يغطي حوالي 55000 مرض، وفي ذلك الكتالوج تتوقف عن إدراج الشذوذ الجنسي تحت «الاضطرابات النفسية والسلوكية والنمائية العصبية mental, behavioral and neurodevelopmental disorders»، ولكن بدلاً من ذلك تم اعتباره «حالة متعلقة بالصحة الجنسية». وكان تعليق لالي ساي -منسقة قسم الصحة الإنجابية والبحث في منظمة الصحة العالمية- بهذا الشأن: "نعتقد أنها ستقلص الوصمة، بحيث يمكن أن تساعد على قبول اجتماعي أفضل لهؤلاء الأفراد"، مضيفة أن الابتعاد عن وصفه بالاضطراب العقلي قد يزيد الوصول إلى الرعاية الصحية".(30)

والهدف من ذلك التعديل هو تيسير إدماج الشواذ جنسيًا داخل المجتمعات، ورفع الوصمة الملازمة لهم، وبالتالي تشجيعهم على طلب الخدمات الصحية ليتمكنوا من ممارسة علاقاتهم الجنسية الشاذة بدون الإصابة بمرض الإيدز!!

لماذا تركز المواثيق الدولية بهذا الشكل على حماية الشواذ وتطبيع الشذوذ في المجتمعات، وتعمل على رفع الوصمة المرتبطة بذلك الفعل المشين؟ ولماذا لم نقرأ في تلك المواثيق شيئًا عن تأمين الأسوياء من خطر الشواذ وما يحملونه من أوبئة وأمراض جسدية وأخلاقية كفيلة بهدم أمم وشعوب بأكملها؟

إن تمهيد الطريق المؤدي إلى ارتكاب تلك الفواحش، وفي نفس الوقت التضييق الشديد على الزواج الشرعي، الذي هو السبيل الوحيد للوقاية من تلك الأمراض؛ يصب في تحقيق أهداف الأمم المتحدة ومن وراءها القوى الاستعمارية التي تستهدف القضاء على النسل في دول العالم الثالث. فهل ستنتبه الشعوب المسلمة لما يحاك لها من خطط وأجندات تستهدف بشكل خاص الأجيال الناشئة، فتحولها إلى مسوخ فاقدة للهوية.. وفاقدة للانتماء.. تسير بلا وعي وراء من يقودها نحو «جحر الضب».

 _________________

* المصدر: موقع مجلة المجتمع، 17/1/2019.

1- عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ومستشار المعهد العالمي للأسرة في إسطنبول- تركيا، ومتخصصة في قضايا الأسرة والمواثيق الدولية.

1- مثنى أمين الكردستاني، حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر، مقدمة الكتاب للدكتور محمد عمارة، دار القلم، القاهرة 2004، ص 8.

2- UNESCO’s Gender Mainstreaming Implementation Framework, Baseline definitions of key concepts and terms, April 2003, p 1, retrieved 24th Dec. 2017.

3- مبادئ يوجياكارتا: ورقة تحتوي على مطالب الشواذ جنسيا، وضعتها منظمات تدافع عن الشواذ جنسيا، ومدعومة من هيئة الأمم المتحدة.

4- مبادئ "يوجياكارتا" حول تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالتوجه الجنسي وهوية النوع، مارس 2007، المدخل.

5- المرجع السابق.

6- Guidelines for Psychological Practice with Lesbian, Gay, and Bisexual Clients, American Psychological Association, Definition of Terms.

7- Integrating Human Rights and Gender Equality in Evaluations, Guidance Document, August 2014, Towards UNEG Guidance, Chapter 2. Human rights and Gender Equality, Concepts and principles, article (73), page 27, retrieved 12th Oct. 2017.

8-Report of the International Conference on Population and Development, (Cairo, 5-13 September 1994, Chapter II, Actions, 12/24, retrieved 23rd Dec.2016, http://www.un.org/popin/icpd/conference/offeng/poa.html .

9- United Nations Global Issues, Family, Retrieved 8th Aug. 2016, http://www.un.org/en/globalissues/family/index.shtml .

10- تقرير الخبير المستقل المعني بالحماية من العنف والتمييز القائمين على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسانية، مذكرة من الأمين العام، مجلس حقوق الإنسان، الدورة الخامسة والثلاثون، A/HRC/35/36، يونيو 2017، ص1، تاريخ التصفح 17/ 8/2017، http://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain/opendocpdf.pdf?reldoc=y&docid=593a9b6d4

11- Guidelines for Integrating Gender-Based Violence GBV Interventions in Humanitarian Action, 2015, Why Addressing Gender Based Violence Is a Critical Concern of Livelihoods Programs, page 204, retrieved 26th Oct. 2016.

12- Guidelines for Integrating Gender-Based Violence (GBV) Interventions in Humanitarian Action, 2015, Incorporating GBV Survivors into Livelihoods Programs, page 20, retrieved 28th Oct. 2016.

13- Guidelines for Integrating Gender-Based Violence Interventions in Humanitarian Action, 2015, ANNEX 3 COMMON TYPES OF GENDER-BASED VIOLENCE, page322, retrieved 26th Oct. 2016.

14- Guidelines for Integrating Gender-Based Violence (GBV) Interventions in Humanitarian Action, page52, retrieved 28th Oct. 2016.

15- ورقة السياسات رقم 1: الحق في المدينة ومدن للجميع، مذكرة من الأمانة العامة، A/CONF.226/PC.3/14، اللجنة التحضيرية لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالإسكان والتنمية الحضرية المستدامة (الموئل الثالث HABITAT III)، الدورة الثالثة، يوليو 2016، إيجاد مدن أكثر أمانا، البند 56.

16- المرجع السابق، الفقرة (3-13)، ص 6.

17- المرجع السابق، الفقرة (4- 16)، ص7.

18- المرجع السابق، الفقرة (18)، ص9.

19- المرجع السابق، الفقرة (38)، ص6.

20- المرجع السابق، الفقرة (45).

21- مبادئ يوجياكارتا حول تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالتوجه الجنسي وهوية النوع، مارس 2007.

22- UN New Yorker, notes from OUTRIGHT,

https://www.outrightinternational.org/content/un-newyorker-first-edition?gclid=EAIaIQobChMImIaB1NKV2QIVq7vtCh0EewpxEAAYASAAEgIv-_D_BwE.

23- لمطالعة نص الكلمة كاملة انظر: "Confront Prejudice, Speak Out against Violence, Secretary-General Says at Event on Ending Sanctions Based on Sexual Orientation, Gender Identity", United nations, Retrieved 25/3/2018, https://www.un.org/press/en/2010/sgsm13311.doc.htm .

24-At UN meeting, countries commit to protect gay rights, combat discrimination, UN News Center, Retrieved 25/11/2017, http://www.un.org/apps/news/story.asp?NewsID=46036#.V5xVZPl97IW, (watch the video: https://www.youtube.com/watch?v=wgICmCYN2a4 ).

25- UN unveils ‘Free & Equal’ campaign to promote lesbian, gay, bisexual, transgender rights, 26 July 2013, UN New Center, Retrieved 25/3/2018, http://www.un.org/apps/news/story.asp?NewsID=45503#.V5s5J_l97IV .

26- Secretary-General's video message to the Oslo Conference on Human Rights, Sexual Orientation and Gender Identity, Oslo, Norway, 15 April 2013, Retrieved 10th Aug. 2016, https://www.un.org/sg/en/content/sg/statement/2013-04-15/secretary-generals-video-message-oslo-conference-human-rights-sexual.

27- Joint Statement on Ending Violence and Discrimination against Lesbian, Gay, Bisexual, Transgender and Intersex People, United Nations Development Program 28(UNDP),Oct. 2015, retrieved 10th Jan. 2018, http://www.undp.org/content/dam/undp/library/HIV-AIDS/Key%20populations/Joint_LGBTI_Statement_ARA.pdf?download .

28-United Nations Human Rights Office of the High Commissioner, Independent Expert on sexual orientation and gender identity, https://www.ohchr.org/en/issues/sexualorientationgender/pages/index.aspx.

29- The Guardian, WHO takes transgenderism out of mental illness category.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين