منزلة العلم وأثره في نهضة الأمّة

عناصر المادة

1- مكانة العلم في الإسلام، واهتمامه به2- أثر العلم في نهضة الأمّة وتقدّمها3- رسائل للآباء والأمّهات، والمعلّمين والمعلّمات

مقدمة:

المشهد الّذي سنعرضه اليوم مشهدٌ رائعٌ وجميلٌ، إنّه مشهدٌ لطفلٍ في مقتبل حياته قد لبس أحسن ثيابه، وخرج في أجمل منظرٍ، وأبهى حلّةٍ، ولكنْ أعياه حمل حقيبته وهو متوجّهٌ بها إلى مقعد الدّراسة، ومحضن التّربية، ومنهل العلم، ومنبع الثّقافة، وإنّ هذا هو منظر آلافٍ من الطّلاب وهم يتوجّهون جماعاتٍ وفرادى إلى المدارس والمعاهد والجامعات في بداية العام الدّراسيّ الجديد، وإنّه- حقًّا- لمنظرٌ جميلٌ رائعٌ يسّرُ النّاظر لمجْدِ أمّته، الطّموح لعزّ دينه ومجتمعه. 

عاد أبناؤنا الأسبوع الماضي-بعد إجازةٍ طويلةٍ زادت على مائة يومٍ- إلى مدارسهم، وعاد المعلّمون إلى ممارسة مهنة التّعليم، أقدس مهنةٍ وأفضل دورٍ، و هناك قسمٌ من أبنائنا بدأ هذا العام مشوار حياته التّعليمية في الصّفّ الأوّل الابتدائيّ، ومن الطّبيعي أن تشكّل بداية السّنة الدّراسيّة حدثًا اجتماعيًّا يسترعي انتباه كلّ أبناء المجتمع، فكلّهم معنيّون بمسألة التّعليم، حتّى من ليس لديه أبناءٌ في المراحل الدّراسية فقد يكون له أحفادٌ يدرسون، ولذا فإنّ الدراسة والتّعليم تهمّ كلّ أبناء المجتمع، حيث إنّ مستقبل المجتمع يرتبط بمستوى تعليم أبنائه ارتقاءً وتقدّمًا، وانحطاطًا وتأخّرًا، ومن هنا كان من الواجب أن يكون لمنابرنا الدّينيّة دورٌ في الاهتمام بالتّعليم لأنّها ليست قضيةً منفصلةً عن الدّين والشّريعة

1- مكانة العلم في الإسلام، واهتمامه به

لقد اهتمّ الإسلام بالعلم اهتماماً بالغاً، لأنّه من المصالح الضّروريّة الّتي تقوم عليها حياة الأمّة، وبه تبنى حضارتها، ولذا فليس عجباً أن تكون أوّل آياتٍ نزلت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم تدعو إلى العلم والمعرفة وتهتمّ بوسائله وأدواته، قال تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 3-5].

كما سمّى الله سبحانه سورةً كاملةً باسم القلم واستهلّها بقوله: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1].

ولقد ذكر لفظ العلم بمشتقّاته في القرآن أكثر من سبعمائةٍ وستّين مرّةً، وفي هذا إشارةٌ عظيمةٌ إلى مكانة العلم ودرجته، ولأهمّيّة العلم ومكانته وفضله؛ فقد كرّم الله رسله بالعلم، فهذا إبراهيم عليه السلام يقول لأبيه: {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ} [مريم: 43].

وهذا يوسف عليه السلام يقول لصاحبيه: {ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} [يوسف: 37].

ولقد جاء في معرض المنّ بالفضل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله جل جلاله: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النّساء: 113].

وهو الشّيء الوحيد الّذي أَمر الإسلام بالاستزادة منه، قال عز وجل: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114].

بل لقد أمر القرآن بالتّعلّم في وقت السّلم والحرب، قال سبحانه: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التّوبة: 122].

ونفى الله المساواة بين من يعبده على بصيرةٍ بمن يتخبّط في ضلالات الجهل، فقال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزّمر: 9].

بل لقد فضّل الله الحيوان المعلّم وأحلّ لنا صيده، قال تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة: 4].

وكذلكم الغراب الّذي علّم قابيل كيف يدفن أخاه؛ خلّد الله ذِكره في القرآن، فإذا كان الحيوان قد رُفعَ قدره بالعلم، فما بالكم بالإنسان؟! وإنّ من ينظر في سيرته صلى الله عليه وسلم يجد مدى اهتمامه بالتّعليم ودعوته إليه، ففي بدرٍ جعل فداء كلّ أسيرٍ ممّن يحسنون القراءة والكتابة أن يعلّم عشرةً من أبناء الأنصار، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "كَانَ نَاسٌ مِنَ الْأَسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِدَاءٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ، فِدَاءَهُمْ أَنْ يُعَلِّمُوا أَوْلَادَ الْأَنْصَارِ الْكِتَابَةَ". [ 1 ]

كما خصّص يوماً لتعليم النّساء، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ: (اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا)، فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ، فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ. [ 2 ]

2- أثر العلم في نهضة الأمّة وتقدّمها

إنّ العلم من مقوّمات الحياة في المجتمع، فلا يمكن أن تُبنى حضارةٌ دون أن يكون أحد أركانها العلم، فبالعلم تتقدّم الأمم والمجتمعات، وإنّ النّاظر في تاريخ الأمّة لَيلاحِظ أنّ رقيّها كان مرتبطاً بالعلم ارتباطاً وثيقاً، فبالعلم يحصل التّطوير للصّناعة والزّراعة والطّبّ وغير ذلك من التّخصّصات الّتي يحتاجها المجتمع، وإنّ طلب العلم لا يتوقّف عند العلوم الشّرعيّة فحسب، بل إنّ المجتمعات تحتاج إلى كلّ علمٍ نافعٍ في جميع المجالات الّتي فيها مصلحةٌ للبشريّة؛ كالطّبّ والهندسة ونحوها، فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر زيد بن ثابت رضي الله عنه بتعلّم اللّغة السّريانيّة للحاجة إليها، قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ فَتَعَلَّمْتُ لَهُ كِتَابَ يَهُودَ، وَقَالَ: (إِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي) فَتَعَلَّمْتُهُ، فَلَمْ يَمُرَّ بِي إِلَّا نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى حَذَقْتُهُ. [ 3 ]

ولقد مدح الله داود وسليمان بالعلم فقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا} [النّمل: 15].

وهذا العلم لم يقتصر على علم الدّين فحسب، بل كان منه علمٌ دنيويٌّ كصناعة الحديد، وجاء في معرض الحديث عن العلوم الكونيّة -الّتي لا تقلّ أهمّيّةً عن العلوم الشّرعيّة- قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر: 27].

ما أحوج أمّة الإسلام -اليوم- إلى العلم والمعرفة، لتصبح في مصافّ الأمم المتقدّمة، بل في صدارتها؛ بالمساهمات المختلفة في الإنتاج العلميّ العالميّ، حيث إنّ القوى العظمى في عالمنا اليوم لا تكتسب قوّتها من محض قوّتها العسكريّة ونفوذها الاقتصاديّ فحسب، بل كذلك بمقدار ما تنتجه من علمٍ ومعرفةٍ وما تجنيه من حصيلة البحث العلميّ الدّائب، لأنّ العلم هو السّلاح القويّ الّذي يعيد لنا أرضنا وثقافتنا وعزّنا ومجدنا، وهو أرضٌ خصبةٌ لإنبات رجالٍ يعرفون ما لهم وما عليهم، ويكونون قادرين على تغيير هذا الواقع الأليم، ومواجهة الأفكار الفاسدة والثّقافات المضلّلة، وإنّ العلم أساس نهضة الأمّة وقيام الحضارات، فبالعلم تُبنى الأمجاد، وتسود الشّعوب، وما فشا الجهل في أمّةٍ من الأمم إلا قوّض أركانها، وأوقعها في الرّذائل والمتاهات المهلكة.

إذا كان العلم أساس نهضة الأمّة فإن هذه النّهضة منوطةٌ بتربية أجيالٍ على علمٍ ومعرفةٍ، ولنعلمْ أنّ للأسرة دوراً عظيماً في تحمّل هذه المسؤوليّة؛ في غرس القيم في نفوس أولادهم.

3- رسائل للآباء والأمّهات، والمعلّمين والمعلّمات

عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ اللَّهُ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ أَحَفَظَ أَمْ ضَيَّعَ؟!). [ 4 ]

أوّلاً: رسالةٌ للمعلّمين والمعلّمات: التّعليم رسالةٌ عظيمةٌ تقلّدها الأنبياء، وورثها العلماء، وقام بها الصّلحاء، فطوبى لمن عرف حقّها، وأدّاها على الوجه المطلوب الّذي يرضي ربّ الأرض والسّماء، فبالتّعليم حقوقٌ وواجباتٌ وأماناتٌ، أشفقت من حملها الأرض والسّماوات، وخافت منها الجبال الرّاسيات، ولكنْ حملها المعلّمون والمعلّمات، حملوها على ظهورهم، ووضعوها في رقابهم، فطوبى للمخلصين المجدّين، وويلٌ للمستخفّين المضيّعين، قال: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13].

رسالة العلم والتّعليم رسالة ائتساءٍ واقتداءٍ بأشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، فقد كان خير المعلّمين وإمام المربّين والموجّهين، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ: ... فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ لِي: (إِنَّمَا الصَّلَاةُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ، فَإِذَا كُنْتَ فِيهَا فَلْيَكُنْ ذَلِكَ شَأْنُكَ)، فَمَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَطُّ أَرْفَقَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ. [ 5 ]

فكان خير المعلّمين والمربّين، حليماً رحيماً رفيقاً، ييسّر ولا يعسّر، ويبشّر ولا ينفّر، فاقتدوا أيّها المعلّمون بإمامكم، فإن الآمال معقودةٌ عليكم في تعليم النّاس وهدايتهم، وستجدون فيهم الجاهل والسّفيه، فاصبروا وصابروا، واغرسوا بأيديكم بذوراً؛ قريباً يكون ثمارها وحصادها، واغرسوا العلوم النّافعة والأخلاق الجامعة لخيري الدّنيا والآخرة، وكونوا أمام طلّابكم قدوةً حسنةً، فإنّ أعينهم تراقب أفعالكم، فأروهم من أنفسكم خيراً.

يا رعاة الجيل وأمنة التّعليم: أنتم بيت القصيد، ومحطّ الرّكب، وبين أيديكم عقول النّاشئة، وعدّة المجتمع وأمله، فأخلصوا لله، واعلموا أنّ نبيّكم أكبرَ من شأنكم، وأعلى من مقامكم، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، قَالَ: ذُكِرَ لِرَسُولِ اللهِ رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ وَالآخَرُ عَالِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: (فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ)، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ). [ 6 ]

رسالةٌ للآباء والأمّهات: إنّ مهمّة تربية الأولاد مهمّةٌ عظيمةٌ، لا سيّما في هذا الزّمن الّذي تلاطمت فيه أمواج الفتن واشتدّت فيه غربة الدّين، وكثرت دواعي الفساد، حتّى صار المربّي مع أولاده كراعي الغنم في أرض السّباع الضّارية، إن غفل عنها أكلتها الذّئاب، فأوصيكم أيّها الآباء والأمّهات بحقوق المعلّمين والمعلّمات خيراً، فاغرسوا في قلوب أبنائكم حبّ العلّم والعلماء، وإجلال المعلّمين والمعلّمات، وتوقيرهم واحترامهم؛ طلباً لمرضاة الله، فليس دوركم هو توفير الحاجيّات المدرسيّة والنّفقات اليوميّة فقط، فهذا واجبٌ عليكم تجاه أبنائكم، ولكنّكم أيّها الآباء عليكم واجبٌ أعظم وفرضٌ أكبر؛ ألا وهو: تحمّل المسؤوليّة الكبرى في تعليم أولادكم وتربيتهم ومتابعتهم، فأنتم المخاطبون بقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التّحريم: 6].

وهذه الآية أصلٌ في تعليم الأهل والذّريّة، واعلموا أنّ التّربية والتّعليم ليستْ مقتصرةً على المدارس والمعلّمين، بل هي عملٌ مشتركٌ بين الوالدَينِ والمدارس، فعلّموا أولادكم الأدب قبل ذهابهم إلى مقاعد الدّراسة وطلب العلم، وتأمّلوا كيف خاطب الله موسى عليه السلام، قال: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12].

لقد علّمه الأدب بقوله: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ}، وعلّمه أدب الحديث بقوله: {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} [طه:13].

وانظروا إلى هذا الموقف من والدة الإمام مالك بن أنسٍ رضي الله عنه لما أرادت أن ترسله لطلب العلم: "قال مالك: قلت لأمّي: أذهب فأكتب العلم؟ فقالت: تعال فالبس ثياب العلم، فألبستني ثياب مشمّرةً، ووضعت الطّويلة على رأسي، وعمّمتني فوقها، ثمّ قالت: اذهب فاكتب الآن، وكانت تقول: اذهب إلى ربيعة فتعلّم من أدبه قبل علمه". [ 7 ]

فقد وجّهته قبل أن يجلس في مجلس الدّرس والطّلب.

فراقبوا أولادكم، وقوموا بحقّهم، وابذلوا من أوقاتكم لرعايتهم والاهتمام بتعليمهم وتأديبهم.

ختاماً:

كمْ نحن اليوم بحاجةٍ إلى العلم النّافع الّذي نبني به حضارتنا، ونبلغ به مجدنا، و نقضي على داء الجهل الّذي ما انتشر في أمّةٍ إلا تهدّم بنيانها، وتزعزعت أركانها، وحلّ بها الخراب، لأنّه من وساوس الشّيطان، حيث إنّه أول ما يلّبس على النّاس أن يصدّهم عن العلم، ويأمرهم بالجهل، لأنّه يعلم أنّ العلم نورٌ، فيسعى جاهداً ليطفئ مصابيحهم ويجعلهم يتخبّطون في الظّلمات، وعندئذٍ يفرح فرحةً عظمى، لأنّه يستطيع بِدَاء الجهل أن يحقّق كلّ ثمرةٍ قبيحةٍ؛ من الكفر والفساد والظّلم والنّفاق ونحوها، فحريٌّ بنا أن نحرص على أن نتعلّم العلم النّافع، وأن نُكِبَّ على الدّراسة تعلّماً وقراءةً وكتابةً، وجديرٌ بمن كان أمّيّاً أن يلتحق بأقرب مدرسةٍ إليه لينتصر على عدوّه -الجهل- فليس في الوجود أخطر من الجهل، وليس في الكون أشرف من العلم، فكلّنا -اليوم- أملٌ بالله جل جلاله أن يتخرّج من مدارسنا: الطّبيب والتّاجر والجنديّ والقاضي والخطيب والشّاعر المجيد والثّائر الأديب والصّالح لدينه ودنياه، وذلك لا يكون إلّا بالمعرفة والعمل، بمختلف العلوم الّتي بها تستقيم أمور المجتمع، ويسود بها النّظام والأمن والأمان.

 

1 - مسند أحمد: 2216

2 - صحيح البخاريّ: 7310

3 - سنن أبي داود: 3645

4 - صحيح ابن حبّان: 4492

5 - سنن أبي داود: 931

6 - سنن التّرمذيّ: 2685

7 - الديباج المذهّب في معرفة أعيان علماء المذهب، برهان الدّين اليعمريّ، ص98

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين