مدينة القامشلي الجغرافي والسكاني والثقافي والديني

 

أولا ً : مدينة القامشلي جغرافيا ً وسكانيا ً : 

تقع مدينة القامشلي شمالي شرق سوريا في مثلث تلاقي الحدود السورية والتركية والعراقية , يحدها شمالا ً تركيا , وشرقا ً العراق , وجنوبا ً جبل سنجار , وغربا ً مدينة الحسكة التي هي المحافظة والمدينة مركز ٌ حيوي ٌ مهم ٌ في المحافظة تجاريا ً وزراعيا ً وموقعا ً , يبلغ تعداد سكانها اليوم الاربعمئة ألف تقريبا ً مع الضواحي التابعة لها والتي صارت جزءا ً متصلا ً بها .

تأسست المدينة بعد عام ( 1925م ) وسميت بالقامشلي وهي كلمة تركية تعني ( مكان القصب ) لأن القصب كان يحيط بجانبي النهر المسمى ( بجقجق ) المار بوسط المدينة والمنحدر من جبل ( طور عابدين ) أو ( جبل العابدين ) من نبعين آت ٍ من تركيا ويستمر في جريانه إلى نهر الخابور في الحسكة 

ثانيا ً : دينيا وثقافيا ً :

الدين الإسلامي هو الغالب كما ً وعددا ً .

الدين المسيحي ولا تزيد نسبتهم على 25% من المسلمين .

الدين اليهودي وهم قلة وقد رحلوا إلى أوروبا ومنهم إلى فلسطين .

الدين الإسلامي : 

وتتكون لحمته من العشائر العربية والكردية وبنسب ٍ متساوية تقريبا ً وتبلغ نسبة المسلمين في المدينة ( 75%) تقريبا ً وهم من السنة .

2 ) الدين المسيحي :

وتتألف من طوائف هي السريان والأرمن والأشورية بصورة عامة مع طوائف أخرى أقلية من الكلدان ومذاهب شتى , فمنهم الأرثوذكس و الكاثوليك و البروتستانت .

وخلاصة البحث : أن انتماءاتهم القومية والمذهبية متعددة وكثيرة ومختلفون فيما بينهم اختلافا ً كبيرا ً وعميقا ً لكن لا يبدو شيء منه للعيان بل يبدون في مواجهة المسلمين كتلة قوية واحدة .

وهم على مذاهبهم وطوائفهم لا يشكلون سوى ربع المسلمين كما مر , هذا من حيث الكم .

 

أما من حيث الكيف والتأثير فالأمر يختلف تماما ً إذ هم يشكلون الحجم الأكبر في كتلة النشاط والحركة للمدينة بشكل عام وتسيير الأمور فيها حتى لتكاد تحسب المدينة ذات أكثرية مسيحية من حيث الواجهة وهذا يعود إلى مرتكزات وأمور أخرى لها الأهمية الكبرى في جملة النشاط العام للمدينة .

و تتوضح هذه المرتكزات في :

1-الكنائس 2- المجالس الملية 3- الجمعيات الخيرية 4- الجمعيات الأخوية أو الأخويات 5- المدارس ( حضانة- ابتدائي – إعدادي ).

 

 ولنفصل مهمة كل واحدة منها و انشطاتها في المجالين الثقافي و الاجتماعي 

أولا ً : الكنائس : هي دور للعبادة وعددها /10/ أساسية وكبرى إذ أن لكل طائفة كنيستها الخاصة بها وفيها تقيم مراسيمها وطقوسها الدينية وشعائرها التعبدية حتى ليخيل للغريب القادم إلى المدينة أنها ذات صبغة مسيحية لكثرة الكنائس فيها وضخامتها بالمقارنة مع المساجد إذ ما أخذت نسبة السكان بين الطرفين بعين الاعتبار و تمتلك هذه الكنائس فرقا ً للعزف والإنشاد وتتبع كل كنيسة ( دار للمطرانية ) يقيم فيها رجال الدين المسيحي وتحوي أماكن للسكن والرقاد ومنشآت رياضية وقاعات للاجتماعات ومكتبات ضخمة وهي مقرات للمجالس الملية للطائفة , وفي الفترة الأخيرة قامت بعض المطرانيات بشراء مساحات واسعة من الأراضي لإنشاء أماكن سياحية وحدائق وملاعب للأطفال خارج المدينة .

وتعتبر( المطرانية ) المركز الرئيس للطائفة والقائمين على تسيير الأمور الخاصة بها , وفيها يستقبل الزوار والوفود والصحفيون وكبار الشخصيات الوافدة إلى المدينة , والمنشآت السابقة , والرياضية منها خاصة مفتوحة أمام الجميع بما فيهم أطفال المسلمين وشبابهم وشاباتهم , والجميع يقبلون عليها بشغف ٍ ويترددون عليها باستمرار .

ثانيا ً : المجالس الملية : وهي عبارة عن مجموعة منتخبة من قبل أعضاء الطائفة تقوم مع السلطة الدينية وبالتآزر معها بوضع الخطوط العريضة لتوجهات الطائفة , وتنبثق عنها لجان لكل لجنة مهمتها في الإشراف على أحد المرافق الخاصة بهذه الطائفة أو تلك ( مدارس , جمعيات , نوادي , جمع تبرعات ... الخ ) كما أن من مهمتها التنسيق مع المجالس الملية في المدن الأخرى والمحافظات لتكوّن الحلقة الكبرى المرتبطة بالكنيسة الخاصة بالطائفة .

ثالثا ً : الجمعيات الخيرية : هناك عدة جمعيات تمتلك الإمكانات المالية الجيدة والممتازة حتى السيارات وتشرف عليها لجان متفرعة عن المجالس الملية , مهمتها جمع المساعدات والإعانات ثم توزيعها على فقراء الطائفة ( كان هذا مهمة مؤسسة الزكاة في الإسلام فيما مضى ...! )

 

ويبلغ حجم المساعدات حدا ً كبيرا ً ويصل أحيانا ً إلى فتح محل صناعي لأحد أبناء الطائفة ومن هذه الجمعيات على سبيل المثال ( جمعية القديس منصور , الجمعية الخيرية , مأوى العجزة الذي هو في طور البناء ) 

رابعا ً : الجمعيات الأخوية أو الأخويات : وهي عبارة عن مراكز لإقامة النشاط الاجتماعي , وتمتلك فرقا ً موسيقية ترفيهية , وفرقا ً تمثيلية , وبوفات ( أماكن لبيع الصندويشات والمشروبات ) وتقام في مراكزها أنشطة اجتماعية مختلفة منها ( أعراس , حفلات تعارف , ندوات , حفلات رقص وغناء ) 

خامسا ً : الفرق الكشفية : ولدى هذه الأخويات فرق كشفية موسيقية عسكرية , ولها أنشطة كثيرة ومتعددة أهمها ( الرحلات ) وتساهم بشكل دائم في الأعياد الدينية العائدة لهم والمناسبات الوطنية والقومية كما تقوم بمراسيم الاستقبال للضيوف الوافدين إلى المدينة بشكل رسمي وترافق الجنائز عند تشعييها من كنائسهم .

سادسا ً : المدارس : ولهذه المدارس القدح المعلى في الأنشطة الثقافية العامة وهي ذات تأثير كبير في تربية النشأ وأبناء الطوائف وغرس تعاليم الدين المسيحي وعددها كثير وتنقسم إلى : ( أ – دور حضانة ب – ابتدائي ج- إعدادي ) ومنها على سبيل المثال : ( مدرسة الأمل – الانجيلية – الفرات – الأشورية ) وتدرس فيها تعاليم الدين المسيحي واللغة الأجنبية واللهجة الخاصة بالطائفة حفاظا ً عليها من النسيان أو الضياع ( كالسريانية , الأرمنية , الآشورية ) إضافة إلى اللغة العربية , وفي العطلة الصيفية تتحول هذه المدارس إلى مراكز لإقامة الدورات الصيفية للمناهج العلمية واللغوية والدينية , كما أنها تمتلك إمكانات مادية هائلة ووسائط نقل حديثة ( اوتوكار) لنقل التلاميذ إلى هذه المدارس من بيوتهم ثم إعادتهم إليها مقابل مبالغ مالية يدفعها أولياء التلاميذ , وفيها عدد كبير من الأطفال (مسلمين وغيرهم) , وهم يتلقون فيها البرنامج المعد لأبناء الطائفة .هذا غيض من فيض عن أنشطتهم وممارستهم العملية . أما النشاط في الاتجاه المقابل أي لدى ( المسلمين) فيقتصر على بعض الدروس الدينية في المدارس الرسمية العائدة للدولة ( حصص التربية الإسلامية ) وهناك نشاط ضئيل لا يقاس بأنشطتهم إذ يتم إلقاء الدروس في بعض المساجد كما تعقد حلقات في بعضها الأخر لتعليم القرآن الكريم صيفا ً كما هو الشأن في مدارس الأسد لتحفيظ القرآن.

 وبعد فقد اطلعتم على جلية الأمر ( أيها الموسرون القادرون ) ووضحت لكم الصورة وعرفتم الواقع الأليم لإخوة لكم في الدين فأنتم وما بدا لكم ..! ولن يحفى مسؤول عن مسؤوليته وإن الله سائلكم جميعا ً عما استرعاكم وأعطاكم واستخلفكم فيه , وكل يتحمل مسؤوليته على قدرها . على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر أهل الكرام المكارم 

وأسأل الله تعالى أن يتولانا جميعا ً بهدايته ورعايته وتوفيقه إلى ما فيه خير ديننا ودنيانا 

القامشلي : 4/8/1413 هـ والحمد لله رب العالمين

الموافق : 27/1/1993م 

وجدد في 2/4/1432 هـ 

الموافق لـ : 7/3/2011م 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين