مُرادُكَ أم مُرادُه

 

 

     مَن خرَجَ من بيَتِه مُجاهِدًا وغايتُهُ نَوالُ الشهادةِ التي تُبلّغُهُ ما عندَ اللهِ تعالى من النَّعيمِ المُقيمِ فيما تَشتَهيهِ الأنفُسُ وتَلَذُّ الأعينُ من القصورِ والحورِ فقد أحسَنَ وسعى للآخِرَةِ سَعيَها، إن سَلِمَتْ نيَّتُهُ من الأخلاطِ كالرياءِ والعَصَبيَّةِ ونحوِ ذلك. 

   ومَن خرَجَ وغايتُهُ أن تكونَ كلِمةُ اللهِ هي العُليا وسلطانُهُ هو الغالِبَ، ويُرغِمَ أولياءَ الشيطانِ، وأن ينصُرَ المُستَضعَفينَ ويُدافِعَ عن أعراضِهِم وحُرُماتهم، يبتغي بذلك وجهَ اللهِ والدارَ الآخرَةَ فقد أحسَنَ، وإحسانُهُ فوقَ إحسانِ الأوَّلِ وأحسَنُ. 

لأنَّ الأوَّلَ يدورُ في جِهادِهِ معَ مُرادِهِ منَ اللهِ، وحَظُّ نفسِهِ المُباحُ هو الغالِب. 

وأما الثاني فيَدورُ في جهادِهِ معَ مُرادِ اللهِ منهُ، وحَظُّ الدِّينِ هو الغالبُ. 

الأوَّلُ يقولُ: خُذْ مِنّي لأرضى، والثاني يقولُ: خُذْ مِنّي لِتَرضى.

وكلٌّ سَينالُ مِن إحسانِ خالقهِ بحَسبِ إحسانِهِ، والتفاضُلُ في درجَتَيهما بحسبِ التفاوتِ في غايَتَيهما.

وما نَقولُهُ في الجِهادِ نَقولُهُ في سائِرِ العباداتِ، فَزِنْ نفسَك وانظُرْ.. هل تدورُ فيها معَ مُرادِكَ منهُ أو معَ مُرادِهِ منك؟! 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين