مرحبا .. مؤتمر المشايخ

عبد الله زنجير

مؤتمر علماء المسلمين لنصرة الشعب السوري ، في إسطنبول 11 / شعبان الخير / 1432 ه ، يعتبر خطوة نوعية في رحلة استرجاع الذات و القرار ، ليس فقط على مستوى القضية السورية المثخنة ، بل إلى حالة سيادية سديدة تنطلق من قيم الخير و الحق و الشهادة ، و تصير بالضرورة لإسعاف ما أمكن و إنقاذ ما يمكن ، فلا تبديل ولا تدليس ولا جبتية ، إنما أصالة و معاصرة مدرسة محمد بسماحتها و أفضليتها و صلاحيتها لكل زمان و مكان .
لقد مضى حين من الدهر ، امتشقت فيه رسالة العلم و ارتهنت مكانة العلماء و خفتت أصواتهم ، فالدعوة وظيفة راتبة و التبليغ تهور و تهلكة والكتمان حكمة و حنكة ، حتى فسد ملح البلد و غيبت كلمة العدل و صدقيتها وافتقدنا حيوية الروح وأدب التربية .. و إذ تطل مبادرات ترقى لألم المرحلة و تداعيات الحمى والسهر - كهذا الملتقى المستقل - فإن نافذة عريضة تشرع على أنموذج في الفهم والجماعة و نكران الذات كنا ننتظر و نستشرف ، دورا و إحياء و تجديدا و ترشيدا . و الآن التئام عقد أصحاب الحظ الوافر و الكتب القيمة ، في آخر عاصمة للخلافة و المشيخة الإسلامية ، له دلالاته المفرحة و البشيرة بتعامل فقهي حي مع المصالح المرسلة و توصيف الفوائد و المفاسد ، و كذا الاستجابة الحقيقية لفزع الناس الفطري ، إلى ورثة الأنبياء في استلهام المواقف و الفتاوى و قراءة الوقائع و المفاهيم .
إن ما يحصل في سورية من انتفاضة السلم و الحرية ، يؤشر لحضارة لم تنطفئ و لجذوة لم تخبوا ، فقد رأينا شيخ قراء الشآم محمد كريم راجح ، و نجل داعيتها الأشهر الشيخ أسامة الرفاعي ، و شافعيها الصغير الشيخ هاشم المجذوب ، و شيخ أمويها الأسبق أحمد معاذ الخطيب ، و الشيخ الصياصنة و غيره و غيره ، رأيناهم على اليوتيوب أمرا و صدحا بالمعروف و بينات الشريعة و النور ، أعادت ذاكرتنا لأئمة كانوا مضرب المثل في الجرأة و الجهاد ، أشواقا لمعادلة الأمة الداعية و حاجات البشرية الظامئة !! و لنطمئن بأن الاستعمار الثقافي للمسلمين أخفق في هدم مكانة الشيخ ، و الحاكم المستبد ما يزال مرتعبا من صيحة الشيخ ، و الكرسي الذي أجبر الشيخ على تركه ما زال شاغرا .
مرحبا بمؤتمر المشايخ و تمازج الدين و الدنيا ، و الوعي و الوسطية ، والفكر و السياسة ، والمبادئ و النوازل ، و الغيرة و التسامح . و أهنئ كل من أسهم بإيقاد شمعته المشرقة ، و أعذر كل من دعي لمحصوله فأبدى بعض أو جميع أنواع المعاذير
و تقبل الله صالح الأعمال

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين