معركة عقيدة بالدرجة الأولى

قبل قرن تماماً وفي ظِلّ ظروف مُعتمة مريرة مرَّتْ بالمسلمين إثر انهيار الدولة العثمانية وتفكُّكها بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى: استُهدف (الإسلام) بالعدوان وأشدّ ما طاله الأعداء منه: حقائق الإيمان في نفوس المسلمين، وصلاحية الشريعة للحكم!

وحينئذ كان من الحكمة والفهم العميق أن يكون محور دعوة أحد المجدِّدين في القرن الماضي (الإمام النُّورْسي رحمه الله): تثبيت حقائق الإيمان.

ومنذ بروز التوجّه الإسلامي بقوة قبل نصف قرن ومطالبة الإسلاميين في بلاد المسلمين بالعودة إلى الإسلام ديناً ودولة، شعائر وشرائع، عبادة وحضارة: تَتَتالى المؤمرات لتشويه صورة الإسلام بشكل أبشع، مع الإكثار من رمي الشبهات في وجهه، وقد بلغت الذروةَ بعد انطلاقة ثورات التحرُّر قبل سبع سنوات التي رأى فيها الغَرْب - ومعه عملاؤه من العرب - ذروة التحدّي لمشروعه الهادف لتحطيم معنويات المسلمين وأملهم بالحرية والاستقلال، ولزعزعة ثقتهم بدينهم وصلاحيته للقيادة الحضارية، فعملت القُوى الدَّوْلية على ثلاثة مسارات: الأول - إفشال الثورات بإمداد "الدولة العميقة" في كل بلد بكل دعم تحتاجه لإفشال الثورة وتخريب البلاد وإفقاد الشعوب الأمل وإشاعة الإحباط.

والثاني - إظهار قُوى ومليشيات مسلّحة تمارس التوحّش بأبشع صوره باسم الجهاد أو دفاعاً عن المذهب وإلصاق التهمة بالإسلام للوصول عن طريق استخدام نظرية (الاشتراط الكلاسيكي) التي طبّقها على الكلب والطعام والجَرَس الطبيبُ الروسي إيفان بافلوف (ت 1936)، إلى الربط باستمرار بين الإسلام والمسلمين وبين كلمات وصُوَر الإرهاب والعنف والقتل بحيث صار مجرد ذِكر الإسلام أو جماعة إسلامية يُستحضر فوراً الخوف من الإسلام والنفور منه (إسلاموفوبيا).

والثالث - إطلاق عواصف هوجاء من الشبهات ضد الإسلام وإفساح المجال لمن يطلقون عليهم "تنويريون" ليكونوا قدوة في التمرُّد على الدين والردة عنه حتى كتب أحدهم على صفحته على "الفايس بووك": منهج النبوة أكل عليه الدهر وشَرِب ! ولو كان محمد في عصرنا لاختار العلمانية!! وتمادى الشاعر السوري علي أحمد سعيد إسبر المعروف بأدونيس الذي يتطاول باستمرار على الله رب العالمين حتى قال في إحدى مقابلاته المتلفزة: (إن وحدانية الله ديكتاتورية، فهذا الإله يريد التفرد بالألوهية وامتلاك العالم كله فيمارس بهذا التفرد شكلاً من أسوأ أشكال الدكتاتورية)!! وبلغت به الوقاحة والسخافة في ردّته حدّ القول: (إن تعدّد الآلهة هو ديمقراطية جديرة بالاتباع) !!!

لذا فإنّ من أعظم واجبات الدعاة وأهل العلم والجماعات الإسلامية اليوم تثبيت (حقائق الإيمان) وتعميق الثقة المطلقة بالإسلام دين الله الحق والتصدي بعِلْمية ومهارات إعلامية لأمواج التشكيك بالإسلام ونصوصه وحقائقه وقطعياته وثوابته، وتذكير المسلمين بأن ركن الدين الأول: هو (الإيمان)، وشرط صحة الأعمال وقبولها: أيضاً (الإيمان)، وآياتُ القرآن وأحاديث النبوة في بيان هذه الحقيقة متكاثرة!

وأردّد مع الداعية الشاعر الإسلامي شيخِنا د. عدنان النحوي رحمه الله نداءه:

يا أُمّتي إن لم تُفيقي فاشهدي=أمواجَ ليلٍ زاحفٍ متمدِّدِ

لُمّي صفوفَك أمّةَ الإسلامِ كالـ=بُنيانِ مشدوداً بعَهْدٍ آكَدِ

يا أمّة الإسلام تلك أمانةٌ=وشهادةٌ لله! قومي فاشهدي 

خُوضي ميادينَ الجهاد ورجِّعي=شوقَ الشهادة دون ذلك وانْهَدي

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين