مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (107)

(وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبۡرَٰهِ‍ۧمُ بَنِيهِ وَيَعۡقُوبُ يَٰبَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ١٣٢) [البقرة:132]

السؤال الأول:

ما الفرق بين (وَصَّىٰ) و (أوصى )؟

الجواب:

1ـ الله تعالى يقول: (وَصَّىٰ) بالتشديد إذا كان أمر الوصية شديدا ومهماً، لذلك يستعمل وصّى في أمور الدين، وفي الأمور المعنوية: (وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبۡرَٰهِ‍ۧمُ بَنِيهِ وَيَعۡقُوبُ يَٰبَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ١٣٢) [البقرة:132] (وَلَقَدۡ وَصَّيۡنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِيَّاكُمۡ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ ) [النساء:131] .

أمّا (أوصى) فيستعملها الله تعالى في الأمور المادية:( يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيٓ أَوۡلَٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۚ) [النساء:11] .

2ـ لم ترد في القرآن (أوصى) في أمور الدين إلا في مكان واحد اقترنت بالأمور المادية، وهو قول السيد المسيح عليه السلام : (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيۡنَ مَا كُنتُ وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيّٗا٣١) [مريم:31] ، وفي غير هذه الآية لم ترد (أوصى) في أمور الدين، أمّا في هذا الموضع الوحيد فقد اقترنت الصلاة بالأمور المادية، وقد قالها السيد المسيح في المهد وهو غير مكلف أصلاً، وجاء بعدها ذكر الزكاة.

السؤال الثاني:

ما أهم النقاط في الآية؟

الجواب:

1ـ ذكرت هذه الآية الأمر السادس المستحسن التي حكاها الله عن إبراهيم عليه السلام .

2 ـ الضمير ( بها ) في قوله تعالى : (وَوَصَّىٰ بِهَآ) يعود إلى :

آ ـ الملة : (وَمَن يَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ) وهو الأقوى والأولى .

ب ـ أو إلى قوله تعالى : (أَسۡلَمۡتُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ١٣١) .

3ـ قوله تعالى : (وَيَعۡقُوبُ) معطوف على إبراهيم ، والمعنى أنه وصّى كوصية إبراهيم .

4 ـ خصّص إبراهيمُ بنيه بالوصية وعمّمها على الجميع لبيان شدة الاهتمام بها وأهميتها ورعايتها، وللعلم فإنّ لفظ ( الوصية ) أوكد من ( الأمر ) لأنّ الوصية تكون عند الخوف من الموت، وفي ذلك الوقت يكون احتياط الإنسان لدينه أشد وأتم ، ومن مات على شيء بُعث عليه.

5 ـ وردت (يابَنيَّ) بفتح الباء ثلاث مرات في القرآن الكريم في سياق الأب الناصح، ووردت (يا بُنيَّ) بضم الباء ست مرات في سياقات مختلفة، لتمثل أعظم وصية من الأب لابنه للتمسك بالدين.

6 ـ قوله تعالى : (فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ) أي : لا يأتيكم الموت إلا وأنتم على الإسلام, لأنّ من عاش على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بعث عليه , فالحياة على الإسلام نعمة ، والموت على الإسلام توفيق. والله أعلم .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين