مصافي الحكيم الثلاثة

كلمته - حين التقيته - في أمرِ جار لنا لا علاقة له به سوى أنه قد يسلم عليه إذا رآه وهو يَطرُقُ بابي، فاستمع إليّ بأدب – وهذا دأبه – ولو كانت القصة لا تعنيه. فلما أنهيت حديثي نظر إليّ بعين المحب ثم قال: أتعرف " مصافي سقراط "؟

نظرت إليه متعجباً من سؤاله، فسأل مبتسماً مرة أخرى: أتعرف " فلاتر سقراط "؟

قلت: لم أسمع بها قطّ.

فابتدأ حديثه قائلاً:

لقي صقراط صاحبه الذي ما إن رآه حتى سلم عليه وبلهفة وقال له: سقراطُ يا صديقي؛ أتعلم ما سمعت عن أحد طلابك؟"

رد عليه سقراط: أود منك – قبل أن تخبرني - أن تجتاز امتحاناً صغيراً يدعى: " المصافي الثلاث "

قال الرجل متعجباً: " المصافي الثلاث؟ "

أجاب سقراط:هذا صحيح"، ثم تابع قائلاً:

إليك المصفاة الأولى " الصدق " أ أنت متأكد أن ما تودّ قولـَه صحيح؟"

كان رد الرجل: لا ؛ في الواقع أنني سمعت الخبر ليس غير.

قال سقراط مقاطعاً: حسنا، فأنت لم تتأكد من صحة الخبر أو خطئه...

فلنجرب المصفاة الثانية " الطيبة " فهل الخبر طيِّبٌ ووقعه على المسامع حسنٌ؟.

قال الرجل: لا، إنه على العكس تماماً...

تابع سقراط: حسَناً، إنك ستخبرني عن تلميذي ما ليس بالصحيح ولا الطيّب.

بدأ الرجل يشعر بالإحراج.

تابع سقراط: ما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان، فهناك مصفاة ثالثة

إنها " الفائدة "، أتعتقد أن الخبر يفيدني؟

ردّ الرجل: " أعتقد أنه لا يفيد.

تابع سقراط: إذا كنت ستخبرني شيئاً ليس بصحيح ولا طيب ولا يفيدني، فلماذا تخبرني به إذاً؟!

فهمت قصد صاحبي... فاحمرّ وجهي خجلاً.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين