مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (127)

{وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ١٥٤}[البقرة: 154]

السؤال الأول:

ما دلالة جملة {وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ} في الآية؟

الجواب:

لم يقل: (لا تعلمون) لأنّ المؤمنين إذا أخبرهم الله تعالى بأنهم أحياء، علموا أنهم أحياء، فلا يجوز أن ينفي عنهم العلم،ولكن يجوز أن يقال: {وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ} لأنه ليس كل ما علموه يشعرون به، كما أنه ليس كل ما علموه يحسونه بحواسهم، فلما كانوا لا يعلمون بحواسهم حياة الشهداء، وأنهم علموه بإخبار الله لهم، لذا قال تعالى: {وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ} دون (لا يعلمون). والله أعلم.

السؤال الثاني:

ما دلالة هذه الآية؟

الجواب:

1ـ من أعظم أنواع الصبر: الصبر على الجهاد في سبيل الله، لنشر الدعوة الإسلامية، وإزالة المعوقات أمامها.

2 ـ الآية تبين أنّ الشهداء في سبيل الله ليسوا أمواتاً بل هم أحياء، فلهم حياة خاصة بهم في قبورهم لا يعلم كيفيتها إلا الله تعالى، ولكنكم لا تشعرون بها، وفي هذا دليل على نعيم القبر.

3ـ شهداء المعركة لا يُغسّلون كالموتى، ويكفّنون في ثيابهم التي استشهدوا فيها، فهم أحياء، يحشرون على هيئتهم، اللون لون الدم، والريح ريح المسك، وهم يُرزقون كما نُرزق، ويفرحون كما نفرح.

4 ـ الشهيد يتمنى أن يعود إلى الدنيا فيُقتل عشرات المرات، لما يرى من الكرامة عند الله. وأرواح الشهداء وهم في الحياة البرزخية، في حواصل طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش. ويكفي في جلالة شأن الشهيد أنّ الله حظر أن يطلق عليه اسم الميت، ولم يحظر إطلاقه على غيره {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات}.

5 ـ هذه الآية هي التوجيه الثالث للمؤمنين، حيث تحثّهم على حب الشهادة في سبيل الله.

6ـ في قوله تعالى: {بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ} إيجاز، فقد حذف المبتدأ لأهمية ذكر الخبر (أحياء)، لأنهم ما كانوا يتصورون أنهم أحياء، فجاءت الجملة اسمية بتقدير: (هم أحياء) لتدل على الثبات والاستمرار.

كما أنّ هناك طباق بين: أحياء وأموات، وهو طباق رشيق لا تكلّف فيه.

والله أعلم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين