مقتطفات من سيرة الإمام النووي رحمه الله (2)

10- مؤلفاته:

لقد بارَك الله - تعالى - في عمر الإمام النَّوَوِيِّ ووقته؛ فمع أن عمره (45) سنة إلا أنَّه ترك مؤلَّفات سارَتْ بها الرُّكبان في حياته وبعد مَماتِه، وأصبَحت مَراجِع غنيَّة، ومَصادِر ثريَّة، ينهل منها العُلَماء وطلبة العلم والعامَّة، ولا تَكاد تجد عالمًا أو طالب علم بعدَ الإمام النَّوَوِيِّ إلا وقد استَفاد من مؤلفات الإمام النَّوَوِيِّ بواسطة وبغير واسطة، وهذه إحدى كرامات هذا الإمام الجليل وبركة إخلاصه.

قال العلامة ابن الملقن رحمه الله:

"وصنَّفَ - أي الإمام النووي رحمه الله- كتبًا أضحتْ للدين والإسلام أنجمًا وشهبًا، منها:

1- الأذكار.

2- أربعون حديثًا.

3- الإرشاد في علوم الحديث. مختصر "علوم الحديث" للشيخ أبي عمرو بن الصلاح.

4- الأصول والضوابط. وهي أوراق لطيفة.

5- الإيضاح في مناسك الحج.

6- التبيان في آداب حملة القرآن.

7- التحرير في لغات "التنبيه". وما أكثرَ فوائدَه، وفيه إعوازٌ ذكرتُه في جزء.

8- تعليقة على "الوسيط" في جزأين، رأيتُهما في رحلتي إلى القدس الشريف، ورأيتُهما في بلدنا مصر أيضًا.

9- التقريب مختصر "الإرشاد" المذكور.

10- تهذيب الأسماء واللغات الواقعة في الكتب الستة: أعني: "المختصر" للمُزني، و"الوسيط"، و"الوجيز"، و"التنبيه"، و"المهذب"، و"الروضة". ومات عنه مسودة، بيَّضه الشيخ جمال الدين المزي.

11- دقائق المنهاج.

12- الروضة. مختصر "شرح الرافعي الكبير". وهي كاسمها.

13- رؤوس المسائل.

14- رياض الصالحين.

15- شرح صحيح مسلم.

16- طبقات الفقهاء. تهذيب "طبقات الفقهاء" للشيخ أبي عمرو بن الصلاح، وفيها إعوازٌ ذكرتُه في جزء.

17- العمدة في تصحيح "التنبيه". وما أحسنَه! لكنه أهملَ قدرَهُ أو كثيرًا منه، فألحقَه مِن كلامهِ شيخُنا مفتي المسلمين جمالُ الدين عبدالرحيم الإسنوي في كتابيه: "التنقيح" و"التذكرة". أبقاه الله تعالى.

18- الفتاوى رتَّبها طالبُه مفتي المسلمين أبو الحسن بن العطار.

19- فتاو أخر. رأيتُها بخطه. أعني الجواب دون السؤال.

20- المُبهمات في الحديث. مختصر "مُبهمات" الحافظ أبي بكر الخطيب البغدادي.

21- مختصر "التذنيب" للرافعي.

22- مختصر "الإيضاح في مناسك الحج".

23- مختصر "التبيان في آداب حملة القرآن".

24- مسألة القيام.

25- مسألة تخميس الغنائم.

26- مناسك الحج. مختصرة جدًّا.

27- مناسك المرأة.

28- مناقب الإمام الشافعي. مختصر "مناقب الإمام الشافعي" للبيهقي، وهما مجلدان اختصرَهما في مجلدٍ بحذفَ الأسانيد. وقعتْ لي بخطه، لا يسع لطالب العلم أن يجهلها.

29- المنهاج مختصر "المحرَّر"، فرغ من تأليفه يوم الخميس تاسع عشر رمضان سنة تسع وستين وست مئة، كذا رأيتُه بخطه في آخر الكتاب.

30- النبيه. تعليقة على "التنبيه" نحو مجلدة.

هذه التصانيفُ كلُّها قد أكملها، ووقفتُ عليها.

31- مختصر "أسد الغابة في معرفة الصحابة" لابن الأثير. قال هو في أثناء كتابه "التقريب" إنه اختصر "أسد الغابة"، ولم أقفْ على شيءٍ من التصنيف المذكور، بل ولا اشتهر عنه.

*

• وأمّا الكتبُ التي شرَع فيها وعاجلته المنيةُ فمنها:

1- الإيجاز في شرح سنن أبي داود. قطعة وصل فيها إلى أثناء الوضوء. رأيتُه بخطه.

2- بستان العارفين في الزُّهد والتصوف. وهو بديع جدًّا.

3- التحقيق في الفقه. كتابٌ نفيسٌ، وصلَ فيه إلى أثناء صلاة المسافر، وكأنه مختصرُ "شرح المُهذَّب" الآتي.

4- التلخيص في شرح صحيح البخاري. وصلَ فيه إلى كتاب العلم. رأيتُه بخطه.

5- التنقيح في شرح "الوسيط". وصلَ فيه إلى أثناء كتاب الصلاة. رأيتُه بخطه.

6- جامع السُّنة. شرع في أوائله، وكتبَ منه دون كراسة.

7- الخلاصة في أحاديث الأحكام. وصل فيه إلى أثناء الزكاة. رأيتها بخطه. ولو كملتْ كانتْ غاية في بابها عديمة النظير.

8- دقائق "الروضة". وصل فيها إلى أثناء الصلاة، وهي نفيسةٌ.

9- شرح "التنبيه". وصل فيه إلى أثناء باب الحيض في جزء.

10- شرح "المُهذَّب" المُسمّى: "المجموع"، وصل فيه إلى أثناء باب الربا، ووقع في "تاريخ الإسلام" للذهبي أنه بلغ فيه إلى باب المصراة. وهو كتابٌ نفيسٌ لم يُصنَّف في المذهب على مثل أسلوبه، وليته أكمله وانخرمَ باقي كتبه، وبهذا الكتاب عُرف قدرُه رضي الله عنه.

11- كتاب على حديث: "إنما الأعمال بالنيات". لم يتمه.

*

قال ابنُ الملقن: "هذا ما حضرَني مِن تواليفه، وهي تنيفُ على (أربعين) تأليفًا، وكلُّها نافعٌ، بسبب نية مؤلِّفها، وإخلاصه في وضعها، وأكبَّ الناسُ على كتابتها -التامّة والناقصة- حتى إنه -رحمه الله تعالى- شرَع يختصرُ "التنبيه" فكتبَ منه ورقة، فكتبَها بعضُ الفضلاء في زمننا تبرُّكًا به رضي الله عنه، ورضي عنا به، وجمعَ بيني وبينه في دار كرامته، إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه".

11- النووي والظاهر بيبرس:

من أشهر قضايا الإمام النووي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقوفه في وجه الملك الظاهر بيبرس البندقداري في قضية الحوطة على الغوطة .

قال العلامة ابن كثير رحمه الله: “إنه قام على الظاهر في دار العدل في قضية الغوطة لما أرادوا وضع الأملاك على بساتينها، فرد عليهم ذلك، ووقى الله شرها بعد أن غضب السلطان، وأراد البطش به، ثم بعد ذلك أحبه وعظمه، حتى كان يقول: أنا أفزع منه”.

وعندما خرج الظاهر بيبرس لقتال التتار بالشام طلب فتاوى العلماء بأنه يجوز أخذ مال من الرعية ليستنصر به على قتال العدو، فكتب له فقهاء الشام بذلك، فقال الظاهر بيبرس: “هل بقي أحد لم يكتب ؟” فقالوا: “نعم، بقي الشيخ محيي الدين النووي”، فطلبه فقال: “اكتب خطك مع الفقهاء”، فامتنع، فقال: “ما سبب امتناعك؟” فقال: “أنا أعرف أنك كنت في الرق للأمير بندقدار، وليس لك مال، ثم مَنّ الله عليك وجعلك ملكاً، وسمعت أن عندك ألف مملوك كلهم عنده حياصة من ذهب، وعندك مئتا جارية، لكل جارية حق من الحلي، فإذا أنفقت ذلك كله، وبقيت مماليكك بالبنود الصوف بدلاً عن الحياصات الذهب وبقيت الجواري بثيابهن دون الحلي، ولم يبق في بيت المال شيء من نقد أو متاع أو أرض، أفتيتك بأخذ المال من الرعية، وإنما يُستعان على الجهاد وغيره بالافتقار إلى الله تعالى، واتباع آثار نبيه صلى الله عليه وسلم“، فغضب السلطان من كلامه وقال: “اخرج من بلدي” يعني دمشق، فقال: “السمع والطاعة”، وخرج إلى نوى، فقيل للملك: “ما سبب عدم قتلك له؟” فقال: “كلما أردت قتله أرى على عاتقه سَبْعَين يريدان افتراسي فأمتنع من ذلك” .

ولما رأى الإمام النووي أن المواجهة لم تُجدِ نفعاً عمد إلى الكتابة إليه بأسلوب فيه ترغيب وترهيب، فكتب إليه ووقع معه بعض العلماء.

12- وفاته وردّه للكتب المستعارة:

توفي الإمام النووي سنة (676هـ) بعد أن رجع إلى نَوى وردَّ الكتب المستعارة من الأوقاف، وزار مقبرة شيوخه، فدعا لهم وبكى، وزار أصحابه الأحياء وودّعهم، وزار والدَه وزار بيت المقدس والخليل، ثم عاد إلى نوى؛ فمرض بها، ومات في 24 من رجب، قال العلامة التاج السبكي: “لما مات النووي بنوى ارتجت دمشق وما حولها بالبكاء، وتأسف عليه المسلمون أسفاً شديداً ”.

فرحمه الله رحمةً واسعة، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء

 

اقرأ الجزء الأول من الترجمة

مقتطفات من سيرة الإمام النووي رحمه الله (1)