مرحلة المكر والخداع وخلط الأوراق في الثورة السورية



يبدو أنّ ثورة الحرّيّة والكرامة على أرض بلاد الشّام المباركة تمرّ بمنعطفٍ حسّاسٍ وخطير، سواء وصلت هذه الثّورة إلى نهاياتها القريبة، أم ما زال المشوار طويل كما أتوقّع..

كلمةٌ أوجّهها إلى كلّ المجاهدين أولاً، ثمّ إلى من يخوض غمار هذا الصّراع المصيري دفاعاً عن أرضه وعرضه وكرامته وحقوقه المسحوقة، وقبل هذا وذاك نصرة لدينه وذوداً عن كرامة وحقوق أمّته الّتي تكالب عليها الأعداء وتواطأت لوأدها الأمم...

يبدو وكأنّ قرار إزاحة رأس النّظام ورموزه والدّائرة الضّيّقة حوله قد اتُّخِذ، لا محبّةً بثورتكم قطعاً، بل للإلتفاف عليها ومحاولة إجهاضها بالمكر والخداع بعدما استُنزِف هذا النّظام المجرم العميل ولم يعد يمكن الحفاظ عليه في مرحلة التّهاوي والتّفكّك والإنهيار أمام إصرار الشّعب السّوري الأبيّ على الصّمود مهما كلّف ذلك من ثمن، وأمام ضربات الثّوّار الموجعة...
والمرحلة خطرة ودقيقة وحسّاسة، هي مرحلة المكر والخداع كما ذكرنا، مرحلة التّآمر الخفيّ وخلط الأوراق من تحت الطّاولة، وقد تُمارس عليكم شتّى الضّغوط التّهويليّة من عسكريّة واقتصاديّة، ويُضيَّق عليكم الخناق لتقبلوا بعروض "أفضل الموجود"، فإيّاكم أن تضعفوا وتقبلوا بأنصاف الحلول الّتي لا تلبّي الحدّ الأدنى من حقوقكم وحرّيّتكم ووحدة بلادكم، وأهمّ من هذا وذاك سيادتكم الكاملة على قراركم واستقلاليّته..

ومهما بلغت المحنة مداها، فلن تبلغ نسبيّاً ما لاقاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه يوم الأحزاب، يوم حوصِروا في مدينتهم المنوّرة، وصمدوا وصبروا أمام عدوّ أتى من كلّ حدبٍ وصوب ليستأصل شأفتهم، وبلغت القلوب الحناجر وزُلزلوا، ولكن لم يحيدوا قيد أنملةٍ عن موقفهم ومبدئهم وعقيدتهم وثقتهم بربّهم ووعده، ونصرتهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتصديقاً لبشاراته، فأتاهم عندئذٍ من عند الله الفرج من حيث لم يحتسبوا، وزال الكرب، وأعقب ذلك مباشرة مرحلة من الفتوحات المجيدة غيّرت تاريخ البشريّة..

فعلى درب الله جلّ في علاه أعلوا راياتكم، ووحّدوا الألوية والكتائب ورصّوا الصّفوف، ثمّ وكّلوا أمركم للخالق المدبّر القويّ العزيز وتقدّموا، وسينصركم على أعدائكم مهما بلغوا من قوّة وحشدوا لكم الجيوش أو حاكوا لكم المؤامرات...

والله وليّ الأمر والتّدبير. 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين