من الجنون

ماذا لو أن رجلا عجز عن حمل أثقال تزن مائة كغ ، ثم انبرى لحمل وزن مائتي كغ ؟؟!!

ماذا لو أن رجلا عجز عن اجتياز الشهادة الابتدائية ، ثم تقدم لامتحان الشهادة الجامعية ؟؟!!

ماذا لو أن لاعبا عجز عن رمي الكرة الحديدية لمسافة خمسين مترا ، ثم أعلن أنه مستعد لقذفها مسافة خمسمائة متر ؟؟!!

هذا نوع من الجنون ...

فمن عجز عن اليسير ، فهو عن العسير أعجز ...

ومن ونى عن حِمْلٍ خفيف ، فضعفُه عن الحمل الثقيل أظهر ...

رأيت حريقا شبّ في مرفأ بيروت منذ أيام ، ورأيت العمال يهربون من وهج نار الحريق ، مع أنها بعيدة عنهم ..يتدافعون ...وخلفهم لا ينظرون ..وعن حاجياتهم لا يسألون ..كل همهم أن ينجوا بأبدانهم فليس بعد خسارة النفس خسارة ...

وتساءلت عن هؤلاء الذين هربوا من نار دنيوية بسيطة ، ولسان حالهم أنهم لا يتحملون شيئا من حرها ولهبها وسمومهما ، هل هم في نفس الوقت يهربون من نار أخروية عظيمة ، فيها من المنفرات ما يكفي لمن لديه ذرة تفكير أن يفر منها فراره من الأسد الجائع الكاسر ..

من فرّ من نار بشرية ..هل يقوى على تحمّل نار إلهية ؟!..

من عجز عن تحمّل لأواء نار بترولية .. هل سيصمد أمام نار ربانية ؟!..

وفي الحديث بأن كل النيران التي اشتعلت وتشتعل وستشتعل في هذه الدنيا إنما هي جزء من سبعين جزءا من نار الآخرة ...

ليس عبثا أبدا أن يكون ثلث القرآن متمحورا حول الجنة والنار ..

وليس مصادفة أبدا أن يكون ذكر النار والتخويف منها موزّعا في كل القرآن.. لأن الآخرة ليست خيالا ولا وهما...

ولذلك أقسم الله خمسة أيمان في أول الطور ليقول بعدها ( إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع )

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين