مفاهيم أولية  في ( السياسة الشرعية ) يجهلها كثيرون

 

- تعريفها : هي أيُّ فعل يحقق الصلاح في المجتمع ويُبعد عنه الفساد , وإن لم يرد هذا الفعل في القرآن ولا في السنّة , المهم أن لا يخالف الشرع .

هذا التعريف ذكره ابن القيم  في كتابه : " الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ", بل أضاف شارحا أن الخلل عند البعض هو عدم معرفة ( الشريعة ) و ( الواقع ) وتنزيل أحدهما على الآخر .. 

 

- مباحثها ( أي مباحث الخلافة , الإمامة .. ) : هي من الفروع والفقهيات , وهذا ما ذكره إمام الحرمين الجويني في أشهر كتاب في السياسة الشرعية :  "الغياثي " بقوله : ".. وَلَيْسَتِ الْإِمَامَةُ مِنْ قَوَاعِدِ الْعَقَائِدِ .. " .

ولذلك يقول ابن خلدون في مقدمته : " .. هي من المصالح العامَّة المفوَّضة إلى نظر الخلق " .

 

وبناءً على ذلك قام علماء الكلام كالآمدي والإيجي والتفتازاني والشهرستاني .. أثناء حديثهم عن العقيدة بالتأكيد على كونها من الفقه والفروع، وليست من الأصول والعقائد  كما عند الشيعة ..  

 

وأيضا شيخ الإسلام ابن تيمية قد أطال النفَس في التأكيد على أنها ليست من أصول الدين , وذلك في الجزء الأول من كتابه " منهاج السنة " ..

 

ويوضح الإمام الغزالي قضية مهمة وذلك في كتابه القيم : "  فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة  " - المهجور للأسف هذه الأيام - بقوله :

" وأصول الإيمان ثلاثة : ( الإيمان بالله، وبرسوله، وباليوم الآخر ) . وما عداه فروع .

واعلم أنه لا تكفير في الفروع أصلاً، إلا في مسألة واحدة.وهي أن ينكر أصلاً دينياً علم من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالتواتر.

لكن في بعضها تخطئة، كما في الفقهيات.وفي بعضها تبديع، كالخطأ المتعلق بالإمامة وأحوال الصحابة.

واعلم أن الخطأ في الإمامة، وتعيينها وشروطها، وما يتعلق به، لا يوجب شيء منه تكفيراً.

فقد أنكر ( ابن كيسان ) أصل وجوب الإمامة، ولا يلزم تكفيره.

ولا يلتفت إلى قوم يعظمون أمر الإمامة، ويجعلون الإيمان بالإمام مقروناً بالإيمان بالله ورسوله.

ولا إلى خصومهم المكفرين لهم بمجرد مذهبهم في الإمامة.

فكل ذلك إسراف ؛ إذ ليس في واحد من القولين تكذيب للرسول صلى الله عليه وسلم أصلاً، ومهما وجد التكذيب، وجب التكفير، وإن كان من الفروع " . انتهى كلامه .

 

وأختم بنقلين لهما دلالة جوهرية من كتاب " الغياثي " : 

- ( .. ومعظم مسائل الإمامة عريةٌ عن مسالك القطع , خليّة عن مدارك اليقين ) .

- ( .. ولا مطمع في وجدان ( أي : وجود ) نصٍّ من كتاب الله تعالى في تفاصيل الإمامة ) .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين