من أعلام السلف: عبد الله بن المبارك وسفيان بن عيينة

عبد الله بن المبارك (رحمه الله) (ت: 181 هـ)

اسمه: أبو عبد الرحمٰن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي مولاهم، التركي، ثم المروزي.

مناقبه: قدم الرشيد الرقة، فانجفل (أي: مضى) الناس خلف ابن المبارك، وتقطعت النعال، وارتفعت الغبرة، فأشرفت أم ولد لأمير المؤمنين من برجٍ من قصر الخشب، فقالت: ما هذا؟ قالوا: عالم من أهل خراسان قدم. قالت: هذا ـ والله ـ الملك، لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشُرَط، وأعوان.

كان ابن المبارك يكثر الجلوس في بيته، فقيل له: ألا تستوحش؟ فقال: كيف أستوحش وأنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه (رضي الله عنهم) ؟!

قيل لابن المبارك: إذا أنت صليت لم لا تجلس معنا؟ قال: أجلس مع الصحابة والتابعين، أنظر في كتبهم وآثارهم، فما أصنع معكم؟ أنتم تغتابون الناس.

الثناء عليه: قال عبد الرحمٰن بن مهدي: ما رأت عيناي مثل أربعة: ما رأيت أحفظ للحديث من الثوري، ولا أشد تقشُّفًا من شعبة، ولا أعقل من مالك، ولا أنصح للأمة من ابن المبارك.

قال سفيان: إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة مثل ابن المبارك، فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام.

وقال عنه الذهبي: الإمام، شيخ الإسلام، عالم زمانه، وأمير الأتقياء في وقته، الحافظ، الغازي، أحد الأعلام.

ورعه: قال ابن المبارك: استعرت قلمًا بأرض الشام، فذهبت على أن أرده، فلما قدمت مرو، نظرت، فإذا هو معي، فرجعت إلى الشام حتى رددته على صاحبه.

خُلقه: سئل ابن المبارك بحضور سفيان بن عيينة عن مسألة، فقال: إنا نهينا أن نتكلم عند أكابرنا.

من أقواله: إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئه، لم تُذكَر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ عن المحاسن، لم تُذكَر المحاسن.

وقال: رب عمل صغير تكثِّره النية، ورب عمل كثير تصغره النية.

وعنه قال: من استخف بالعلماء؛ ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء؛ ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان؛ ذهبت مروءته.

وفاته: لما احتضر ابن المبارك، جعل رجل يلقنه: « لا إله إلا الله ». فأكثر عليه، فقال له: لست تحسن، وأخاف أن تؤذي مسلمًا بعدي، إذا لقنتني، فقلت: « لا إله إلا الله »، ثم لم أحدث كلامًا بعدها، فدعني، فإذا أحدثت كلامًا، فلقنّي حتى تكون آخر كلامي.

مات ابن المبارك سنة إحدى وثمانين ومائة للهجرة (181هـ).

سفيان بن عيينة (رحمه الله) (ت: 198 هـ)

اسمه: سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون، أبو محمد الهلالي الكوفي، ثم المكي.

الثناء عليه: قال الإمام الشافعي: لولا مالك، وسفيان بن عيينة، لذهب علم الحجاز.

قال الشافعي: ما رأيت أحدًا فيه من آلة العلم ما في سفيان بن عيينة، وما رأيت أكفَّ عن الفتيا منه.

وقال عنه الذهبي: الإمام الكبير، حافظ العصر، شيخ الإسلام.

من أقواله: العلم إذا لم ينفعك؛ ضرك.

وقال ابن عيينة: غضبُ الله الداءُ الذي لا دواء له، ومن استغنى بالله؛ أحوج الله إليه الناس.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين