مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (141)

﴿ﭐ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَشۡتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَٰٓئِكَ مَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ إِلَّا ٱلنَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ١٧٤ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡعَذَابَ بِٱلۡمَغۡفِرَةِۚ فَمَآ أَصۡبَرَهُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ١٧٥ ﴾ [البقرة: 174-175]

السؤال الأول:

قوله تعالى: ﴿ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡعَذَابَ بِٱلۡمَغۡفِرَةِۚ﴾ ما الذي أخذوه؟ وما الذي تركوه؟

الجواب:

القاعدة تقول: إنّ الباء مع الذاهب، كأنْ تقول: اشتريت الكتاب بألف، فالذاهب هو المال والمشترى هو الكتاب.

وفي الآية اشتروا الضلالة وخسروا الهدى، واشتروا العذاب وخسروا المغفرة، نسأل الله العافية.

السؤال الثاني:

ما نوع الاستفهام في الآية: ﴿فَمَآ أَصۡبَرَهُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ١٧٥﴾؟

الجواب:

1ـ قوله تعالى: ﴿فَمَآ أَصۡبَرَهُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ١٧٥﴾ هو استفهام للتعجب بقصد التوبيخ، والمعنى: ما الذي أصبرهم على النار حتى تركوا الحق واتبعوا الباطل.

2ـ للتعجب صيغتان: ما أفعَلَه، وأَفعِل به.

شواهد قرآنية:

﴿فَمَآ أَصۡبَرَهُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ١٧٥﴾ [البقرة:175].

﴿أَسۡمِعۡ بِهِمۡ وَأَبۡصِرۡ﴾ [مريم:38].

السؤال الثالث:

ما إعراب ﴿فَمَآ أَصۡبَرَهُمۡ﴾ وإعراب ﴿أَسۡمِعۡ بِهِمۡ﴾؟

الجواب:

1ـ إعراب ﴿فَمَآ أَصۡبَرَهُمۡ﴾:

ما: اسم نكرة للتعجب بمعنى: شيء عظيم، في محل رفع مبتدأ.

أصبرَ: فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره: هم، والهاء مفعول به، والجملة: خبر (ما).

2ـ إعراب ﴿أَسۡمِعۡ بِهِمۡ﴾:

أسمِع: فعل ماض جامد، جاء على صورة الأمر، مبنيٌّ على الفتح المقدر.

بهم: الباء حرف جر زائد، والهاء ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

السؤال الرابع:

ما أهم دلالات هاتين الآيتين؟

الجواب:

1ـ مضمون الآية (174) أنّ هناك وعيد شديد لمن كتم ما أنزل الله على رسله، لا سيّما خاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام، ابتغاء عرض دنيوي.

2ـ الآية وردت في رؤساء اليهود كانوا يأخذون من اتباعهم الهدايا على سبيل الرشوة، فلمّا بُعث النبي عليه السلام خافوا انقطاع تلك المنافع، فكتموا أمر وصف محمد عليه السلام في التوراة والإنجيل، وكتموا أمر شرائعه، عن طريق التحريف والتأويلات الباطلة.

3 ـ سماه: ﴿ثَمَنٗا قَلِيلًا﴾ إمّا أنه في نفسه قليل، أو هو فعلاً قليل مهما كثر مقابل ما سيصيبهم من الضرر العظيم والعذاب.

4ـ قوله تعالى: ﴿فِي بُطُونِهِمۡ﴾ أي ملء بطونهم، وهم وإنْ كان أكلهم لها في الدنيا كان طيباً في الحال، لكنّ عاقبته في النار في المآل.

5 ـ توعّدهم الله تعالى بثلاثة أشياء:

آ ـ غضب الله عليهم فلا يكلمهم يوم القيامة.

ب ـ عدم تزكية نفوسهم وعدم طهارتهم من دنس ذنوبهم.

ج ـ العذاب الأخروي الأليم.

6ـ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالآية وإنْ نزلت في اليهود لكنها عامة في حق كل من كتم شيئاً من أمر الدين يجب إظهاره.

7 ـ الآية (175) يعجب الله من إقدامهم على هذا المصير المؤلم، فما أجرأهم على النار!!!وما أشد احتمالهم لها!!! وهذا التعجب هو من باب الاستهانة والاستخفاف بهم. والله أعلم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين