مرجعية الكبريـــــــاء

 
 
 
الأستاذة: سميرة بيطام
 
 
كل أسطورة إسلامية تكتب و تمجد لأبطالها الفاتحين ، و كل سنفونية رائعة تعزف لملحنيها الأفاضل في تمجيد كل ما للإسلام ينتمي ،و كل إثراء لمسألة رد الاعتبار في كل شيء هو حق ما ضاع ورائه مطالب ، سيكون من أولوية الأولويات بث النشاط في التعاطي مع الحياة بكل أصنافها في التقاليد و العادات.
 
فحالة التكبر تدعو و تثير الإعجاب بالنفس في خيلاء مظللة ،و التطاول على الغير من ضعاف القدر بالقول و الفعل ، و الأخطر من ذلك حب امتلاك ضمائر التوحيد في أن لا يسمع صوتهم بعد اليوم و لا أن يرفع الآذان من على مآذن الشموخ ،يبدو الأمر هين و يبدو التجاوب مع الحدث أكثر من عادي ، و لكن هناك ما يسمى بالكبرياء في قول لا ، في رفض مقت هؤلاء الأكابر الأتقياء ، فلو كان فيه تزاحم الشبه في الخلقة و المكونات لرحبنا بكسر الخواطر في تراجم السير ، و لكن اختلاف الاعتقاد و التعاطي مع متطلبات العقيدة يجعل من الأكابر المتواضعين في عطاء مستمر.
 
فنصوص حقوق الإنسان على مر الأزمان تندد بالرفض لأساليب القهر و الظلم و الإبادة بكل أساليبها و لعل الخريطة الحربية و التي اعتمدتها باتفاقية فيينا لقانون المعاهدات سردت في ديباجتها أن مبادئ حرية الإرادة ، و حسن النية ، و قاعدة العقد شريعة المتعاقدين معترف بها عالميا ، و أن المعاهدات المتعلقة بالمنازعات و كيفية حل المنازعات الدولية يجب أن تسوى بالطرق السلمية ووفق مبادئ العدالة و باسم سمو القانون الدولي على القوانين الوطنية.
 
أظن أن الميدان الدولي لم يشهد عدالات باسم القانون ، حتى أن التقنين الجديد و التعديلات المستحدثة أفسدت بل ضيعت الود في القضية ،و أصبح مصير الموحدين و الطائعين و المقبلين على انعتاق الروح من أفواه البنادق بالكاد يضمنون لقمة العيش لتكمل الحياة مسيرتها دونما انقطاع ، لكن الانقطاع المستثني من حرية الضمير موجودة و ينخر مساكن المسبحين و اللاجئين إلى إنصاف الله ، فحين تغيب أحقية العدالة في كل شيء بعجز من القوى الفاعلة ، يصبح التأهب للهدوء هو ملاذ المستضعفين في الأرض خوفا من نصوص لا تطفئ ظمأ العطش و لا تعيد امتياز المصنفين في احترام القوانين هم الأوائل ، أظن أن
 
اختلال الموازين على الأرض سببه غياب التطبيق العقلاني و الفعلي لأصناف المواد القانونية المتحفة ببريق الأمل و كذا محتوى المعاهدات الدولية و التي تلحن كل يوم لأمن هو كالسراب في تتبعه.
 
إن انكفاف المطالبين بالحقوق على الرجعية في تحقيق النجاح و بكل الطرق لم يجد ضالته بعد لأنه احدث إرباكا للقوى الفاعلة و التي تسعى جاهدة في إخراج البلد و الشعب من حتمية التخلف بكل أشكاله ، ا اقتصاديا و سياسيا و حضاريا ، و أن كان الأخير يصنف بعيدا عن متطلبات الضرورة المستعجلة .
 
فالإشكال ليس في سن القوانين أو المعاهدات الدولية و إنما الإشكال في تكييف هذه القوانين مع الواقع و ضرورة التطبيق الفعلي لبنودها حتى لا تبقى حبر على ورق أو أنها تستعمل كبطاقة مربحة في آخر محاولات فك النزاع بالفوز و لو على حسابات مداخلات الرغبة الإنسانية في العيش بسلام.
 
فالسلام ما لم يكن فيه رد الاعتبار يغدو تقييدا لمصير شعوب تتطلع للعيش بعطاء منها هو عطاء الكبرياء ، لأن ثروات الإمداد بنفس الحياة موجودة و الطاقات التي ستحصد مصيرها بنفس الحياة موجودة ، فربما يصبح الاستغناء على التصديق على مثل هذه القوانين هو ما تتوصل إليه طاقات الطامحين و التي تبحث عن الاستقرار في كل شيء.
 
و يحضرني هنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم" الكبرياء ردائي و العظمة إزاري ، فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار" رواه مسلم و بن حبان في صحيحهما.
 
الأكيد أن العطاء يأتي من الكبرياء برداء الرفعة و الترفع عن كل ما ينافي و يناقض المبادئ الاسلامية، و متى كانت الرجعية السريعة إلى هذا المنطلق كان السباق بتفوق ، و ظفر بالجائزة باقتدار في العيش بسلام و التمتع بمتطلبات الحياة الرغيدة بعيدا عن لفائف الضياع و اليأس والتيئيس.                                                      

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين