من أخلاقنا ـ الصبر ـ

 

إن من أعظم الأخلاق التي حث عليها الإسلام ومدح أصحابها خلق الصبر، ففي بيان الأجر يقول الله تعالى:[ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ] {الزُّمر:10}  . 

وفي بيان فائدة الصبر يقول سبحانه:[إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ] {آل عمران:120}. ولمنزلة الصبر في تكوين شخصية المسلم وقدرته على تحمل مشاق الحياة ومتاعبها كان الأمر بالاستعانة بالصبر حيث قال سبحانه:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ] {البقرة:153}.

وقد كان أنبياء الله تعالى مثالا يحتذى في الصبر حتى أمر الله نبيه بأن يصبر كصبرهم [فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ] {الأحقاف:35}. ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم  أكثر الناس صبراً، وأشدهم تحملاً في سبيل الله تعالى.

قال ابن القيّم: الصّبر باعتبار متعلّقه ثلاثة أقسام: صبر الأوامر والطّاعات حتّى يؤدّيها، وصبر عن المناهي والمخالفات حتّى لا يقع فيها، وصبر على الأقدار والأقضية حتّى لا يتسخّطها

وقد حث الله عباده المؤمنين على الصبر والمصابرة فقال سبحانه:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] {آل عمران:200}.

قال ابن القيم: ( أمرهم بالصّبر، وهو حال الصّابر في نفسه، والمصابرة مقاومة الخصم في ميدان الصّبر، فإنّها مفاعلة تستدعي وقوعها بين اثنين- كالمشاتمة والمضاربة - وهي إذن حال المؤمن في الصّبر مع خصمه، أمّا المرابطة فهي الثّبات واللّزوم والإقامة على الصّبر والمصابرة، فقد يصبر العبد ولا يصابر، وقد يصابر ولا يرابط، وقد يصبر ويصابر ويرابط من غير تعبّد بالتّقوى، فأخبر سبحانه أنّ ملاك ذلك كلّه: التّقوى، وأنّ الفلاح موقوف عليها، فقال: [وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] {آل عمران:200}  .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين