معنى آية فداء الأسرى

قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الأنفال: 67] الآية.

قال بعضُ المفسِّرين: في هذه الآية دليل على خطأ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، ذلك أنه استشار الصَّحابة في أسرى بدر، فأشار أبو بكر رضي الله عنه بأخذ الفداء منهم، وأشار عمر رضي الله عنه بقتلِهم، فمال إلى رأي أبي بكر، ونزل القرآنَ برأي عمر.

لكن لا خطأ في تصرف النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، لأنه مال إلى الأوفق بطبعه، وهو التَّيسير، وترك التعسير، ثم ترتَّب على ذلك خير كثير؛ لأن كثيرًا من الأسرى الَّذين دفعوا الفداء أسْلموا بعد، وحسن إسلامهم، ولهذا لم يوجِّه الله لومًا لنبيِّه، وإنَّما لام الصَّحابة: لأنهم قصدوا بالفداء النَّاحية المادية فقال تعالى: ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ [الأنفال: 67].

يؤيد هذا ما ثَبتَ في الصَّحيح أنَّ عمر رضي الله عنه دخل على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قبته يوم بدر، فوجده يبكي هو وأبو بكر رضي الله عنه فسألَه عن سبب بكائهما، فقال: «عرض عليَّ عذابكم أدنى من هذه الشَّجرة» وأشار إلى شجرةٍ قريبةٍ منه، ثم أخذت الآية أن ما حصلَ من الفداء والغنائم، سبق الكتاب بإحلاله لهم، فقال تعالى: ﴿لَّوۡلَا كِتَٰبٞ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمۡ فِيمَآ أَخَذۡتُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ٦٨ فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ﴾ [الأنفال: ٦٨-٦٩].

والحاصل: أنَّ ما مال إليه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ترتَّبَ عليه ثلاثة أمور:

الأول: موافقة الكتاب السابق بذلك.

الثاني: إسلام كثير من الأسرى الذين دفعوا الفداء.

الثالث: إحلال الغنائم، فعمل تترتَّب عليه هذه النَّتائج العظيمة، لا يكون خطأ أبدًا، وبالله التوفيق.

من كتاب:" خواطر دينية"

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين