مختارات من تفسير

من اللمسات القرآنية في سورة البقرة {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}

السؤال الأول:

ما دلالة قوله تعالى { يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ}[البقرة:3] ؟

الجواب:

1- الغيب هو كل ما غاب عن العين , ولذلك يقال :ليس مع العين أين؛ لأنّ ما تراه لا تريد عليه دليلاً ولكنّ الغيب لا تدركه الحواس إنما يُدرك بغيرها.

ومن المعروف أننا ندرك الأشياء بواسطة حواسنا الخمس (السمع،والبصر، والشم، والذوق واللمس) ولكنّ هناك أشياء تدرك بغير هذه الحواس.

أمثلة: حقيبتان لهما نفس الشكل واللون والحجم لا تستطيع بحواسك الظاهرة أنْ تدرك أيهما أثقل , لكن عن طريق حاسة العضل تستطيع معرفة الأثقل.

كذلك الشعور بالجوع والعطش والاستيقاظ والنفس البشرية وغيرها كلها إدراكات متعددة تعمل بغير علم منا، وقد يكون لهذه الإدراكات مقدمات.

و الغيب هو الشيء الذي ليس له مقدمات, ولا يمكن أنْ يصل إليه علمُ خَلْقٍ من خلق الله حتى الملائكة والجن وحتى الرسل إلا ما يعلّمه الله لرسله بما يشاء من الغيب.

وقمة الغيب هي الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وكذلك الإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، كل هذه الأمور أمور غيبية أخبرنا الله عنها , ولقد أراد الله تعالى رحمة بعقولنا أنْ يقرب لنا قضية الغيب فأعطانا من الكون المادي أدلة على أنّ وجود الشيء وإدراك هذا الوجود هما أمران منفصلان تماماً.

لهذا لا بدّ أنْ تعرف أنّ وجود الشيء مختلف تماماً عن إدراك هذا الشيء، فأنت لك روح لكن لا تدركها وإنما تشعر بأثرها في إحياء جسدك.

والله سبحانه قد أعطانا من آياته في الكون ما يجعلنا ندرك أنّ لهذا الكون خالقاً, وأنّ وراء كل ما في هذا الكون قوة هائلة هي التي خلقت وأبدعت ونظمت , فإذا جاء رسولٌ يبلغنا أنّ الله هو الذي خلق هذا الكون فلا بدّ أن نصدقه.

2ـ قوله تعالى: {الَّذِينَ} إمّا موصول بالمتقين على أنه صفة مجرورة، أو منصوب على المدح بتقدير: أعني الذين يؤمنون ، أو منقطع مرفوع على الابتداء مخبر عنهم بـ {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ }[البقرة:5] . 

3ـ قيل : الغيب: مصدر أقيم مكان اسم المفعول.

4ـ ذكر الله تعالى في آية النمل: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ } [النمل:65] ووصف المؤمنين بأنهم {يُؤمِنُونَ بالغَيِبِ} [البقرة:3] والسؤال : ما لا يُعلَمُ كيف يؤمن به ؟

والجواب: أنّ المراد هو الغيب الذي دلّ البرهان على صحته ووقوعه وذُكر في القرآن الكريم كالقيامة والجنة والنار .

السؤال الثاني:

ما معنى الصلاة لغة ؟ ولماذا كتبت بالواو{الصلوة}؟

الجواب:

1ـ ذكروا في لفظ الصلاة لغة أنها بمعنى : الدعاء . 

2 - لمعرفة لماذا كتبت كلمة {الصلوة} بالواو انظر الجواب في آية البقرة 238

السؤال الثالث:

ما معنى الرزق ؟ وما دلالة الحرف (من) في الآية ؟ ولماذا قدّم مفعول الفعل ؟

الجواب:

1ـ الرزق في كلام العرب هو الحظُّ كما في قوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة:82]. والحظُّ هو نصيب المرء وما هو خاص له دون غيره. 

2ـ أصل الإنفاق إخراج المال من اليد، ونفقت الدابة إذا ماتت أي: خرج روحها. 

3ـ أسند الرزق لله فهو المنعم.

4ـ قدّم مفعول الفعل دلالة على أنه أهم.

5ـ ( من) للتبعيض، أي: بعض مالهم وليس كله صيانة لهم وتسهيلاً على النفس.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين