مقابلة مع الطبيب الباحث الأديب د. أحمد كنعان (2)

* ما تقويمك لجهود رابطة الأدب الإسلامي العالمية بما أنك عضو فيها ؟

- الأدب الإسلامي أدب موجود منذ فجر الإسلام، وليس صرعة من صرعات الصحوة الإسلامية المعاصرة؛ كما يحلو لبعض الحاقدين على الإسلام أن يصوروا هذا النوع من الأدب، فقد كان هذا النوع من الأدب موضع عناية وحفاوة من النبي صلى الله عليه وسلم، كما رأيناه في شعر حسان رضي الله تعالى عنه وغيره من شعراء الإسلام الأوائل ! والأدب الإسلامي ـ في نظري ـ هو الأدب الذي يروج للقيم الإنسانية النبيلة، ويعمل على الترويج لهذه القيم التي ترفع من شأن الإنسان وتعينه على عمارة لأرض كما أراد له خالقه عزَّ وجلَّ، فكل إنتاج أدبي تتوافر فيه هذه السمات هو أدب إسلامي حتى وإن كتبه غير المسلم، ورابطة الأدب الإسلامي العالمية تعمل جاهدة على نشر هذا المفهوم للأدب والتركيز عليه من خلال أنشطتها ومنشوراتها المختلفة .

* يجيب الكثير من المبدعين أن أعمالهم الإبداعية كأبنائهم لا يستطيعون تفضيل واحد منها على الآخر ، فما قولك ؟

- عملية الإبداع عملية شاقة تستهلك الكثير من وقت المبدع وجهده وأعصابه، فلا غرابة أن تحتل أعماله الإبداعية مكانة خاصة في نفسه مثل أولاده وربما أكثر ! أما إذا أردت ترتيب أعمالي التي أنجزتها فإنني أضع أبحاثي الإسلامية في المقدمة ، لاعتقادي بأن أمتنا في الوقت الراهن أشد حاجة لمثل هذه الأعمال التي تستهدف النهوض بها من حالة التخلف، ثم يأتي بعد ذلك إنتاجي الطبي والأدبي .

* ما هو جديد د. كنعان في عالم الكلمة ؟

- أحدث ما كتبت قصيدة حنين إلى مدينتي الغالية دمشق، فرج الله عنها، أقول في القصيدة :

دمـشـق .. يا نـسريـنةً سـَكبَتْ=فـي مُقْلَتــَـيَّ النـَّـار والـشـَّـررا 

هل لي إلى عـينيـكِ من أمــلٍ=أمْ ..ماتَ عهـدُ الحـُبِّ واندثرا ؟! 

يا بـَسـمةَ الألحانِ في وَتَـري=عـودي لثغـري اللـَّحـنَ والوَتـَرا 

واستسلمي للحُبِّ.. وانهـَمِري=إني أحــِــبُّ الحــُـبَّ مُنْهـَمـــِــرا

دمـشقُ ..ضاقَ العُمرُ فاختصري=قـدَري ..أعـيشُ الحـُبَّ مختَصرا

أما آخر كتاب صدر لي فهو كتاب "نظرات في علم أصول الفقه" وقد صدر عن مركز البحوث والدراسات في وزارة الأوقاف بدولة الكويت الشقيقة، كما فرغت قبل أيام من تحرير كتابي "الثقافة الإسلامية" وأنا حالياً بصدد وضع بعض البحوث في أخلاقيات الطب بالتواصل مع مركز الأخلاقيات الحيوية (Bioethics Center) في جامعة هارفارد في بوسطن .

* وهل أنت راض عن إصدارات الأدب الإسلامي ؟

- قناعتي أن الحضارة بناء متكامل، فلا يمكن للأمة أن تكون متحضرة في الأدب بينما هي متخلفة في التعليم مثلاً، ولا يغير من هذه الحقيقة ظهور بعض المبدعين في الأمم المتخلفة بين الحين والآخر، فهؤلاء يظلون ندرة نادرة لا تؤثر كثيراً في الحالة العامة للأمة، والأدب الإسلامي حاول وما زال يحاول أن يقدم شيئاً من الإبداع، وقد عمل جاهداً على تحريض ملكة الإبداع وبخاصة عند الجيل الجديد من الكتاب، إلا أن مشكلة التخلف في الأدب وفي غيره تبقى مشكلة أمة وليست مشكلة أدب أو أديب أو مفكر، وكلنا أمل أن تستطيع أمتنا تجاوز أزماتها الراهنة في شتى الميادين بما فيها ميدان الأدب، وأن تقوم مرة أخرى بواجبها في الشهادة على العالمين كما يريد لها ربها "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكون شهداء على الناس" علماً بأن الشهادة المطلوبة من أمتنا ليست مجرد فرجة وإنما المطلوب هو القيادة والريادة في شتى الحقول .

* ما هي أهم أزمات المثقف العربي المعاصرة ؟ وماذا عن اغتراب وغربة المبدع العربي ؟

- المثقف العربي فرد من أبناء الأمة التي تمتد من الماء إلى الماء، وهي تعيش اليوم جملة لا تكاد تحصى من الأزمات الفكرية والسياسية والاجتماعية الحادة، إلا أن الأزمة الأهم في نظري هي غياب الحرية التي بالرغم من كل النضالات التي خاضتها أمتنا ماتزال مساحتها أضيق بكثير من أن تدع للمثقف العربي فرصة حقيقية للتعبير عن همومه وآماله وأحلامه .. وتنقلنا هذه الحقيقة المرة فوراً إلى الشق الآخر من سؤالك عن اغتراب المثقف وغربته، فالمثقف العربي الذي ناضل طويلاً من أجل الحرية، وحاول جاهداً أن يتنفس في وطنه الهواء النقي فلم يفلح، عندئذ لم يجد بداً من الهجرة والاغتراب ومغـادرة الوطـن وهـو يتجرع الحسـرات، ويكفي أن نلقي اليـوم نظـرة نحـو الغـرب لنجد ـ للأسف الشديد ـ أن نخبة من خيرة مثقفينا تعيش هناك باحثة عن الحرية التي افتقدتها في وطنها، والتي لا حياة للإبداع بدونها ! 

* ما هي أهم إنجازاتك الطبية أو الأدبية ؟

  • لقد نشرت على مدى الأربعين سنة التي مضت على مزاولتي للطب عدة بحوث طبية ولاسيما في حقل مكافحة الأمراض المعدية الذي تخصصت فيه، كما نشرت عدداً من الكتب والموسوعات العلمية، وفي الأدب نشرت الكثير من القصص القصيرة والقصائد والمقالات الأدبية والعلمية والفكرية .
  • الحلقة السابقة من الحوار هـــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين