من أهم ركائز النصر


 
   إن الداعي إلى الله يعلم أن الأيام دول وأن استمرار الحال من المحال، ولذلك فهو في حاجة دائما إلى زيادة إيمانه والعودة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، اللذان يؤكدان له أن انتصار الحق، قادم، مهما أظلمت الليالي واسودت الأحدات، (حتى إذا أستيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا).
 
   صحيح أننا ضعفاء، نشكوا إلى الله ضعف قوتنا وقلة حيلتنا، ولكننا أقوياء بحقنا، فنحن أصحاب حق وهم المفسدون في الأرض الذين لا يعرفون صلاحا أو إصلاحا، والله لا يصلح عمل المفسدين ...
 
   ونحن نرجوا من الله ما لا يرجون ، فنحن في أمس الحاجة إلى أن نسجد ونتقرب إلى الله سجدا ركعا (ومن الليل فتهجد به نافلة لك، عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا)، والرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة وقال: (أرحنا بها يا بلال).
 
   وفي كل أدوار التاريخ وتطورات الأمم والحوادث، ما التقى الحق بالباطل إلا انخذل الباطل وأهله، وانتصر الحق وأصحابه (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) ... ويقول الحق سبحانه: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) ..
 
    ولكن هذا النصر له دعائم وضحته الآيات: (يا أيها اللذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون، وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين).
 
    لذلك فإننا في أمس الحاجة إلى التفكر والتدبر في هذه الآيات لاستخلاص هذه العوامل التي من أهمها:
 
    1 – الثبات: فإن المؤمن لا يتردد ولا يهين ولا يضعف أبدا لأنه لا يتنظر إلا إحدى الحسنيين .. الشهادة أو النصر.
 
      ولا يقع عليه إلا ما كتب الله له، ولو اجتمع أهل الأرض جميعا على أن يضروه، فلن يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، وأنه مأجور على ما يلقى من ذلك، لله، فالمؤمن ثابت لا يلين، قوي لا يضعف .. وكثيرا ما كان الفرق بين الهزيمة والنصر، ساعة من ثبات.
 
      2 – ذكر الله تبارك وتعالى: وهو أمان الخائفين، فهو يعلم تمام العلم ويوقن أعمق اليقين، بأن قدر الله غالب، فيكثر من السجود له، كلما أحاطت به عوامل اليأس وهتفت به هواتف الهزيمة من كل مكان، وأحدقت به قوى الأعداء من كل جانب، ذكر الله صادقا، فالله من وراء ذلك كله، بقوته القوي القدير العلي الكبير، له مقاليد السموات والأرض ، وما يعلم جنود ربك إلا هو.
 
   3 – طاعة الله سبحانه ورسوله: فنحن لا نعمل إلا لله ولا نضحي إلا من أجله، ونقول: (إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي) وفي هذا الموضوع يطول الحديث نختمه بقول أبي بكر الصديق للجيش: "إنكم لن تنصروا على عدوكم إلا بقدر قربكم من الله وبعدهم عنه"، وقول عمر رضي الله عنه: "أخوف ما أخاف عليكم الذنوب فإن ذنوب الجيش أخوف عليه من عدوه"، وقول ابن رواحة: "عمل صالح تلقون به عدوكم".
 
هذا فضلا عن الوحدة والإخاء فسر قوة الصف في أخوته ولا يتحقق ذلك إلا بصحة القصد والوحدة في كل شيء لأنها أساس القوة وملاك العزة، وما تفرق قوم إلا ضعفوا، وما اختلف نفر إلا ذلوا، فالوحدة صميم الإيمان: (إنما المؤمنون أخوة).
 
    ومع هذه العوامل والركائز الصبر وهو أصل الثبات فلا ثبات إلا للصابرين، والثبات مظهر وعمل، والصبر عاطفة وخلق، والصابرون يوفُون أجرهم بغير حساب في الدنيا بالنصر والظفر وفي الآخرة بالمثوبة والأجر (وبشر الصابرين)، (واستعينوا بالصبر والصلاة).
 
    ونختم بتصحيح النية وطهارة القصد فلم يكن الغرض عدوانا على أحد ولكنه استرداد الحق ووضع الأمر في نصابه فهو دفاع مشروع ونجدة لمظلومين وحماية لمثل وقيم عليا وتحقيق لقواعد العدالة والإنصاف أن تتهدم بفعل المطامع والشهوات (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) فكونوا مع الصادقين الصابرين استمرارا وتعبيرا سلميا ليرى العالم حقيقة الإسلام وسلمه.
 
*************
 والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين