معركة طوفان الأقصى.. بين رفع المعنويات وبيع الأوهام!

   في معاركنا التي نخوضها ضد الباطل تظهر أصناف كثيرة من الناس على حقيقتها، فيتميّز الصادقون، ويظهر المنافقون .. ويُدلي الجميع بآرائهم فتتكشف مكنونات العقول والقلوب ..

ولا شك أن في ذلك خيرا كبيرا، إلا أن فيه اختلاطا على كثير من الناس، فلا يستطيعون التمييز بين الحق والباطل لكثرة الآراء والتحليلات، ولضعف القدرة الإيمانية والعلمية على التمييز بين أهل الحق وأهل الباطل...

 

وأكثر صنفين يمكن ملاحظتهما ممكن يكتبون ويتكلمون ويحللون ما يجري من أحداث معركة طوفان الأقصى هما:

١. صنف متصهين منافق مرجف، همّه تخذيل المؤمنين، وتثبيط المجاهدين، يظهرون تحت أسماء وألقاب شتى كعلماء دين مزعومين، ومحللين سياسيين، وخبراء عسكريين، فضلاً عن التافهين الذين يملؤون وسائل التواصل المتعددة..

وعن هؤلاء قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه "روضة الطالبين": (يُمنع المُخذِّل من الخروج في الجيش.. والمُخذِّل من يُخوِّف الناس، بأن يقول: عدوُّنا كثير، وخيولنا ضعيفة، ولا طاقة لنا بهم، ونحو ذلك، وفي معناه المُرجِف والخائن...)

 

 وهذا الصنف يجب فضحه والتحذير منه، وبيان حقيقته للناس..

 

٢. صنف آخر على العكس من الصنف الأول، يقوم -بحسن نية وسوء فعل- بالمبالغة في وصف إنجازات المجاهدين، وادّعاء ما لم يفعلوه، ويتجاوز الحقائق، فينكر أي خطر مهما كان واضحاً، ويُغمض عينيه عن أي تهديد للعدو .. يطير بكل إشاعة لصالحنا ويروّج لها بدون تثبّت منها؛ حتى لو كانت مما لا يقبله العقل ولا يرضاه العلم ويخالفه الواقع.. وفي المقابل يرفض أيَّ تحليل علمي لمجرد أنه يخالف ما يتمنّاه، ويتّهم صاحبَه ويقلّل من شأنه وعلمه...!

يفعل كل ذلك بدعوى رفع المعنويات، والحرب النفسية، فيبيع الناسَ أوهاماً ما تلبث أن تتكشّف فيظهر زيفها، وتتبيّن الحقيقة المرّة، فتنقلب الحرب النفسية بأثر عكسيّ مدمّر للنفسيات وتنعدم الثقة ويسوء الحال...

 

والحق والمطلوب في ذلك هو الاعتدال والصدق والموضوعية..

صحيح أن رفع المعنويات من أهم أصول الحرب التي يجب مراعاتها والاهتمام بها، ولكن يجب أن يتم ذلك بدون مبالغات، وبدون أوهام وأحلام سرعان ما تنكشف .. بل نكتفي بالحقائق، ونركّز على بطولات وإنجازات المجاهدين الحقيقية، ونُظهر عجز العدو وضعفه أمام مجاهدينا..

 

إن الطريقة الشرعية الصحيحة التي يجب اتباعها في رفع المعنويات مستمدة من نصوص الوحي ومن أخلاقيات الدِّين.. وفي نصوص القرآن والسنة ما يكفي لشحذ العزائم ورفع الهِمم، وذلك بالتركيز على ما أعدّه الله للمجاهدين في سبيله فضلاً عن الشهداء، وببيان فضل الصبر على البلاء، والثبات في المِحن، والرضا بأقدار الله، وبربط القلوب بخالقها، والتذكير بأن النصر من عند الله، وأنه سبحانه على كل شيء قدير.. وكذلك بالتذكير بجُبن العدو وحِرصه على حياة !

وبنقل الصور الحقيقية لبطولات المجاهدين وضعف وهزيمة العدو على أرض المعركة...

 

إننا بهذه الطريقة الشرعية نكون قد حققنا ما نريد من رفع للمعنويات، ومن حرب نفسية على العدو .. ملتزمين في ذلك بالمصداقية والموضوعية، ومعتمدين على نصوص الشريعة الغرّاء التي في اتباعها يتحقق كل خير مما نريد بعون الله الناصر المعين.


جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين