من العامّيّ الفَصيح

(١)

لا يخفى على المختصين بالعربية وأهل البصر بالمعاجم اللغوية أن الكلام العامي الذي طغى على لساننا واستولى عليه لا يزال يحتفظ ببقية من التعابير العربية الفصيحة التي لو رمنا البحث عنها في المعاجم العربية لوجدناها بعينها أو وجدنا أصلها وعنصرها الذي منه نجمت، وعنه انبثقت، ثم حادت عنه فيما بعد. تضم هذه المقالة أشهر الألفاظ التي نستعملها في كلامنا العامي وهي ذات أصول وجذور في لغتنا العربية الفصيحة.

- يقولون: خَسَّ وزنُ فلانٍ، أي: نقَص، وهو كذلك في اللغة.

-يقولون: أنا حَرْدان، أي: منزعجٌ ومنعزل عن الآخرين. يقال في اللغة: حَرَدَ يَحْرِدُ حُروداً، أَي: تنحّى وتحوّل عن قومه ونزل منفرداً ولم يخالطهم.

-يطلقون على المقبرة: الجبَّانة. وهو استعمال سليم؛ إذ "الجبّانة" لغةً الصحراء، وتسمى بها المقابر؛ لأَنها تكون في الصحراء تسميةً للشيء بموضعه.

-يقولون: أيْش تفعل؟ وهي عبارة صحيحة، أصلها: أيَّ شيء.

-يقولون: نطَّ فلانٌ. والنط لغةً الشدّ والمطّ. ونَطْنَطَ الشيءَ: مدّه. وفي (تاج العروس): "والنَّطّاطُ: الكَثِيرُ الذَّهَاب في الأَرْضِ والقَفّار والوثّابُ... وقَوْلُ العامَّةِ: نَطَّيْتُ أَصْلُه نَطَطْتُ إِذا قَفَزَ فِي هُوَّةٍ مَنْ الأَرْضِ."

-يقولون: احزَرْ ماذا وجدتُ. وهو تعبير فصيح.

-يقولون: فلان عنده رُجوليّة، أي: أنه صاحب رجولة. وهو استعمال صحيح. يقال: رَجُل بَيِّن الرُّجولِيَّة والرُّجولة.

-يقولون: جئت إلى البيت بعدما هدأتِ الرِّجْلُ، يقصدون عندما خفت الحركة وسكن الناس. وهو كذلك في الفصيح.

-يقولون: ما قدَرت أتملّص من فلان، يريدون: أتخلص. و"التملص" في اللغة: هو التخلص.

-يقولون: طفَش فلانٌ من هذه البلد، أي: خرج منها كارهاً لبعض المنغصات فيها. جاء في (تاج العروس): "ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه (أي على صاحب القاموس) ما هُوَ المَشْهُور عَلَى أَلْسِنَةِ العامّة: طَفَشَ طَفشاً إِذا خَرَج هائِماً عَلَى وَجْهِه."

-يقولون لما يخبز فيه: التَّنُّور. وهو كذلك في اللغة.

-يقولون: شربت القازوزة. و" القازوزة " في كتب اللغة: قدح كالقارورة الصغيرة والطاس والفنجان يشرب به الشراب، وهي أيضاً شراب مرطب يتخذ من الماء الغازي والسكر. والكلمة في الأصل أعجمية معرَّبةٌ.

- يقولون: فلان غشيم. جاء في (تاج العروس): "ومن لغات العامة: الغُشوميَّةُ:الجهل بالأمور. وهو غشيم: لا يدري شيئاً." وفي (المعجم الوسيط): الغشيم: الجاهل بالأمور كأنه مثل الغاشم، وهو الحاطب بالليل يقطع كل ما قدر عليه بلا نظر ولا فكر.

-يقولون: اشتريت مطمورةً لابني. و"الطَّمْرُ" في اللغة: الدَّفْنُ، يقال: طَمَرَ البِئْرَ طَمْراً: دَفَنَها. و"الطَّمْرُ" أيضاً: الخَبْءُ، يقال: طَمَرَ نَفْسَه ومَتَاعَه: خَبَأَه وأَخْفَاه حيثُ لا يُدْرَى. والمَطْمُورةُ: حفيرةٌ تحت الأَرض أَو مكانٌ تحت الأَرض قد هُيِّئَ خَفيّاً يُطْمَرُ فيها الطعامُ والمالُ أَي يُخْبأُ. والتَّطْمِيرُ: إِرْخَاءُ السِّتْرِ، يقال: طَمَّرُوا بُيُوتَهم إذَا أَرْخَوْا سُتُورَهم على أَبْوابِهم.

-يقولون لمن ضحك كثيراً حتى كاد ينفجر: فقعَ من الضحك. وهو تعبير صحيح فصيح. يقال: فَقَعَ الرَّجُلُ: مات من الحَرِّ.

-يقولون عن الميزان: القَبّان. وهو استعمال صحيح. والكلمة في الأصل أعجمية، عربتها العرب.

-يقولون: كَسرت يدي فذهبت إلى المُجَبِّر. وهو تعبير صحيح. يقال: جبرتُ العظمَ، وجبرَ العظمُ بنفسه، والمجبر: اسم الشخص الذي يقوم بالتجبير.

-يقولون: زلطَ اللقمةَ، أي: ابتلعها بسرعة دون مضغ. و"الزلط" في اللغة: المشي السريع. وجاء في (تاج العروس): "زَلَطَ اللُّقْمَةَ زَلْطاً إِذا ابْتَلَعها من غَيْرِ مَضْغٍ."

-يقولون: انفزرَ الثوبُ، أي: تشقَّقَ وانقطع. وهو استعمال فصيح. يقال: فَزَرَ الثَّوْبَ فَزْراً: شَقَّه، وكذا تَفَزَّرَ الحائطُ، وانْفَزَرَ الثَّوْبُ.

-يقولون: الإزميل، يقصدون المطرقة، وهو استعمال فصيح.

-يقولون: هل راقَ أبوك، يريدون: هل هدأت أعصابه وصفا مزاجه. وهو تعبير صحيح. ففي اللغة: راقَ الجوُّ إذا صفا ولم يكن فيه غيم.

-يستعملون كلمة الحرامي بمعنى اللص. وهو تعبير قديم مضى عليه قرون، ويذكر بعضهم أن اللفظ منسوب إلى قبيلة حرام، التي كانت تتهم بالخبث والتّلصُّص.

-يقولون: الغَلّة، أي: ما تغلّه عليهم التجارة أو المحل. وهو استعمال صحيح. فـ"الغلة" في اللغة: الدَّخْلُ من كِراءِ دارٍ، وأجْرِ غلامٍ، وفائِدَةِ أرضٍ من رَيْعِها أو كرائِها. والجمعُ الغَلاّتُ.

- يقولون للمِقلاة: الطَّنْجَرَة. جاء في (المعجم الوسيط):"الطنجرة: قِدْرٌ أو صحن من نحاس أو نحوه، والجمع: طناجر."

-يقولون: بردت همّته، بمعنى فترت وتراخت. وهو استعمال فصيح.

-يقولون: أنا مبسوطٌ اليومَ، أي: سعيد مسرور. يقال في اللغة: بَسَطَ فُلاناً: سَرَّهُ. وإِنه ليَبْسُطُني ما بسَطَك ويَقْبِضُني ما قبَضَك، أَي: يَسُرُّني ما سَرَّك ويسُوءُني ما ساءك. والإنْسانَ إِذا سُرَّ انْبَسَطَ وَجْهُهُ واسْتَبْشَرَ.

-يقولون: فقشْتُ البيضَ، يريدون: كسرها. ويقال في اللغة: فقش البيضةَ: كسرها، وهي لغة في فقس.

-يقولون للقطة: بِسّ، وهو كذلك في اللغة.

-يقولون: قصَّيتُ أظافري. وهو استعمال صحيح وارد في اللغة.

-يقولون لما يصون الأطعمة من النمل والحشرات: النَّمْليَّة. وهو استعمال مولَّد، أقرّه المجمع اللغوي بالقاهرة.

يقولون للزِّمام: الرَّسَن. وهو تعبير صحيح، والجمع أرسان وأرسُن.

-يقولون للشيء أو الشخص يستهزؤون به: طِزْ. يقال في اللغة: طَنَزَ يَطْنِزُ طَنْزاً: كلَّمه باستهزاء، فهو طَنَّاز. والطَّنْز: السُّخْريَةُ.

-يقولون: تعشَّيتُ وتغدَّيت، بمعنى تناولت طعام العشاء والغداء. وهو تعبير فصيح.

-يقولون: خطر الأمر الفلاني ببالي، وبالي مشغول. وهذا تعبير صحيح فصيح.

-يقولون: بطحتُه على الأرض، بمعنى ألقيته أرضاً. والبَطْحُ لغةً البَسْطُ. بَطَحه على وجهه يَبطَحُه بَطْحاً، أَي: أَلقاه على وجهه فانْبَطَح.

-يقولون للشخص إذا مات وكانوا يكرهونه: فطس. وهو تعبير فصيح.

-يقولون للمِجْرفة: الرَّفْش، وهو كذلك في اللغة. ويقال في المثل:مِنَ الرَّفْشِ إَلى العَرْشِ، يقال للرَّجُلِ يَشْرُفُ بَعْدَ خُمُولِه أَو يَعِزُّ بَعْدَ ذِلَّةٍ.

-يقولون: حرَنتِ الدابة، أي: وقفت ورفضت الانقياد. وهو استعمال صحيح فصيح.

-يقولون: فلان وزوجته مثل السمن والعسل، أي: هما في الصفاء والمودة مثل السمن والعسل. وهو تعبير صحيح. وقد جاء في كتاب (البصائر والذخائر) 2: 331 لأبي حيان التوحيدي: " قيل لشعبة: ما تقول في يونس عن الحسن [ما رأيك فيما يرويه يونس عن الحسن البصري]؟ قال: سمن وعسل، قيل: فعوف عن الحسن؟ قال: خلٌّ وبقلٌ، قيل: فأبان عن الحسن: قال: دعني لا أتقيّأ."

-يقولون: فلان في بُحبوحة من العيش، أي: في سعة. جاء في كتب اللغة: تبحبح في الأمر: توسع فيه، وقولهم: تبحبحت العرب في لغاتها: اتسعت فيها. و"البُحبوحة" بضم الباء لا فتحها.

-يقولون للآجُرَّة: الطوبة. وهي واردة بهذا المعنى في اللغة.

-يقولون: داسَه بقَدَمه، تعبير فصيح.

-يقولون: برطم فلان إذا اغتاظ وعبس وتجهّم. والبَرطَمَةُ في اللغة: عُبوسٌ في انتِفاخ وغَيْظ. ورجل مُبَرْطِم: مُقَطّب مُتَغَضِّبٌ.

- يقولون: أخْ، عند التوجع والتأوه من غيظ أو حزن. وهو كذلك في اللغة.

-يطلقون على الولد في بعض المناطق الريفية: العَجِي. وكلمة " العَجِيُّ" من العُجْوَة والمُعاجاةُ، وهو أَن لا يكون للأُمِّ لبنٌ يُرْوِي صَبِيَّها فتُعاجِيه بشيءٍ تعلِّلُه به ساعةً. والاسمُ منه: العُجْوة، والفعل العَجْوُ، واسم ذلك الوَلد العَجِيُّ، والأُنثى عجيَّةٌ. و" العجي" أيضاً الصبي الذي فقد أمَّه، فيُربَّى بلبن غيرها.

-يقولون: فلان يستاهلُ هذا الجزاءَ، أي: يستحق. وجاء في اللغة: فلان أهلٌ لكذا وقد استأهلَ لذلك وهو مستأهلٌ له.

-يقولون لمن تعرّضَ لأشعة الشمس ليستدفئ بها: تشمّسَ. وهو تعبير صحيح.

-يقولون: لبَّكْتَني بسؤالك. وهو تعبير سليم. يقال: لَبَكَه يَلْبُكه لَبْكاً: خلطه، وأمرٌ لبِكٌ: مختلِطٌ ملتبِس.

-يقولون: نمّلتْ رجلُه، أي: خدِرت. وهي كذلك في اللغة.

-يقولون: شارطته على كذا. وهو استعمال صحيح. يقال: شارطه على كذا: اشترطَ عليه.

-يقولون: فلان مسطول، أي: مشدوه، متحيّر. جاء في (تاج العروس): "وسَطَلَهُ الدَّوَاءُ سَطْلاً: أسْكَرَهُ، لُغَةٌ عَامِّيَّةٌ."

-يقولون: دوَّدَ الطعامُ، يريدون: فسدَ وظهر فيه الدودُ. وهو كذلك في اللغة.

-يقولون: الكتاب قُدَّامك، أي: أمامك. وهو تعبير فصيح.

-يقولون: نظرت إليها من الشُبَّاك، أي: النافذة. و" الشبّاك" في اللغة: النافذة تشبَك بالحديد أو الخشب.

-يقولون: بسْ بمعنى يكفي وبمعنى اكفف أو اقطعْ كلامك. وكلا المعنيين وارد لغةً.

-يقولون للنسج الرقيق الذي يجعل فوق السرير لمنع دخول الناموس: الناموسية. وهو تعبير لا إشكال فيه، وقد أقرّه مجمع اللغة العربية في القاهرة.

-يقولون: فلان دَيّوس، يعنون أنه إنسان سيء، لا يغار على امرأته. وهو في اللغة بهذا المعنى، لكن بالثاء لا السين. فــ"الديّوث" هو الذي يدخُل الرجالُ على حُرْمته بحيث يراهم كأَنه لَيَّنَ نفسَه على ذلك. وهو مأخوذ من قولهم: دَيَّثَ الأَمرَ: لَيَّنَه، ودَيَّثَ الرجلَ: ذَلَّله ولَيَّنه.

المراجع

-تاج العروس. الزَّبيدي. تحقيق عدد من الباحثين. حكومة الكويت. 1965-2001.

-لسان العرب. ابن منظور. دار صادر: بيروت 1881.

-معجم فصاح العامية. هشام النحاس. مكتبة لبنان ناشرون ط1 1997.

-معجم فصيح العامة. أحمد أبو سعد. دار العلم للملايين 1990.

-المعجم الوسيط. مجمع اللغة العربية: القاهرة ط4 2004.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين